تكنولوجيا النقل الذكي... إنه المستقبل

06 يوليو 2015
تقنيات واتصالات
+ الخط -
تعيش المجتمعات البشرية تحديات عديدة. فالانفجار السكاني وازدياد معدلات التلوث، إضافة إلى الطفرة الاقتصادية الهامة للمدن واستعمال وسائل الاتصال والمعلوماتية، عوامل رئيسية في تغير منظومة النقل بالعالم. وفي خضم هذه المستجدات، يزداد الحديث عن نظم النقل الذكي كأحد ابتكارات ثورة المعلومات والتكنولوجيا التي تستخدم تقنيات الحاسب الآلي، الإلكترونيات، الأقمار الصناعية، أجهزة الاستشعار، الكشف والتحسس، وبرامج الاتصال من أجل تحسين أداء حركة التنقلات بالمدن وتعزيز مستويات السلامة والإنتاجية في المجمل. وبذلك، تكون نظم النقل الذكي مكوناً مركزياً في تقوية البنية التحتية والشبكة الطرقية للمدن، مما يوفر طاقة استيعابية كبيرة وإدارة للنقل ذات كفاءة عالية، قادرة على التعامل مع إكراهات الطقس، البيئة وحوادث السير.

تقنيات جديدة
وعلى هذا الأساس، تقوم أنظمة النقل الذكي على أدوات وتقنيات عديدة، تستوجب الضبط وربط مسار النقل، حيث نجد وسائل تجميع المعلومات، وهي عبارة عن قاعدة بيانات ضخمة، وبنوك للمعلومات تحصل على المعلومات عن طريق أجهزة تحسس المرور، كاميرات التعداد والمراقبة، مكاتب الحجز، تقارير الصيانة وراصد حوادث السير، علاوة على التقارير البيئية وتوقعات الطقس، ثم تقنيات معالجة البيانات وهي مجموعة من البرمجيات والتطبيقات التي تعمل على تنقية البيانات، تشخيصيها وتحليلها بغرض ملائمة المعلومات وتجاوبها مع المتغيرات الطرقية لتحقيق نجاعة لوسائل النقل. وكذلك تقنيات التحكم في المعلومات من خلال عدة وسائط كالإشارات المرورية، النشرات الإرشادية والتحذيرية، التنسيق بين مراكز إدارة النقل سواء التي تهتم بالتجهيز، المراقبة والأمن، وتسعى كلها إلى استغلال المعلومات المجمعة في السيطرة على النقل وإيصالها لمستخدمي الطرق عبر وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية.

اقرأ أيضا: الحاضنات التكنولوجية

استحداث الأنظمة
وفي ضوء ما سبق، تتميز نظم النقل الذكي بوجود أنظمة متطورة كالأنظمة المتقدمة لإدارة المرور، أنظمة معلومات المسافرين، عمليات تشغيل مركبات الشحن، أنظمة التحكم بالمركبات والأنظمة المتقدمة لمساعدة السائقين من أجل الارتقاء بالنقل العام، تخطيط المرور، توسيع شبكة السكة الحديدية وكذلك خطوط المطارات، الموانئ والملاحة، التشجيع على النقل الإيكولوجي باستعمال الدراجات، إضافة إلى تكامل السياسات العامة التي تهم النقل، التخطيط العمراني والأمن في المدينة.

وفي هذا الصدد، ترتكز نظم النقل الذكي على عناصر أساسية تخص البنية التحتية لشبكات الطرق ومنظومة النقل العام، مراكز التحكم المروري، أجهزة التحديد المكاني والعرض في المركبات، وكذلك التطبيقات المعلوماتية للخرائط الرقمية وبرامج الاتصالات لإدارة الأمن وحركة المرور، بما يسهل التحكم في الإشارات المرورية، تخفيف حوادث السير، الاستجابة السريعة والفعالة للطوارئ، تحصيل كفء لعوائد العبور، نشر المعلومة والشفافية إزاء المسافرين، وكذلك تفعيل خدمات الدفع الإلكتروني.

اقرأ أيضا: الطب عن بُعد... ثورة التكنولوجيا

إيجابيات كثيرة
وإجمالاً، تهدف نظم النقل الذكي إلى تأمين السلامة الطرقية والحد من حوادث السير وتكثيف إجراءات مواجهة الطوارئ والحماية الطرقية من خلال التوعية الاستباقية، تقديم خدمات الإسعاف والإنقاذ بجودة عالية واستجابة سريعة، تقوية سهولة الحركة المرورية، زيادة فعالية الطرق وتحسين إدارتها بتوسيع الطاقة الاستيعابية وتجهيز الطرق مع العمل على صيانتها. وكذلك الاستفادة من اختصار زمن الرحلات عبر تحديث منظومة النقل والتقليل من حالات التأخير علاوة على مساهمة النقل الذكي في الرفع من المقومات الاقتصادية وإنتاجية المؤسسات التجارية، وتخفيف وطء التلوث البيئي على النقل.

وفي الختام، تدخل نظم النقل الذكي في إطار سياق عام ينتشر فيه الاقتصاد الرقمي، وتواصل فيه تكنولوجيا المعلومات توغلها إلى جميع مناحي الحياة من تعليم، صحة وأمن، الأمر الذي يشكل محاور رئيسية للمدينة الذكية التي يساهم النقل ليس فقط في إرضاء رغبات مواطنيها بالتنقل في سلامة وبكلفة مناسبة، وإنما بترشيد الموارد، تحسين جودة الخدمات، وتطوير النقل بما يخدم التنمية المستدامة ويحفز على الاستثمار والتنافسية الاقتصادية.
(باحث وأكاديمي مغربي)
المساهمون