الحرب المستمرة في سورية منذ انطلاق الثورة عام 2011، ساهمت في تقريب الناس بعضهم إلى بعض. أهالي البلدات من غير النازحين يقدّمون يد العون للنازحين، ثم يتحولون بدورهم إلى نازحين ويجدون من يساعدهم. هذا التكافل الاجتماعي ساعدهم على الاستمرار
منذ انطلاقة الثورة السورية في مارس/ آذار عام 2011، يشهد المجتمع السوري تكافلاً اجتماعياً واسعاً بين المحافظات والمدن والبلدات، لم يكن النظام السوري قادراً على إخماده. بداية، ظهر التكافل من خلال الدعم المتبادل بين مدينة وأخرى أو بلدة وأخرى، ليتطور إلى أكثر من ذلك. عمل أهالي ريف حمص الشمالي على جمع ما استطاعوا من حليب للأطفال وأغذية وأغطية لأهالي حي بابا عمرو في حمص. وتكرر هذا في جنوب سورية، أي في درعا والقنيطرة، وفي ريف دمشق، ما عكس تكاتف مختلف أطياف هذا الشعب بعضه مع البعض عند الشدائد.
خلال هذه الأيام، وفي ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يشهدها سكان محافظة إدلب، شمال غرب سورية، ما زال التكاتف المجتمعي موجوداً وإن تراجع بعض الشيء. واختلفت ظروف الأهالي بشكل كبير عما كانت عليه قبل نحو 9 أعوام. وبحكم نشاطه وتنقله المستمر في مناطق الريف الشمالي لمحافظة إدلب، شهد الناشط خضر العبيد الكثير من حالات التكافل الاجتماعي بين الأهالي والنازحين. يقول لـ"العربي الجديد": "كانت الظروف أفضل بكثير قبل موجات النزوح الأخيرة. كان لدى الناس ما يقدمونه للنازحين بسخاء. لكن خلال الأيام الأخيرة، بات حال الجميع أكثر سوءاً، لكنّهم ظلوا يُحاولون مدّ يد العون للنازحين".
يضيف العبيد: "اليوم، نتحدث عن مخيمات فيها نازحون من ريف إدلب الشرقي والجنوبي وريفي حلب الغربي والجنوبي. كما أن طرقات البلدات الحدودية بين سورية وتركيا تغص بالنازحين. في المقابل، فإن الأهالي في هذه المناطق استنزفوا خلال السنوات الماضية بعدما توقفت أعمالهم، وبات دخلهم بالكاد يكفيهم، لأن إمكانياتهم بسيطة. في ظروف كهذه، يُشكرون على أي عمل يساعدون به النازحين أو يقدمونه لهم". وكما يقول المثل الشعبي: "الميّت لا يحمل ميتاً".
ولا يقتصر التكافل بين الأهالي والنازحين على المنطقة الحدودية ضمن شمال غرب سورية فقط. ففي ولاية غازي عينتاب التركية، عمل بعض اللاجئين هناك من محافظة إدلب على جمع ما يمكن من ملابس وأحذية ومال بهدف تقديمها للنازحين في إدلب. ويوضح عبد الهادي العثمان (29 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، أن ما يفعلونه هو أقل ما يمكن تقديمه للنازحين في الوقت الحالي، قائلاً: "حالي من حال هؤلاء النازحين. تركت بلدتي في جنوب إدلب قبل اقتحامها من قبل جيش النظام، ووجدت نفسي بثيابي فقط أنا وزوجتي، ولم يكن معنا أي شيء أبداً. حينها، نزحنا باتجاه معرة النعمان وبقينا فيها بعض الوقت، واحتضننا أهلُها وقدموا لنا ما استطاعوا. كأن مشهد استقبالنا في بلدة الهبيط لنازحي ريف حمص الشمالي عام 2018 يتكرر، فقد فتحنا لهم منازلنا واقتسمنا معهم طعامنا".
يُتابع العثمان: "أُقيم في تركيا منذ نحو ثلاثة أشهر. كانت الفكرة أن نقدّم ما استطعنا للنازحين في الداخل. هذا واجب إنساني بداية، كما أن أخلاقنا تفرض علينا ذلك. وبالفعل، نجمع بين الحين والآخر مساعدات عينيّة من ملابس للأطفال وغيرها، ونرسلها إلى النازحين في المخيّمات، عسى أن يخفف ذلك عنهم بعض المآسي. وأرجو أن يقوم جميع السوريين في تركيا بذلك".
