وأعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، عن أمله أن "يعمل مؤتمر برلين المقبل من أجل التهدئة وإقناع الأطراف الفاعلة بالمضيّ قدماً في المسار السياسي"، لكن الجانب الإيطالي، الذي لا يزال على موقفه الداعي إلى العودة للحل السياسي للأزمة الليبية، ركز على تأكيد تقارب وجهات النظر مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بالحاجة إلى حلّ سياسي، واستبعاد الحل العسكري.
الشراكة الأميركية الإيطالية الجديدة بشأن بلورة موقف من الأزمة الليبية، هي ما أكدته وزارة الخارجية الأميركية، في بيان لها، تعليقاً على لقاء بومبيو برئيس الجمهورية الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، مؤكدة أن "إيطاليا حليف رئيسي في ضمان الجهة الجنوبية لحلف شماليّ الأطلسي، عبر وجودها في ليبيا وغيرها"، فإيطاليا - بحسب البيان الأميركي - "تطلب دعماً أميركياً لحلّ أزمة ليبيا سلمياً، يبدأ بوقف دائم لإطلاق النار، وتطبيق فعلي لقرارات الأمم المتحدة بشأن حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا".
بالتزامن، أطلقت روسيا تحذيرات من إمكانية فشل جهود إقامة سلام في ليبيا، ما يشي بقلق روسي من الانخراط الأميركي الجديد في ليبيا.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، في تصريحات صحفية أمس الأربعاء، إن "إعلانات عن عملية للتسوية في السابق فشلت بسبب اللاعبين"، ودون أن يوضح مقاربة الحل الروسي للأزمة الليبية، حذّر من استمرار استخدام الأدوات نفسها للحل في ليبيا "التي تشهد تدفقاً للمقاتلين المتطرفين"، واصفاً الوضع في ليبيا بـ"الخطير جداً".
تلك المستجدات اعتبرها المحلل السياسي الليبي، خليفة الحداد، مقدمة لنتائج سلبية بشأن الملف الليبي دولياً.
وقال الحداد، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، إنه لا يعتقد أن لقاء برلين سيأتي بجديد، و"حتى في حال فَرضِ وقف القتال في ليبيا، سيكون من بوابة تنفذ أحد الأطراف القوية، وإملاء رغباته على المتصارعين في ليبيا، في إطار صراع الدول الكبرى".
وأشار المحلل السياسي إلى أن "المعلومات المسرَّبة حتى الآن تؤكد وقوف واشنطن وراء برلين، وهي التي دفعتها إلى تسلّم الملف الليبي أوروبياً، بديلاً من إيطاليا وفرنسا اللتين فشلتا في إدارته في السابق".
وعن لقاء بومبيو ووزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، قال الحداد: "لا أعتقد أنه يتجاوز حد الإعداد الأميركي الجيد للقاء برلين ولتحصين أهداف واشنطن منه"، مشيراً إلى أنّ "من الواضح تصاعد الخلاف الروسي الأميركي بشأن ليبيا، وهو ما يؤثر بواقعية نتائج برلين على الأرض".
ورغم تصريحات مسؤولين ألمان، وعلى رأسهم المستشارة أنغيلا ميركل، عن رغبة بلادهم في استضافة لقاء دولي بشأن ليبيا، بعد مطالب أممية جاءت على لسان المبعوث الأممي لدى ليبيا، غسان سلامة، بضرورة وجود حلّ للخلافات الدولية في الملف، كخطوة أولى قبل عقد لقاء ليبي– ليبي، إلا أن لقاء برلين لم يحدد موعده بعد خلال الشهر الجاري، كذلك فإن أجندته والأطراف المعنية به لم تتضح بعد.
واعتبر الباحث الليبي في الشؤون السياسية، عبد الرحيم بشير، من جانبه، أن "المجتمع الدولي مدركٌ أن خلاف الأطراف الخارجية بشأن ليبيا، خلاف أوروبي، وهو تحديداً خلاف فرنسي إيطالي".
وقال بشير، لـ"العربي الجديد"، إن "واشنطن تدرك ذلك جيداً، وبالتالي هي تعمل على أكثر من مسار، أوله رأب الصدع الأوروبي في برلين المعروفة بحيادها في الملف الليبي، والثاني على المستوى الليبي، حيث يُجري سفيرها لقاءات موسعة مع كل الأطراف الليبية"، مشيراً إلى أن الانخراط الأميركي الجديد يأتي في وقت تستشعر فيه واشنطن وجوداً روسياً خفياً في ليبيا.
وعن إمكانية تأثير الموقف الأميركي الجديد على شكل وقادة الأطراف الليبيين، قال بشير: "أعتقد أن واشنطن أشارت إلى رجوعها عن تأييد (اللواء المتقاعد) خليفة حفتر، الظاهر من خلال اتصال الرئيس دونالد ترامب به. فاليوم هي تنسق مع حكومة الوفاق في ضربات كثيفة استهدفت خلايا "داعش" في أراضي سيطرة حفتر"، معتبراً أن ذلك "مؤشر يدل على إمكانية إعادة واشنطن نظرها في موقفها إزاء حرب حفتر على طرابلس".
الباحث الليبي أضاف أيضاً: "حتى الآن لم توضح واشنطن معنى وقف إطلاق النار، وهل يعني ذلك إرغام حفتر على ترك تخوم طرابلس والرجوع، أم إبقاءه في مواقعه الحالية، لكنها من غير شك منزعجة من وجود روسي خفيّ في صفوف قوات حفتر بالقرب من طرابلس".
ويرى بشير أن "حكومة الوفاق، وعلى رأسها فايز السراج، قطعت الطريق أمام أي محاولة لدعم حفتر سياسياً، من خلال تأكيدها للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية أساساً لأي حل سياسي مقبل"، مرجحاً أن مسار الحل السياسي المقبل "لن يكون سهلاً، وقد يستغرق وقتاً طويلاً لإقناع أطراف دولية بتوحيد موقفها، قبل أن يعاد النظر في خريطة السلاح في ليبيا، التي يمتلك حفتر نصيباً كبيراً منها، ويسيطر على قطاعات واسعة، ولا سيما مواقع النفط".