تُعتبر "الحوسبة عالية الأداء" (High Performance Computing) أحد أوجه التطور الكبير الذي شهدته تكنولوجيات الاتصال والمعلومات، فعلى الرغم من أن نشأتها ترجع إلى منتصف القرن الماضي إلا أن استخدامها تضاعف وتطور خلال العقد الأخير. وتدخل منظومة التقنيات التكنولوجية هذه في صلب الأعمال والاستثمارات.
ويُعنى بالحوسبة عالية الأداء ذاك المسار المتكامل من العمليات، التي تقوم بربط مجموعة من الأجهزة المعلوماتية بطرق محددة من أجل الارتقاء بالأداء وإنجاز المهام بطريقة أسرع، حيث يتم توزيع الأنشطة بشكل متوازن للعمل على المعالجات، وتحسين نظم التخزين، وانتقاء وتحليل البيانات، ثم المحافظة عليها ببرامج مركبة ودقيقة.
استراتيجية اقتصادية
لقد أصبحت الحوسبة عالية الأداء ركنا عتيدا في استراتيجيات المؤسسات الاقتصادية والتجارية، فهي تمثل آلية مهمة لتحقيق ميزة تنافسية بالأسواق. وبذلك، تساعد الحوسبة عالية الأداء على التصميم الصناعي وبناء التصورات الهيكلية حول المنتجات، كما تساهم في تحقيق فاعلية أكثر من خلال تقليل الكلفة وزيادة مردودية الإنتاج.
وعلى هذا الأساس، تسارع استخدامها وتضاعفت وتيرة التطبيقات المتعلقة بها لتشمل مجالات متعددة. في المجال الطبي يستعان بها لاكتشاف الأمراض والقيام بفحوصات متخصصة وتعزيز خدمات الشبكة الصحية عبر نمذجة الأعضاء والأدوية وإرساء مسالك الرعاية. ويلجأ لها المهندسون في التصميم الميكانيكي واختبار الأجهزة، فعلى سبيل المثال، تقوم الحوسبة عالية الأداء بإجراء محاكاة رقمية لصناعة السيارات وقياس مستويات الأمان بها، التنقيب عن الموارد الطاقية ونمذجة الخزانات، حيث تسمح هذه التقنية بتصوير طبقات الأرض وعرض خصائص الموارد الطاقية من مياه ونفط ثم معرفة إمكانية الاستخراج، وكلفة تحويل هذه المواد الخام إلى مواد صناعية.
وتُستعمل في الاقتصاد وإدارة الأعمال كوسيلة لتحليل المخاطر المالية وتدبير التداول الآلي، وفي المجال الإعلامي، تمكن من إنشاء المحتويات الرقمية والرسم بمساعدة الحاسوب وتحسين جودة الصورة والمؤثرات، ناهيك عن استخداماتها في التنبؤ بالطقس عبر توقع الأحوال الجوية والكوارث الطبيعية، والاعتماد عليها من طرف المختبرات العلمية والأكاديمية لإجراء البحوث المعمقة في مناهل العلوم.
وبناءً على ما سبق، تتميز الحوسبة عالية الأداء بمستقبل زاهر، فالرهان عليها كبير ويبدو ذلك واضحاً من خلال توجه عدة قطاعات لإرساء نظامها والاستفادة من منحها. وتجدر الإشارة هنا إلى استخدامها في الفحوص الدقيقة لمكافحة التهريب والمخدرات، والعمل بها لتطوير النماذج الرياضية والأبحاث التطبيقية الكاشفة عن تزوير بطاقات الهوية والائتمان، حيث أن نسبة الاحتيال المالي تصل إلى %20 من حالات الاحتيال في العالم، ثم دورها الكبير في صياغة نماذج لمواجهة المخاطر والكوارث بما يحقق الأمن والسلامة الداخلية للمؤسسات. تمتد استخدامات الحوسبة عالية الأداء إلى القطاع البيئي عبر تقوية البحث في المصادر البديلة للطاقة، والقيام بمحاكاة لتلوث مياه البحار وتعزيز مكاسب التنمية المستدامة من خلال تطبيقات للصيانة واستباق الأخطار البيئية.
وفي الدول العربية، تحتل الإدارات الحكومية المراتب الأولى في ترتيب المؤسسات التي تتوفر على الحوسبة عالية الأداء بما يتجاوز 60 مليون دولار كقيمة الاستثمار، يليها قطاع التعليم والصناعة بما مجموعه 54 مليون دولار، مما يؤكد الأهمية التي تحظى بها هذه التقنية.
علاوة على ذلك، تشير العديد من الدراسات الغربية أن الاستثمار في تكنولوجيا الحوسبة عالية الأداء مربح بنسب عالية، فعائد الاستثمار قد يتضاعف ثلاث مرات، كما تمكن المؤسسات الاقتصادية من خفض معدل الخطر عبر إجراءات وقائية متينة.
ومما يلاحظ في هذا الشأن، أن استعمال الحوسبة عالية الأداء يظل محصوراً عند المؤسسات الكبرى التي تتوفر على بنيات قادرة على مرافقة إنجازات هذه التقنية وعلى رأسمال بشري ذي كفاءة عالية، خصوصاً أن تحديات هذه التقنية تتجلى في كيفية الاستفادة منها دون التأثير على ميزانية المؤسسة، وكذلك بالتوفر على صمامات أمان تشكل حصناً منيعاً أمام الاختراقات المعلوماتية المهددة لأمنها.