وشهدت مناطق سورية في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بحسب تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الثالث من فبراير/ شباط الجاري، 111 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، 105 من هذه الهجمات نفذتها قوات النظام وروسيا في محافظة إدلب، منها 14 اعتداء على المدارس، و3 هجمات استهدفت منشآت طبية، و33 هجمة نفذت على دور عبادة.
اقــرأ أيضاً
ويقول مدير المشاريع في فريق "ملهم" التطوعي حسام طحّان، لـ"العربي الجديد": "في ما يتعلق بموضوع التكافل الاجتماعي بين النازحين والمقيمين أو الأهالي، فإنّ الخير موجود لدى الناس هنا في إدلب. ما من بيت فارغ حتى وإن لم يكتمل بناؤه. هذه البيوت سكنها نازحون، وقدّم البعض بيوتهم ومحلاتهم التجارية وغيرها للنازحين". وعن الأهالي الذين لجأوا إلى الجوامع والمدارس بحثاً عن مأوى، يوضح أنّهم توجهوا إلى الجوامع والمدارس ليقدّموا للنازحين الطعام والأغطية والملابس، على الرغم من كل الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشونها.
ووصل عدد النازحين إلى أرقام مخيفة في الوقت الحالي، وتجاوز العدد الكلي لهم منذ التوصل إلى اتفاق خفض التصعيد في سبتمبر/ أيلول عام 2017 نحو 1.7 مليون نازح. وقُدّر عدد سكان منطقة خفض التصعيد التي تشمل أجزاء من محافظات إدلب وحماه بنحو 750 ألف نسمة، ونزح الجزء الأعظم منهم بعد العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام بدعم روسي على المنطقة. وخلال الأسبوعين الماضيين، تجاوز عدد النازحين من أرياف إدلب الشرقي وحلب الجنوبي والغربي نحو 309 آلاف نسمة، بحسب تقرير صادر عن فريق منسقي استجابة سورية.
وفي ما يتعلّق بأوضاع الأهالي والنازحين، يقول مدير فريق منسقو الاستجابة محمد حلاج، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة للأهالي والنازحين، في الوقت الحالي الوضع أسوأ ما يكون. النظام سيطر على بلدة خان السبل، ويتقدم باتجاه سراقب. بعض النازحين يضطرون إلى مغادرة مناطقهم سيراً على الأقدام للوصول إلى مناطق آمنة. وبالنسبة للوضع، فالمنطقة فقيرة جداً، والموارد شبه معدومة. كما أن المبادرات الشعبية كانت تُخفّف بعض الأعباء عن النازحين، إلا أنها تراجعت في الوقت الحالي. ويزداد الأمر سوءاً كلّما زاد عدد النازحين وزادت مساحة المناطق التي يسيطر عليها النظام. ويُمكن للأهالي الصمود في حالة واحدة فقط، وهي وقف تقدّم قوات النظام السوري بشكل نهائي، واستقرار العائلات النازحة. لكن حتى الآن، ليس هناك التزام من قبل النظام وروسيا بهذا الأمر".
إلى ذلك، ليست لدى بعض أهالي إدلب إمكانيات لتقديمها للنازحين. في هذا الإطار، يعمد عدد من الشبان إلى التطوع في منظّمات تعمل على الاستجابة الإنسانية للنازحين. وهناك أهال يقدمون ممتلكاتهم للنازحين، ومنظمات عملت على فتح مساجد وملعب بلدي في مدينة إدلب وصالات رياضية لاستيعاب النازحين. كما تعمل "منظمة بنفسج" في الوقت الحالي على توفير سيارات لنقل النازحين وأغراضهم، وتساعد على إخلاء النازحين ونقلهم إلى مراكز إيواء. "وفي الوقت الحالي، لا نقول إن حالة التكافل الاجتماعي غائبة، ولا نحكم عليها كما في السابق، لأن الوضع سيئ بالنسبة للجميع في عموم محافظة إدلب من مقيمين ونازحين"، بحسب حلاج.
