تقديرات إسرائيلية: تعادل استراتيجي بين النظام والمعارضة في سورية

25 ديسمبر 2014
ترقّب إسرائيلي في الجولان تخوّفاً من هجمات (فرانس برس)
+ الخط -

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أمس الأربعاء، أن التقديرات الأمنية والعسكرية في إسرائيل ترى أنه تم تكريس تعادل استراتيجي بين قوات النظام وقوات المعارضة في سورية، وهو تعادل ناجم عن عدم قدرة أي من الطرفين إخضاع الآخر. ووفقاً لهذه التقديرات، فإن المعارك الدائرة تتمحور حول بسط السيطرة الموضعية لكل طرف في مختلف أنحاء سورية، من دون أن تكون قادرة على ترجيح كفة أحدهما.

وتوقّعت الصحيفة أن يكتفي نظام الرئيس السوري بشار الأسد في المرحلة المقبلة من المستقبل القريب، بضمان بسط سيطرته على "سورية الصغيرة" التي تشمل العاصمة دمشق والشريط الرابط بينها وبين حلب والمنطقة العلوية شمال غربي سورية.

وفي هذا السياق، لفتت "هآرتس" إلى أن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن النظام السوري غير معني في المرحلة الحالية بأي مواجهة عسكرية مع إسرائيل، مع ذلك لا تستبعد أن تقوم جهات من كلا المعسكرين في سورية، منظمات موالية للنظام وعلى رأسها "حزب الله"، والمنظمات الجهادية المناهضة للنظام، بالمبادرة لعمليات ضد أهداف إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة.

وتتهم الجهات الأمنية الإسرائيلية "حزب الله" بتشكيل شبكة من الخلايا الناشطة في الجولان بمساعدة من إيران وسورية، بهدف إبقاء حالة من الترقب في الطرف الإسرائيلي في الجولان المحتل.

ويرى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أنه بموجب تقديرات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، فإن أحد الأسباب الرئيسية لحالة التعادل الاستراتيجي بين النظام السوري ومعارضيه، نابع من التغيير الذي طرأ على مواقف الدول الغربية من الصراع العربي الإسرائيلي، فقد تحوّل الموقف الأميركي من التهديد والتلويح بعمليات عسكرية ضد النظام السوري رداً على استخدامه الغاز والأسلحة الكيماوية ضد المدنيين في ريف دمشق في أغسطس/آب من العام 2013، إلى الإعلان عن شنّ هجمات جوية ضارية ضد العدو الأول لنظام الأسد، وهو تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وبالتالي فإنه حتى لو رفضت الولايات المتحدة الإقرار بذلك، فإن موقفها هذا يؤدي عملياً إلى تعزيز مكانة وقوة نظام الأسد.

وأشارت "هآرتس" في هذا السياق إلى أن الهجوم الذي أسفر عن مقتل رئيس الاستخبارات السورية آصف شوكت، صهر الأسد في شهر يوليو/تموز من العام 2012، كان عملياً نقطة التحوّل في وضع النظام.

وعلى الرغم من أن صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نشرت هذا الأسبوع تحقيقاً حول عملية اغتيال شوكت، قالت فيه إن العملية كانت من تنفيذ جهات تابعة للنظام نفسه، ولم تكن من فعل معارضي الأسد، وهو تحقيق قالت "هآرتس" إنه لم يحظَ لغاية الآن بأي دعم أو تأييد من شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، إلا أن الصحيفة الأميركية لفتت في الوقت ذاته، إلى أن العملية المذكورة شكّلت نقطة تحوّل ضاعفت وعززت من دعم كل من إيران و"حزب الله" للنظام السوري.

فقد أرسلت إيران خبراء في مجال الاستخبارات وحرب العصابات إلى سورية، فيما زاد "حزب الله" من دعمه للنظام، وكثّفت روسيا شحنات السلاح الموجّهة لقوات الأسد، تحسباً من أن يكون مقاتلو المعارضة على وشك بسط سيطرتهم على سورية، إذا لم يحظَ النظام بشكل عاجل بدعم عسكري كبير.

ورأت الصحيفة أن الأسد تمكّن بعد تلك العملية وبفعل الدعم المكثف الإيراني، والروسي وتدخل "حزب الله"، من تسجيل نجاحات تكتيكية مكّنته اليوم من السيطرة الفعلية على ثلث مساحة سورية، وهي سيطرة كافية له لضمان بقائه في سدة الحكم.

وتخلص التقديرات الإسرائيلية، بحسب "هآرتس"، إلى أن تمكُّن النظام السوري من اجتياز المرحلة الحرجة التي كان فيها على وشك التعرض للهجوم الأميركي بعد استخدامه الأسلحة الكيماوية، بفضل الاتفاق الروسي-الأميركي عام 2013، منح الأسد عملياً عمراً جديداً بعد تعهّده بتدمير ترسانته من الأسلحة الكيماوية.

واستفاد نظام الأسد في العام الأخير من صعود "نجم" تنظيم "داعش"، إذ أهمل الغرب بعد فظائع التنظيم، جهوده "المتذبذبة" والمترددة أصلاً، بحسب تعبير "هآرتس"، لإسقاط نظام الأسد. كما أن تركيز إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على شن الهجمات ضد مواقع "داعش"، تساعد الأسد في البقاء في الحكم، وحتى لو يكن ذلك هو الهدف الأصلي للأميركيين، إلا أنه عملياً أعطى هذه النتيجة على الأرض.

وتشير الصحيفة الإسرائيلية إلى تراجع كبير في التهديد السوري التقليدي لإسرائيل، خصوصاً بعد أن خسر النظام واستخدم نحو 80 في المائة من مجمل ترسانته الصاروخية التي تم إطلاقها على مواقع المعارضة. كما لم تبقَ في هضبة الجولان مواقع مدفعية سورية.

إضافة إلى ذلك، تراجعت كلياً إمكانية قيام الجيش السوري بمناورات عسكرية في الجولان، وزال الخطر الكيماوي بشكل شبه مطلق تقريباً بعد نزع الترسانة الكيماوية السورية.

وتشير تقديرات الأجهزة الإسرائيلية في المقابل، إلى أن الخطر الذي يهدد إسرائيل اليوم، هو في واقع الحال من احتمالات قيام التنظيمات الجهادية في الجولان، و"حزب الله"، بتنفيذ عمليات ضد الأهداف الإسرائيلية، بعد أن باتت هذه القوات أقرب من أي وقت مضى إلى الحدود الإسرائيلية في الجولان. مع ذلك، فإن ما يقلق قائد المنطقة الشمالية لجيش الاحتلال اليوم، هو احتمالات مواجهة مستقبلية تندلع في لبنان.

المساهمون