تقارب مغاربي بشأن تطورات الملف الليبي يقابل التوجه المصري


21 يونيو 2020
السراج والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمس (الرئاسة الجزائرية)
+ الخط -
شهدت الساعات الأخيرة تحركات مكثفة بين بلدان المغرب العربي، من أجل بحث التطورات التي تشهدها المنطقة، خاصة بعد تلويح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتدخل العسكري المباشر في ليبيا.

وجاء الموقف المصري، أمس السبت، بينما يزور رئيس المجلس الرئاسي لحكومة "الوفاق" الليبية فايز السراج الجزائر، كما أنّ المغرب وتونس لم يكتفيا بمتابعة التطورات السياسية والعسكرية حيال الأزمة الليبية، بل يجريان اتصالات عدة وبرمجا بعض الزيارات بهدف توحيد الجهود حول الملف الليبي وتداعياته.

ولفت رئيس "مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية"، ووزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبد السلام، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، إلى أنّ "المنطقة تشهد حراكاً دبلوماسياً بين دول المغرب العربي"، مشيراً إلى أنّ زيارة السراج إلى الجزائر "مؤشر إيجابي ودليل على فاعلية الدبلوماسية الجزائرية، وانشغال الجزائر بما يجري في الساحة الليبية". 
وأوضح عبد السلام أنّ "التنسيق التونسي الجزائري مستمر، بل هو مطلوب في هذه الفترة"، لافتاً أيضاً إلى أنّ "التقارب الجزائري المغربي في الملف الليبي من شأنه أن يبلور رؤية مغاربية مشتركة لمعالجة الأزمة الليبية، في مقابل مقاربات أخرى، وتحديداً المعالجة المصرية التي تتجه إلى التلويح بالتدخل العسكري، والتعويل على التمرد بدل التعامل مع حكومة معترف بها دولياً".

وذكر عبد السلام في هذا الإطار أنّ رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي تلقى دعوة لزيارة الجزائر من نظيره الجزائري، معتبراً أنّ الأزمة الليبية "من شأنها تقريب السياسات المغاربية، بما في ذلك بين الجزائر والمغرب، رغم الخلافات القائمة حول الصحراء الغربية، إلا أنّ هناك اشتراكاً في الرؤى حول الأزمة الليبية تقوم على وحدة السلامة الترابية لليبيا، ورفض التدخلات الخارجية فيها".

ورأى أنّ "السياسة المصرية تسير في اتجاه خاطئ"، موضحاً أنّ "مصر تراهن على السلاح وإسقاط حكومة شرعية"، مضيفاً أنه "عندما فشل اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في تحقيق أهدافه، أصبحت مصر تلوح بالتدخل العسكري المباشر، في الوقت الذي كان بالإمكان التعامل مع حكومة مركزية وحماية مصالحها كدولة مجاورة وفي إطار التعاون والتكامل بين دول الجوار".

وقال عبد السلام إنّ "الموقف التونسي متحرّك ويسير في الاتجاه الإيجابي، وهناك تنسيق مستمر مع الجارة الجزائر، وموقف بلدان المغرب العربي واضح وهو لناحية دعم الحكومة الشرعية في طرابلس، أما على مستوى الأمم المتحدة فهناك عمل على التنسيق مع البلدان المغاربية ومع الجزائر من أجل بلورة رؤى مشتركة وحلحلة الأزمة الليبية". 
وأكد أنّ "الموقف التونسي مهم لأن تونس ليس لديها أطماع أو تدخلات في ليبيا، وكل ما تريده هو استقرار الوضع وبناء علاقات تكامل في إطار التعاون المشترك ودعم علاقات الأخوة بين البلدين".


من جهته، يرى المحلل السياسي قاسم الغربي أنّ "التحركات الأخيرة في المنطقة، بما في ذلك تصريح الرئيس المصري والتلويح بإمكانية التدخل المصري المباشر في ليبيا، تشير إلى أن المغرب العربي وتحديداً الجزائر والمغرب وتونس، جميعها تصطف في جهة مقابلة ومخالفة للجهة التي تصطف فيها مصر".

وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوضع في ليبيا يتجه إلى مزيد من التأزم والتعقيد السياسي، وكأن الحل السياسي أصبح صعباً، على الأقل في الوضع الراهن"، مؤكداً أنّ "الموقف التونسي يتماهى والموقف الجزائري، وتونس لا تسعى لأن تكون في تناقض مع الجزائر وليس في مصلحتها ذلك".
وأشار إلى أنّ "الزيارة المرتقبة لرئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي إلى الجزائر ليست الأولى، والعلاقات بين (حركة النهضة) والجزائر إيجابية وتمتد لسنوات مضت، وربما تجد الجزائر في الغنوشي شخصية يمكن أن تلعب دوراً في خضم التطورات السياسية".

ورأى الغربي أنّ "حركة النهضة ومن خلال راشد الغنوشي تبحث أيضاً عن حليف إقليمي غير تركيا من شأنه أن يسند حركة النهضة في الداخل التونسي، والجزائر يمكنها أن تلعب هذا الدور".  

وذكّر بأنّ "الغنوشي سبق أن أكّد أنه التقى رئيس البرلمان الليبي في طبرق عقيلة صالح في الأردن، في فبراير/ شباط الماضي، ووجه له دعوة إلى تونس للتباحث في الملف الليبي، أي قبل أن تحصل التطورات الأخيرة"، معتبراً أنّ "زيارة صالح الأخيرة إلى الجزائر قد تؤهله للعب دور المفاوض بدلاً من حفتر وبالتالي تمكين الدول المغاربية من أن تكون على علاقة بطرفي النزاع، في مقابل الدعم المصري لطرف واحد".  

المساهمون