ويزداد الوضع سوءاً في إدلب مع توسّع دائرة قصف قوات النظام والطائرات الروسية. حتّى أنّ بعض المناطق التي كانت تعد آمنة، وكانت مقصداً للنازحين، باتت اليوم مهدّدة بالقصف. كما أن طائرات النظام المروحية تقصفها بالبراميل المتفجرة، وهذا يعني أن الكارثة الإنسانية في إدلب ستستمر بالتفاقم بشكل أكبر، تزامناً مع موجات النزوح من مناطق ريفي حلب الغربي والشرقي. وهذا أحد الأسباب الذي دفع نازحي وأهالي إدلب، الأحد الماضي، إلى التظاهر تحت عنوان "من إدلب إلى برلين"، للفت أنظار المجتمع الدولي لما يحدث لهم من كارثة إنسانية وتهجير قسري.
في المقابل، يُرحّب النازحون بوقوف الأهالي معهم ومساعدتهم، مقدّرين الظروف السيئة التي يتشاركونها في المحافظة. وهناك أكثر من مساعدة المقيمين للنازحين، إذ يُساعد النازحون بعضهم بعضاً، كما يوضح عيسى خليل، النازح من ريف إدلب الجنوبي، ويقول لـ"العربي الجديد": "لدى وصولي إلى منطقة أطمة، لم أكن أعرف غير صديق من ريف حماه الشمالي، بيته بالكاد يتسع لعائلته. نزح منذ خمسة أعوام ويُقيم في بيت مؤقت. استقبلني في بيته وقدّم لي ولعائلتي ما يستطيع. وعلى الرغم من ظروفه الصعبة التي أعرفها، أصرّ على بقائي معه، لكني فضلت الانتقال كي لا أكون عبئاً عليه".
من جهته، يقول النازح من مدينة أريحا يحيى عبد الساتر، لـ"العربي الجديد": "ليست كل أصابع اليد متساوية. هناك من يحاول استغلال النازحين، خصوصاً الذين يمتلكون سيارات نقل، في وقت قدّم آخرون سياراتهم مجاناً، وساعدوا في نقل النازحين إلى مناطق ريف إدلب الشمالي. وهناك من طلب مني مبلغ مائة دولار لقاء نقلي وعائلتي من مدينة أريحا باتجاه الشمال، في وقت عرض علي أحد شبان المنطقة المساعدة مجاناً. والشاب كان يملك شاحنة، وقد ساعدني على نقل أغراضي. هو نازح أيضاً وكان يقيم في أريحا. حين كان يتحدث إلي، شعرت بالطمأنينة. لولا هؤلاء لضاعت النخوة. إنه لشيء مُفرح أن نجد في هذا الوقت من يساعدنا ويقف معنا ويشعر بهمومنا".
اقــرأ أيضاً
ونظمت العديد من الجهات الإنسانية، فضلاً عن مدنيين، حملات شعبية لإغاثة النازحين في محافظة إدلب، على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. وساهمت هذه الحملات في التخفيف من معاناة النازحين وتوفير جزء من الاستجابة الإنسانية لهم في ظل تراجع دور المنظمات الإنسانية في هذا الإطار.
خلال هذه الأيام، وفي ظل الظروف البالغة الصعوبة التي يشهدها سكان محافظة إدلب، شمال غرب سورية، ما زال التكاتف المجتمعي موجوداً وإن تراجع بعض الشيء. واختلفت ظروف الأهالي بشكل كبير عما كانت عليه قبل نحو 9 أعوام. وبحكم نشاطه وتنقله المستمر في مناطق الريف الشمالي لمحافظة إدلب، شهد الناشط خضر العبيد الكثير من حالات التكافل الاجتماعي بين الأهالي والنازحين. يقول لـ"العربي الجديد": "كانت الظروف أفضل بكثير قبل موجات النزوح الأخيرة. كان لدى الناس ما يقدمونه للنازحين بسخاء. لكن خلال الأيام الأخيرة، بات حال الجميع أكثر سوءاً، لكنّهم ظلوا يُحاولون مدّ يد العون للنازحين".
يضيف العبيد: "اليوم، نتحدث عن مخيمات فيها نازحون من ريف إدلب الشرقي والجنوبي وريفي حلب الغربي والجنوبي. كما أن طرقات البلدات الحدودية بين سورية وتركيا تغص بالنازحين. في المقابل، فإن الأهالي في هذه المناطق استنزفوا خلال السنوات الماضية بعدما توقفت أعمالهم، وبات دخلهم بالكاد يكفيهم، لأن إمكانياتهم بسيطة. في ظروف كهذه، يُشكرون على أي عمل يساعدون به النازحين أو يقدمونه لهم". وكما يقول المثل الشعبي: "الميّت لا يحمل ميتاً".