(باحث وأكاديمي مغربي)
ويُعنى بالحوسبة عالية الأداء ذاك المسار المتكامل من العمليات، التي تقوم بربط مجموعة من الأجهزة المعلوماتية بطرق محددة من أجل الارتقاء بالأداء وإنجاز المهام بطريقة أسرع، حيث يتم توزيع الأنشطة بشكل متوازن للعمل على المعالجات، وتحسين نظم التخزين، وانتقاء وتحليل البيانات، ثم المحافظة عليها ببرامج مركبة ودقيقة.
استراتيجية اقتصادية
لقد أصبحت الحوسبة عالية الأداء ركنا عتيدا في استراتيجيات المؤسسات الاقتصادية والتجارية، فهي تمثل آلية مهمة لتحقيق ميزة تنافسية بالأسواق. وبذلك، تساعد الحوسبة عالية الأداء على التصميم الصناعي وبناء التصورات الهيكلية حول المنتجات، كما تساهم في تحقيق فاعلية أكثر من خلال تقليل الكلفة وزيادة مردودية الإنتاج.
وعلى هذا الأساس، تسارع استخدامها وتضاعفت وتيرة التطبيقات المتعلقة بها لتشمل مجالات متعددة. في المجال الطبي يستعان بها لاكتشاف الأمراض والقيام بفحوصات متخصصة وتعزيز خدمات الشبكة الصحية عبر نمذجة الأعضاء والأدوية وإرساء مسالك الرعاية. ويلجأ لها المهندسون في التصميم الميكانيكي واختبار الأجهزة، فعلى سبيل المثال، تقوم الحوسبة عالية الأداء بإجراء محاكاة رقمية لصناعة السيارات وقياس مستويات الأمان بها، التنقيب عن الموارد الطاقية ونمذجة الخزانات، حيث تسمح هذه التقنية بتصوير طبقات الأرض وعرض خصائص الموارد الطاقية من مياه ونفط ثم معرفة إمكانية الاستخراج، وكلفة تحويل هذه المواد الخام إلى مواد صناعية.
وتُستعمل في الاقتصاد وإدارة الأعمال كوسيلة لتحليل المخاطر المالية وتدبير التداول الآلي، وفي المجال الإعلامي، تمكن من إنشاء المحتويات الرقمية والرسم بمساعدة الحاسوب وتحسين جودة الصورة والمؤثرات، ناهيك عن استخداماتها في التنبؤ بالطقس عبر توقع الأحوال الجوية والكوارث الطبيعية، والاعتماد عليها من طرف المختبرات العلمية والأكاديمية لإجراء البحوث المعمقة في مناهل العلوم.
وبناءً على ما سبق، تتميز الحوسبة عالية الأداء بمستقبل زاهر، فالرهان عليها كبير ويبدو ذلك واضحاً من خلال توجه عدة قطاعات لإرساء نظامها والاستفادة من منحها. وتجدر الإشارة هنا إلى استخدامها في الفحوص الدقيقة لمكافحة التهريب والمخدرات، والعمل بها لتطوير النماذج الرياضية والأبحاث التطبيقية الكاشفة عن تزوير بطاقات الهوية والائتمان، حيث أن نسبة الاحتيال المالي تصل إلى %20 من حالات الاحتيال في العالم، ثم دورها الكبير في صياغة نماذج لمواجهة المخاطر والكوارث بما يحقق الأمن والسلامة الداخلية للمؤسسات. تمتد استخدامات الحوسبة عالية الأداء إلى القطاع البيئي عبر تقوية البحث في المصادر البديلة للطاقة، والقيام بمحاكاة لتلوث مياه البحار وتعزيز مكاسب التنمية المستدامة من خلال تطبيقات للصيانة واستباق الأخطار البيئية.
وفي الدول العربية، تحتل الإدارات الحكومية المراتب الأولى في ترتيب المؤسسات التي تتوفر على الحوسبة عالية الأداء بما يتجاوز 60 مليون دولار كقيمة الاستثمار، يليها قطاع التعليم والصناعة بما مجموعه 54 مليون دولار، مما يؤكد الأهمية التي تحظى بها هذه التقنية.
علاوة على ذلك، تشير العديد من الدراسات الغربية أن الاستثمار في تكنولوجيا الحوسبة عالية الأداء مربح بنسب عالية، فعائد الاستثمار قد يتضاعف ثلاث مرات، كما تمكن المؤسسات الاقتصادية من خفض معدل الخطر عبر إجراءات وقائية متينة.
ومما يلاحظ في هذا الشأن، أن استعمال الحوسبة عالية الأداء يظل محصوراً عند المؤسسات الكبرى التي تتوفر على بنيات قادرة على مرافقة إنجازات هذه التقنية وعلى رأسمال بشري ذي كفاءة عالية، خصوصاً أن تحديات هذه التقنية تتجلى في كيفية الاستفادة منها دون التأثير على ميزانية المؤسسة، وكذلك بالتوفر على صمامات أمان تشكل حصناً منيعاً أمام الاختراقات المعلوماتية المهددة لأمنها.
(باحث وأكاديمي مغربي)