تكافل فلسطيني لإغاثة متضرري كورونا

26 مارس 2020
ما زال محافظاً على عمله (حازم بدر/ فرانس برس)
+ الخط -
منذ أكثر من أسبوعَين، يلازم عبد الله منزله في الضفة الغربية المحتلة بعدما أغلق المقهى الذي يعمل فيه أبوابه على خلفية حالة الطوارئ التي أعلنت عنها الحكومة الفلسطينية لمنع تفشّي فيروس كورونا الجديد. وهو واحد من آلاف العاملين في منشآت، من قبيل المطاعم والمقاهي وصالات الأفراح والأندية الرياضية وغيرها، تعطّلت أعمالها أخيراً.

عبد الله في الخمسينيات من عمره، وهو يعمل مياومة في المقهى نفسه منذ نحو 20 عاماً، فيتقاضى أجره البالغ 70 شيقلاً (نحو 20 دولاراً أميركياً)، في نهاية كل يوم، علماً أنّه ربّ أسرة مؤلفة من ثمانية أفراد وابنته الكبرى شارفت على إنهاء دراستها الجامعية. يقول عبد الله لـ"العربي الجديد": "في حال عملت سأجد ما اُطعم به عائلتي، وإلا فإنّني لن أجد من يساعدني. لا أعلم ماذا أفعل... بلغت هذه السنّ ولم أمدّ يدي لأيّ كان في يوم من الأيام"، مضيفاً "مررت بظروف صعبة جداً لكنّ الحال اليوم مختلفة".

بدوره، وجد شادي نفسه من دون عمل. هو مساعد طباخ في أحد مطاعم الضفة الغربية، ولا يملك مصدر دخل آخر. يقول لـ"العربي الجديد": "لم أتوقع يوماً أن أجد نفسي من دون عمل، ولا أستطيع توفير مستلزمات بيتي من مأكل ومشرب"، غير أنّه لا يخفي تواصله مع "أهل الخير حتى أحصل على طرد غذائي ومبلغ مالي بسيط".


لا تتوفّر إحصائية حول عدد الأسر المتضررة من جرّاء ما تمرّ فيه فلسطين اليوم على خلفية الأزمة الصحية العالمية، لكنّ رئيس جمعية التضامن الخيرية في محافظة نابلس، شمالي الضفة الغربية، علاء مقبول يُقدّره بالآلاف. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "حالة الطوارئ أدّت إلى إغلاق مئات المنشآت التي كانت تُعَدّ مصدر دخل رئيسياً للعاملين فيها"، موضحاً أنّ "هذه الأسر كانت متعففة وتتدبّر أمورها بما يتوفّر لها من دخل بسيط، لذا لم تكن مدرجة على قوائم المؤسسات الخيرية مثل العائلات الفقيرة أو الأشخاص ذوي الإعاقة أو الأيتام التي نملك إحصائية دقيقة عنهم". ويشير مقبول إلى أنّ "جمعية التضامن تتلقّى يومياً عشرات المناشدات من الأسر المتضررة التي تحتاج إلى مساعدات عينية ومالية، فيما تتلقى في المقابل أموالاً وطروداً إغاثية وغذائية من فاعلي الخير، سواء أكانوا أفراداً أم مؤسسات، وذلك في صورة تعكس حالة التعاضد في المجتمع الفلسطيني".

يُذكر أنّ حملة التكافل المجتمعي التي أطلقها محافظ نابلس في نهاية الأسبوع الماضي، تمكّنت في خلال ساعات فقط من جمع مبلغ 700 ألف شيقل (نحو 200 ألف دولار)، سيخصّص للاحتياجات الطارئة لمواجهة فيروس كورونا الجديد ومساعدة العائلات التي خسرت أعمالها نتيجة ذلك.

في السياق نفسه، دفعت حالة الطوارئ على خلفية فيروس كورونا الجديد لجنة زكاة نابلس المركزية إلى إطلاق حملة "تكاتف الخير"، في سعي للوصول إلى العائلات التي فقدت مصدر دخلها. ويشير رئيس لجنة زكاة نابلس محمد حسونة لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "فكرتنا قائمة على كفالة شخص ميسور لعائلة فقيرة بمبلغ 50 شيقلاً (نحو 15 دولاراً)، ولمدة خمسة أيام، على أن يرشّح خمسة أشخاص آخرين للقيام بالأمر ذاته. بالتالي نحن أمام تسلسل شبكي يستفيد منه آلاف المواطنين".



يضيف حسونة أنّ "اللجنة استقبلت مئات الاتصالات من فاعلي خير، رجال الأعمال وحتى من أبناء الطبقة الوسطى، وقد أبدوا جميعهم استعدادهم لتقديم ما يلزم للتخفيف من وطأة الحاجة التي طاولت من فقدوا أعمالهم". ويتابع حسونة: "نحن على تواصل مع لجان الزكاة في مختلف المحافظات الفلسطينية، وهي الأخرى أطلقت حملات لإنشاء صناديق تضامن مجتمعي مع المتضررين من إغلاق المصالح التجارية نتيجة إعلان حالة الطوارئ لمواجهة كورونا الجديد"، مؤكداً أنّ "هذا ليس غريباً على الشعب الفلسطيني الذي سبق أن قدّم نماذج رائعة في التكاتف الداخلي والشعور مع المحتاجين وذوي الحاجة".

تجدر الإشارة إلى أنّ وزارة العمل الفلسطينية سبق أن وقّعت مع المجلس التنسيقي للقطاع الخاص الفلسطيني واتحاد نقابات العمال الفلسطيني، الأسبوع الماضي، اتفاقاً ينصّ على التزام القطاع الخاص بدفع الأجور للموظفين والعمال عن شهرَي مارس/ آذار الجاري وإبريل/ نيسان المقبل بنسبة 50 في المائة من قيمة الأجر، بما لا يقلّ عن ألف شيقل (نحو 280 دولاراً)، على أن يُدفع باقي المبلغ بعد انتهاء الأزمة.
دلالات
المساهمون