ولا يقتصر التكافل بين الأهالي والنازحين على المنطقة الحدودية ضمن شمال غرب سورية فقط. ففي ولاية غازي عينتاب التركية، عمل بعض اللاجئين هناك من محافظة إدلب على جمع ما يمكن من ملابس وأحذية ومال بهدف تقديمها للنازحين في إدلب. ويوضح عبد الهادي العثمان (29 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، أن ما يفعلونه هو أقل ما يمكن تقديمه للنازحين في الوقت الحالي، قائلاً: "حالي من حال هؤلاء النازحين. تركت بلدتي في جنوب إدلب قبل اقتحامها من قبل جيش النظام، ووجدت نفسي بثيابي فقط أنا وزوجتي، ولم يكن معنا أي شيء أبداً. حينها، نزحنا باتجاه معرة النعمان وبقينا فيها بعض الوقت، واحتضننا أهلُها وقدموا لنا ما استطاعوا. كأن مشهد استقبالنا في بلدة الهبيط لنازحي ريف حمص الشمالي عام 2018 يتكرر، فقد فتحنا لهم منازلنا واقتسمنا معهم طعامنا".
يُتابع العثمان: "أُقيم في تركيا منذ نحو ثلاثة أشهر. كانت الفكرة أن نقدّم ما استطعنا للنازحين في الداخل. هذا واجب إنساني بداية، كما أن أخلاقنا تفرض علينا ذلك. وبالفعل، نجمع بين الحين والآخر مساعدات عينيّة من ملابس للأطفال وغيرها، ونرسلها إلى النازحين في المخيّمات، عسى أن يخفف ذلك عنهم بعض المآسي. وأرجو أن يقوم جميع السوريين في تركيا بذلك".
وشهدت مناطق سورية في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، بحسب تقرير صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان في الثالث من فبراير/ شباط الجاري، 111 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، 105 من هذه الهجمات نفذتها قوات النظام وروسيا في محافظة إدلب، منها 14 اعتداء على المدارس، و3 هجمات استهدفت منشآت طبية، و33 هجمة نفذت على دور عبادة.
ويقول مدير المشاريع في فريق "ملهم" التطوعي حسام طحّان، لـ"العربي الجديد": "في ما يتعلق بموضوع التكافل الاجتماعي بين النازحين والمقيمين أو الأهالي، فإنّ الخير موجود لدى الناس هنا في إدلب. ما من بيت فارغ حتى وإن لم يكتمل بناؤه. هذه البيوت سكنها نازحون، وقدّم البعض بيوتهم ومحلاتهم التجارية وغيرها للنازحين". وعن الأهالي الذين لجأوا إلى الجوامع والمدارس بحثاً عن مأوى، يوضح أنّهم توجهوا إلى الجوامع والمدارس ليقدّموا للنازحين الطعام والأغطية والملابس، على الرغم من كل الظروف الصعبة والقاسية التي يعيشونها.
ووصل عدد النازحين إلى أرقام مخيفة في الوقت الحالي، وتجاوز العدد الكلي لهم منذ التوصل إلى اتفاق خفض التصعيد في سبتمبر/ أيلول عام 2017 نحو 1.7 مليون نازح. وقُدّر عدد سكان منطقة خفض التصعيد التي تشمل أجزاء من محافظات إدلب وحماه بنحو 750 ألف نسمة، ونزح الجزء الأعظم منهم بعد العمليات العسكرية التي شنتها قوات النظام بدعم روسي على المنطقة. وخلال الأسبوعين الماضيين، تجاوز عدد النازحين من أرياف إدلب الشرقي وحلب الجنوبي والغربي نحو 309 آلاف نسمة، بحسب تقرير صادر عن فريق منسقي استجابة سورية.
وفي ما يتعلّق بأوضاع الأهالي والنازحين، يقول مدير فريق منسقو الاستجابة محمد حلاج، لـ"العربي الجديد": "بالنسبة للأهالي والنازحين، في الوقت الحالي الوضع أسوأ ما يكون. النظام سيطر على بلدة خان السبل، ويتقدم باتجاه سراقب. بعض النازحين يضطرون إلى مغادرة مناطقهم سيراً على الأقدام للوصول إلى مناطق آمنة. وبالنسبة للوضع، فالمنطقة فقيرة جداً، والموارد شبه معدومة. كما أن المبادرات الشعبية كانت تُخفّف بعض الأعباء عن النازحين، إلا أنها تراجعت في الوقت الحالي. ويزداد الأمر سوءاً كلّما زاد عدد النازحين وزادت مساحة المناطق التي يسيطر عليها النظام. ويُمكن للأهالي الصمود في حالة واحدة فقط، وهي وقف تقدّم قوات النظام السوري بشكل نهائي، واستقرار العائلات النازحة. لكن حتى الآن، ليس هناك التزام من قبل النظام وروسيا بهذا الأمر".
