تقرير حقوقي: "الإصلاح الاقتصادي" تزيد الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية بمصر

02 مايو 2019
تحول في حجم وتكتيكات الاحتجاج في 2018 (العربي الجديد)
+ الخط -

أصدرت منصة العدالة الاجتماعية، التابعة للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (منظمة مجتمع مدني مصرية) تقريرًا رصدت فيه وحللت الاحتجاجات الاجتماعية والاقتصادية خلال عام 2018، مؤكدة أنها كانت بمثابة "ضريبة سياسات الإصلاح الاقتصادي".

وحسب الدراسة التي أطلقتها المنصة مساء أمس الأربعاء، بالتزامن مع احتفالات عيد العمال، فقد شهدت السنوات الثلاث الماضية زيادة في الضغوط الاقتصادية على قطاع أكبر من المصريين بعد تعويم الجنيه وتخفيض الدعم على الطاقة، كجزء من خطة "الإصلاح الاقتصادي" التي تنص عليها شروط قرض صندوق النقد الدولي، وهي السياسات التي يمتد تأثيرها بالتدريج ليشمل المزيد والمزيد من المصريين، وأن الخطاب الرسمي يميل، في الوقت نفسه، لنزع المصداقية عن أي معارضة، وشيطنة الاحتجاجات باعتبارها صورًا للتدخل الأجنبي أو المصالح الفئوية الأنانية، لكن قطاعات مختلفة من المصريين واصلت الاحتجاج وإعلان السخط بوسائل مختلفة في 2018.

وسجل فريق المنصة زيادة ملحوظة في عدد الاحتجاجات لهذا العام، إذ بلغ عددها 2,502 احتجاج، أي ما يزيد عن 2017 بنسبة 39.33%، وشملت هذه الاحتجاجات عددًا كبيرًا من البلاغات والشكاوى، بالإضافة إلى إضرابات ووقف العمل وتظاهرات واعتصامات، من بين وسائل احتجاج أخرى، وكان القائمون عليها عمالًا وفلاحين وغيرهم من مختلف الفئات. 

ووثق الفريق كذلك، عددًا صادمًا من حالات إيذاء النفس التي تصل إلى حد الانتحار أحيانًا كصورة من صور الاحتجاج.

وقالت المنصة إنه من المتوقع أن ترتفع الأسعار مجددًا منتصف 2019، حين تتلقى مصر القسم الأخير من قرض صندوق النقد، ويسير هذا بالتوازي مع مجال عام أكثر انغلاقًا ومعارضة لا تجد مساحة للتنظيم، لكن على الرغم من كل هذا، ومع محاولات الحكومة لإضفاء صورة إيجابية على الإصلاح الاقتصادي الجاري، يحتج آلاف المواطنين في كل مكان في مصر على ظروفهم المعيشية الصعبة، غير عابئين بالقيود التي تحد من حركتهم، إذ لم يتوقف الطلاب والمهنيون والفلاحون عن ممارسة حقهم في التعبير، ولم يتوقفوا عن المطالبة بالعدالة وبحياة أفضل.

واعتمد التقرير بالأساس على النوافذ الصحافية والإعلامية المختلفة، ومنها الحكومي والمستقل والمملوك للقطاع الخاص أو المنحاز للدولة أو لأحزاب وجماعات سياسية أخرى. 

كما لاحظ معدو التقرير من وسائل الإعلام تجاهل الاحتجاجات حتى صدور بيان رسمي من جهة حكومية، وهذا على الأرجح لتجنب الغرامات أو العقوبات الجنائية أو الحجب، حيث حجبت الحكومة قرابة 500 موقع حتى تاريخ كتابة هذه السطور، وبعض هذه المواقع حجب بسبب تغطيتها لوقائع احتجاج.

وحسب التقرير، فإنه من حيث أنواع الاحتجاج (اجتماعية وعمالية واقتصادية)، غلب على عام 2018 الاحتجاج الاجتماعي، بعدد 2024 احتجاجًا، أي 80.90% من المجموع الكلي للاحتجاجات، وتلاه الاحتجاج العمالي في المركز الثاني (276 احتجاجًا، 11.03%)، وأخيرًا الاحتجاج الاقتصادي (202، 8.07%).

وقدم التقرير نظرة على الأرقام العامة للاحتجاجات منذ 2012 في فهم احتجاجات 2018 ووضعها في سياق أشمل، حيث استطاع المركز المصري، في 2012، وهي السنة التي تصاعدت فيها الاحتجاجات ضد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، أن يوثق 3387 احتجاجًا، منها ما امتزجت فيه المطالب الاقتصادية والاجتماعية والعمالية مع الطلب السياسي لعزل الرئيس المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، ثم شهدت الاحتجاجات في 2013 قفزة هائلة، إذ بلغ 5232 احتجاجًا، فيما احتدت الانشقاقات الاجتماعية لتصبح أكثر راديكالية وأشد عنفًا، في الفترة الممهدة والتالية مباشرة لعزل مرسي من قبل الجيش.

لكن معدل الاحتجاجات استمر بالانخفاض منذ 2014 وحتى 2017، في الوقت الذي سيعمل فيه النظام الجديد، وعلى رأسه رئيس عبد الفتاح السيسي، على فرض نفوذه في البرلمان والحكومة ووسائل الإعلام، وعلى المجال السياسي عموما، مع تمرير قوانين تقيد حركة المجتمع المدني.

وأكد التقرير أن ثمة أسبابا كثيرة محتملة لهذا الانخفاض في عدد الاحتجاجات، لكن الأكثر احتمالا هو الضغط القانوني والأمني الذي تمارسه الدولة على كل أشكال المعارضة والفعل الجمعي، والمصحوب بخطاب قومي وتبريرات تحيل إلى صعود الإرهاب والمواجهات التي تخوضها الدولة ضد المسلحين الإسلاميين. 

وانخفض مجموع الاحتجاجات في 2014 إلى 3008، ثم استمر بالانخفاض في 2015 (1955 احتجاجًا) و2016 (1878) و2017 (1518) احتجاجًا. 

ثم سُجل 2018 عدد لافت من الاحتجاجات على الرغم من كل القيود المفروضة على الحريات الدينية وحرية الصحافة والحق في التنظيم، إذ بلغ العدد الكلي لهذه السنة 2502 احتجاج، وهو ما يزيد عن 2017 بنسبة %39.33. 

وتابع التقرير "يشهد التحول في حجم وتكتيكات الاحتجاج في 2018 إذن لحظة تاريخية يتفاقم فيها التعبير الشعبي عن السخط، على الرغم من تزايد القيود على مساحات النشاط العام والحقوق الدينية.

المساهمون