تكنولوجيا ذكاء الأعمال لإنجاح المؤسسات

03 اغسطس 2015
تحتل تكنولوجيا ذكاء الأعمال مكانة مهمة داخل المؤسسات الاقتصادية(Getty)
+ الخط -
تزداد تحديات المؤسسات الاقتصادية والتجارية في عصرنا الحالي. فهي محاصرة بنظام اقتصادي عالمي قائم على عولمة الأسواق، انفتاح وتنافسية حادة بين المنشآت، وصعوبة التنبؤ بالمستقبل في ظل التتابع السريع للأحداث وديناميكية المتغيرات، فضلا عن الانتشار المطرد لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وعلى هذا الأساس، أصبح التفكير الاستراتيجي معقداً ومحتاجاً إلى وسائل عديدة لفك طلاسم السوق من فهم عميق للبيئة السياسية، القانونية، الاقتصادية والثقافية، كما يستوجب رصداً دقيقاً لسلوكيات المستهلك وتأثير البنية الاجتماعية عليه. إضافة إلى دراسة السياق المعرفي من خلال تفحص الابتكارات والاختراعات العملية، بل والتسابق على اقتناء المعارف الرقمية المتطورة القادرة على الدفع بالمؤسسات لتحقيق قفزات نوعية في مضمار المنافسة.

اقرأ أيضا: تكنولوجيا النقل الذكي... إنه المستقبل

وفي هذا السياق، يمثل التخطيط الاستراتيجي مساراً إدارياً يسعى إلى تحقيق إنجازات تقدمية للمشاريع في شكل مراحل مرتبطة الأوصال ومتفاعلة المعلومات، توفر فيها الموارد الكافية وتعرف فيها الوسائل والأساليب المتبعة بوضوح، علاوة على تحديد مسبق للأهداف، محاور العمل والبعد الزمني.

وتحتل تكنولوجيا ذكاء الأعمال واتخاذ القرار، مكانة مرموقة داخل المؤسسات الاقتصادية والتجارية، ليس فقط كمجموعة من الوسائل والأدوات التقنية التي تمكن تلك المؤسسات من إنجاز مهامها باحترافية وجودة عالية، مما يحقق أهداف المؤسسة ويكسبها مالياً، وإنما تعبر عن سند فكري قوي في منظومة تكنولوجية متكاملة الأركان للرفع من الأداء المؤسساتي والحصول على نسب كبيرة من حصص السوق.

وبذلك، تعتمد تكنولوجيا ذكاء الأعمال واتخاذ القرار على حركات مترابطة تهدف إلى تصميم استراتيجية المؤسسة وصياغة برنامج عمل قابل للتطبيق، حيث تبدأ بتجميع المعطيات الداخلية والخارجية للمؤسسة في قواعد للبيانات، فنجد قواعد للتخزين الشامل وللتمركز البنيوي للمعطيات، وقواعد تحليلية تحول المعطيات إلى معلومات من خلال إعطائها أبعادا زمنية ومكانية، ثم نشر وتوزيع المعلومات على مختلف الإدارات بما يسهل القيام بالوظائف وتعزيز الإنتاجية، وكذلك استغلال هذا النشر باستخراج المعلومات الرئيسية واستخدامها على الوجه الأمثل.

اقرأ أيضا: الأساسيات التقنية للبرامج التعاونية

ومما يجب التوقف عنده، أن هذه الحركات والمراحل المتتالية تتداخل مع البناء الاستراتيجي بالمؤسسات الاقتصادية والتجارية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن هنالك مستويات لاستعمال تكنولوجيا ذكاء الأعمال واتخاذ القرار. فالمستوى الأعلى يخص رسم تصور عام عن استراتيجية المؤسسة من خلال تنسيق حركات متسلسلة ومتسقة تسعى إلى تحقيق أهداف كبرى. أما المستوى الثاني فهو تنظيمي بامتياز يتم عبره توظيف الموارد بشكل ناجع، تحصد المؤسسة ثماره المالية وترشد وسائلها في نفس الوقت. في حين أن المستوى الأخير هو تطبيقي وتفعيلي تجسد فيه الاستراتيجية في مخططات عمل محددة الأهداف ومحدودة الأفق.

وعلى صعيد آخر، تنتج تكنولوجيا ذكاء الأعمال مخرجات هامة تتعلق بنوعية وكيفية اتخاذ القرار، فالمؤسسات الاقتصادية والتجارية باختلاف أشكالها من مصانع، مقاولات، منشآت، مؤسسات محلية أو متعددة الجنسيات، وباختلاف انتمائها للقطاع العام أو الخاص، تعمل على ثلاثة أنواع من القرارات والتي تساهم البرامج التطبيقية والأنظمة المعلوماتية في تزويدها بالمعلومات الكافية. يتعلق الأمر بقرارات سياسية تتخذ من خلال توازنات بين مصالح الفرقاء وتبحث على التقائية للنقاط المشتركة بين مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية والموظفين في داخل المؤسسة وكذلك بين أصحاب المصالح المشاركين في صناعة القرار بها كالدولة، الموردين والزبائن. على الجانب الآخر نجد قرارات استراتيجية تنبثق من مقاربة الفرص والإكراهات وتبدو قرارات منطقية، وكذلك، قرارات عقلانية تساعد المؤسسات للحصول على مميزات تنافسية عالية.

اقرأ أيضا: التكنولوجيا لإدارة المحافظ المالية

وتساهم تكنولوجيا ذكاء الأعمال واتخاذ القرارات في القيام بالتشخيص الاستراتيجي الذي يبين بيئة المؤسسة، قدراتها وتطلعاتها، ثم صناعة القرارات عبر توجهات محورية وتقطيع مجالات عمل المؤسسة وعوامل النجاح في كل مجال.

إضافة إلى كل ما سبق، تحيط هذه التكنولوجيا إنجاز مخططات العمل بهندسة معلوماتية تساعد على إدارة التغيير، ومراقبة الإنجازات.
(باحث وأكاديمي مغربي)
المساهمون