تقرير حقوقي: تنفيذ 15 إعداماً في مصر خلال فبراير

21 فبراير 2019
تزايد أحكام الإعدام في مصر (تويتر)
+ الخط -
دانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز عدالة للحقوق والحريات –منظمتا مجتمع مدني مصريتان- القرار المفاجئ صباح الأربعاء الموافق 20 فبراير/شباط بتنفيذ حكم الإعدام في حق تسعة أشخاص من المحكوم عليهم في القضية رقم 81 لسنة 2016 جنايات أمن الدولة العليا، والمعروفة إعلاميًّا بقضية "اغتيال النائب العام" بعدما أصدرت محكمة النقض حكمها يوم الأحد 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بتأييد حكم إعدام 9 من المتهمين.

وتم تنفيذ أحكام إعدام على 15 شخصاً على الأقل خلال شهر فبراير/شباط الجاري، وهو ما اعتبرته المبادرة المصرية ومركز عدالة، "استمراراً للتوسع في استخدام عقوبة الإعدام في محاكمات لا تراعي قواعد وضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين وفي استخدام العقوبة بشكل ثأري".

وكانت المحكمة قد قضت أيضًا بتخفيف حكم الإعدام على 6 أشخاص إلى السجن المؤبد، كما قامت بتخفيف السجن المؤبد إلى المشدد 15 سنة على أربعة أشخاص، واستبدلت المحكمة بعقوبة السجن المؤبد السجنَ المشددَ 3 سنوات على المتهم إبراهيم عبد المنعم علي أحمد، وأخيرًا برَّأت المحكمة 5 أشخاص. وهذا، بعد أن كانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت بتاريخ 22 يوليو/تموز 2017 بإعدام كل هؤلاء وثلاثة آخرين (28 متهمًا) لإدانتهم باغتيال النائب العام المستشار هشام بركات.

وفوجئ أمس، أهالي المتهمين التسعة بأن السلطات المصرية قد نفذت فيهم حكم الإعدام على الرغم من أن قانون الإجراءات الجنائية في مادته 472 قد نصَّ على: "لأقارب المحكوم عليه بالإعدام أن يقابلوه في اليوم الذي يُعيَّن لتنفيذ الحكم، على أن يكون ذلك بعيدًا عن محل التنفيذ"، وقد تم تنفيذ حكم الإعدام بسجن استئناف القاهرة صباح 20 فبراير/شباط وفقًا لما تم إبلاغ أهالي المتهمين به.

وقالت المنظمتان "يبدو أن تنفيذ قطاع مصلحة السجون حكمَ الإعدام دون إبلاغ أهل المنفذ فيه ليقابلوه في اليوم الذي يعين للتنفيذ، ودون إبلاغ محاميه لحضور إجراءات التنفيذ أصبح عرفًا بالمخالفة للقانون. بالإضافة إلى عدم علم ذوي المنفذ فيهم في هذه القضية فقد سبق وتم تنفيذ الحكم في ثلاثة أشخاص في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مقتل نجل المستشار" في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وثلاثة أشخاص آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مقتل اللواء نبيل فراج" في 13 من الشهر ذاته دون إعلام الأهل أو المحامين في القضيتين، وهو ما تم رصده أيضًا في قضايا سياسية الطابع تم تنفيذ حكم الإعدام فيها في العام الماضي".

وتعود أحداث القضية إلى واقعة اغتيال النائب العام السابق المستشار هشام بركات يوم 29 يونيو/حزيران 2015 عقب انفجار سيارة مفخخة بمنطقة النزهة، أثناء مرور موكب النائب العام بها، وأدى الانفجار إلى مقتله وإصابة طاقم حراسته وبعض المواطنين، بالإضافة إلى احتراق عدد من السيارات وحدوث تلفيات بالعقارات القريبة.

وأصدر المحامي العام الأول بنيابة أمن الدولة العليا، أمر الإحالة بتاريخ 17 مايو/أيار 2016 ضد 67 متهمًا، منهم 51 شخصًا محبوسًا و16 هاربًا، إلى محكمة الجنايات المختصة بدائرة محكمة استئناف القاهرة، حيث بدأت أولى جلسات المحاكمة يوم 14 يونيو/حزيران 2016.

استمرت الجلسات على مدار عام تقريبًا، حوكم خلالها المتهمون بتهم عديدة، منها: تولي قيادة جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون والانضمام إليها وإمدادها بمعوناتٍ، والتخابر وصناعة وحيازة المفرقعات والأسلحة، والشروع في القتل، بالإضافة إلى تهم القتل مع سبق الإصرار والترصد الموجهة إلى المتهمين الثلاثة: محمود الأحمدي (21 عامًا - محبوس) وأبوالقاسم أحمد (23 عامًا - محبوس) ويوسف نجم (24 عامًا - هارب). وأحالت المحكمة بتاريخ 17 يونيو/حزيران 2017 أوراق 30 متهمًا إلى مفتي الجمهورية لاستبيان رأيه في إعدامهم، ليصدِر حكمًا بعد رأي المفتي بإعدام 28 منهم.