إلى ذلك، ليست لدى بعض أهالي إدلب إمكانيات لتقديمها للنازحين. في هذا الإطار، يعمد عدد من الشبان إلى التطوع في منظّمات تعمل على الاستجابة الإنسانية للنازحين. وهناك أهال يقدمون ممتلكاتهم للنازحين، ومنظمات عملت على فتح مساجد وملعب بلدي في مدينة إدلب وصالات رياضية لاستيعاب النازحين. كما تعمل "منظمة بنفسج" في الوقت الحالي على توفير سيارات لنقل النازحين وأغراضهم، وتساعد على إخلاء النازحين ونقلهم إلى مراكز إيواء. "وفي الوقت الحالي، لا نقول إن حالة التكافل الاجتماعي غائبة، ولا نحكم عليها كما في السابق، لأن الوضع سيئ بالنسبة للجميع في عموم محافظة إدلب من مقيمين ونازحين"، بحسب حلاج.
ويزداد الوضع سوءاً في إدلب مع توسّع دائرة قصف قوات النظام والطائرات الروسية. حتّى أنّ بعض المناطق التي كانت تعد آمنة، وكانت مقصداً للنازحين، باتت اليوم مهدّدة بالقصف. كما أن طائرات النظام المروحية تقصفها بالبراميل المتفجرة، وهذا يعني أن الكارثة الإنسانية في إدلب ستستمر بالتفاقم بشكل أكبر، تزامناً مع موجات النزوح من مناطق ريفي حلب الغربي والشرقي. وهذا أحد الأسباب الذي دفع نازحي وأهالي إدلب، الأحد الماضي، إلى التظاهر تحت عنوان "من إدلب إلى برلين"، للفت أنظار المجتمع الدولي لما يحدث لهم من كارثة إنسانية وتهجير قسري.
في المقابل، يُرحّب النازحون بوقوف الأهالي معهم ومساعدتهم، مقدّرين الظروف السيئة التي يتشاركونها في المحافظة. وهناك أكثر من مساعدة المقيمين للنازحين، إذ يُساعد النازحون بعضهم بعضاً، كما يوضح عيسى خليل، النازح من ريف إدلب الجنوبي، ويقول لـ"العربي الجديد": "لدى وصولي إلى منطقة أطمة، لم أكن أعرف غير صديق من ريف حماه الشمالي، بيته بالكاد يتسع لعائلته. نزح منذ خمسة أعوام ويُقيم في بيت مؤقت. استقبلني في بيته وقدّم لي ولعائلتي ما يستطيع. وعلى الرغم من ظروفه الصعبة التي أعرفها، أصرّ على بقائي معه، لكني فضلت الانتقال كي لا أكون عبئاً عليه".
من جهته، يقول النازح من مدينة أريحا يحيى عبد الساتر، لـ"العربي الجديد": "ليست كل أصابع اليد متساوية. هناك من يحاول استغلال النازحين، خصوصاً الذين يمتلكون سيارات نقل، في وقت قدّم آخرون سياراتهم مجاناً، وساعدوا في نقل النازحين إلى مناطق ريف إدلب الشمالي. وهناك من طلب مني مبلغ مائة دولار لقاء نقلي وعائلتي من مدينة أريحا باتجاه الشمال، في وقت عرض علي أحد شبان المنطقة المساعدة مجاناً. والشاب كان يملك شاحنة، وقد ساعدني على نقل أغراضي. هو نازح أيضاً وكان يقيم في أريحا. حين كان يتحدث إلي، شعرت بالطمأنينة. لولا هؤلاء لضاعت النخوة. إنه لشيء مُفرح أن نجد في هذا الوقت من يساعدنا ويقف معنا ويشعر بهمومنا".
ونظمت العديد من الجهات الإنسانية، فضلاً عن مدنيين، حملات شعبية لإغاثة النازحين في محافظة إدلب، على مدار الأشهر الثلاثة الماضية. وساهمت هذه الحملات في التخفيف من معاناة النازحين وتوفير جزء من الاستجابة الإنسانية لهم في ظل تراجع دور المنظمات الإنسانية في هذا الإطار.