ويذكر أن محاكمة الأشخاص التسعة -الذين تم إعدامهم أمس- شابتها العديد من الانتهاكات.

وأفاد التقرير الصادر عن المنظمتين أنه "وفقاً لشهادات المتهمين أثناء التحقيق مع النيابة وفي جلسات المحاكمة لم يحضر مع أي من المتهمين التسعة الذين تم إعدامهم محاميهم الخاص، كما شرعت النيابة في التحقيق مع خمسة منهم بدون وجود محامٍ على الإطلاق في حين قامت بانتداب محامٍ لأربعة آخرين. وقد شهد 8 متهمين من أصل الـ9 متهمين المحكوم عليهم بالإعدام بتعرُّضهم للتعذيب وذلك أثناء فترات اختفائهم قسريًّا والتي طالت في واحدة من الحالات على الأقل لأربعين يومًا".

وقد شمل التعذيب وفقاً لشهاداتهم، التعدي بالأيدي والأرجل والآلات الحادة، والصعق بالكهرباء في أجزاء مختلفة من الجسد، بالإضافة إلى التهديد المعنوي سواء للشخص ذاته أو إلحاق الأذى بذويه وأهله.

جدير بالذكر أن محكمة النقض في حكمها الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، خففت حكم الإعدام إلى عقوبة السجن المؤبد بحق 6 متهمين، كان قد تعرض منهم 5 متهمين على الأقل للتعذيب من واقع أقوالهم بجلسات التحقيق، بالإضافة إلى 25 متهمًا آخرين كان قد صدر بحقهم أحكام مختلفة، قد تعرضوا أيضًا لأنواع مختلفة من التعذيب والمعاملة المهينة وفقًا لأقوالهم بجلسات التحقيق.

من ضمن الأمثلة على ذلك ما قاله إسلام محمد أحمد مكاوي الذي أُعدم أمس الأربعاء في جلسة التحقيق بتاريخ 6/4/2016: "عايز أقول إن كل الأقوال إللي قلتها قبل كده في التحقيقات أقوال غير صحيحة، وأنا قلتها لأني كنت متعرض لتعذيب معنوي وجسدي من الناس إللي ضبطتني علشان أقول الكلام ده في التحقيق، وأنا بقول الكلام ده النهارده لأني كنت شاكك طول الفترة إللي كنت بيتحقق معايا فيها إني أرجع ليهم تاني ويرجعوا يعذبوني، لكن لما إطمنت إني في السجن بقول الأقوال دي النهارده.. أنا إتاخِدت يوم 23/2 من أمام محكمة مجلس الدولة إللي في الدقي تقريبًا، ومعرفش مين ساعتها إللي ضبطني، ساعتها كلبشوني وغمُّوا عنيَّا وطلعوني على مكان معرفش هوه فين لإني كنت متغمي، وبعد كده لمَّا وصلت المكان ودخلت غرفة عذبوني فيها وضربوني بأدوات، بس أنا مش عارف هِيه إيه لإني كنت متغمي، وضربوني في كل أنحاء جسدي وكهربوني برده في كل أنحاء جسدي، وبعد كده إدوني ورقة مكتوب فيها كلام علشان أقراها وأحفظ إللي فيها علشان لما يِيجي التحقيق أقوله، ولمَّا جيت التحقيق قلت الكلام إللي كان مكتوب في الورقة".


وأضافت المنظمتان "على الرغم من ادعاء المتهمين بتعرضهم للتعذيب أمام النيابة والتي قامت بإثبات الإصابات في بعض الحالات بنفسها في محاضر التحقيق من خلال مناظرتها للمتهمين، إلا إن النيابة لم تقم بدورها فيما يتعلق بالتأكد من صحة ادعاءات المتهمين بالتعرض للتعذيب".

وتجاهلت النيابة طلبات 4 متهمين ولم تأمر بعرضهم على الطب الشرعي، وقامت النيابة بالمماطلة في طلبات المتهمين الآخرين بالعرض على الطب الشرعي، حيث إنها لم تعرض المتهمين على الطب الشرعي مباشرة عقب طلبهم ولكن بعدها بفترات وصلت إلى 33 يومًا كما في حالة محمود الأحمدي، وهو ما يؤثر على مدى دقة نتائج الكشف الطبي. من ضمن الأمثلة على ذلك ما قاله المتهم أبو بكر السيد "طلبتُ من القاضي معاينة آثار التعذيب على جسدي لكنه تجاهل ذلك، وعندما أكدت له إصابتي بأمراض نفسية بسبب التعذيب رد: "ما جايز راكبك عفريت".