قفز حيّ القرية الشعبي بمدينة سلا المحاذية للعاصمة المغربية الرباط، إلى واجهة الأحداث الاجتماعية في البلاد، بعد توالي جرائم قتلٍ شنيعة وقعت فيه في ظرف زمني قصير، كانت آخرها جريمة قتل شابٍ في عقده الثاني من طرف شقيقين من ذوي السوابق القضائية.
وأخرجت جريمة القتل التي راح ضحيتها الشاب محمد في حي القرية المهمش مئات الأشخاص من منازلهم يوم الأحد الماضي، احتجاجاً على ما سموه تفشي الجريمة وحوادث السرقة والاعتداءات على المارة وممتلكات المواطنين في الليل والنهار، في ظل تفاقم البطالة، وانتشار المخدرات، وعدم كفاية العناصر الأمنية.
واشتهر هذا الحي خصوصاً، بالإضافة إلى أحياء هامشية أخرى؛ منها حي الرحمة وحي الانبعاث وحي سيدي موسى؛ بكونها نقاطاً أمنية سوداء، حيث تكثر فيها جرائم السرقة والاعتداءات، كما تتواجد فيها كثافة سكانية مهولة، من بينها آلاف الشباب العاطلين عن العمل.
وتحكي السيدة لْكبيرة، في نهاية عقدها الرابع، وهي من سكان حي القرية الشعبي بسلا، لـ"العربي الجديد"، بأنها تعيش منذ مدة وضعاً نفسياً صعباً لأنها تعيش رفقة ابنتها لوحدهما في البيت، وتشير إلى أنها أصبحت تخاف حين تذهب إلى العمل كل صباح من أي اعتداء محتمل من جانحي الحي.
وتابعت السيدة بأن هذا الحي يبدو من ظاهره وفي شوارعه الرئيسة هادئاً لا علاقة له بما يروج عنه بأنه مرتعٌ لجميع أنواع الانحراف، لكن عند دخول الشخص إلى الأزقة الداخلية يختلف الوضع، حيث لا يكاد يخلو زقاق من مشاحنة أو اعتداء أو جموح مخمور أو سارق.
محمد القلعة، سائق سيارة أجرة، من أبناء مدينة سلا، يقول لـ"العربي الجديد"، بأنه يشهد كل يوم تقريباً جريمة سرقة أو اعتداءً، وفي أحسن الأحوال اعتراض مارة أو شتائم لفظية من طرف جانحين، مردفاً أن الأحياء الشعبية بمدينة سلا صارت بمثابة بؤر للجريمة وجب اقتلاعها وتنظيفها.
ويلفت السائق إلى كثرة حوادث السرقة والاعتداءات، مشيراً إلى ما حصل معه أخيراً حين أوقف سيارته في أحد أزقة حي القرية بسلا، بعد أن أوصل بعض الركاب، ولم يشعر إلا بسكين صغيرة فوق رقبته، إذ باغته مراهقان طالبين منه بأن يمنحهما غلّته من نقود، وهذا ما كان، أعطاهما نقوده قبل أن يضربه أحدهما بعقب السكين ويطلقا ساقيهما للريح.
الناشط الاجتماعي المهتم بشؤون سلا عبد المولى والعلو، يقول لـ"العربي الجديد" إن سلا باتت من أكثر مدن المملكة التي تتركز فيها الجرائم إلى جانب مدن الدار البيضاء وفاس ومراكش، مؤكداً أن النقاط السوداء تتجمع في الأحياء الآهلة بالسكان، وبالفئات الشبابية العاطلة عن العمل.
ويتساءل الناشط: كيف يمكن توقع أن يعيش حي شعبي مليء بالمراهقين والشباب صغار السن الذين لا يتجاوز عمرهم 20 عاماً، في سلام ووئام، وهم يتجرعون مرارة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي؟ ويتابع "تكون ردة فعلهم استهلاك المخدرات وترويجها والاعتداء على الغير والسرقة، رغم أنه لا يمكن بأي حال تبرير هذه الأفعال غير القانونية".
وتورد خريطة الجرائم وفق إحصائيات رسمية بأن مدينة مراكش تعرف أكبر معدل للإجرام وصل إلى 3.33 في المائة، تليها مدينة سلا بمعدل 3.23 في المائة، ثم طنجة، وفاس بمعدل 2.29 في المائة.
من جهتها، تؤكد الجهات الحكومية ممثلة في وزارة الداخلية أن معدل الجريمة بالمغرب بكل أنواعها، يعتبر أحد أقل المعدلات عالمياً، إذ لا يتجاوز 21 قضية لكل 1000 مواطن سنوياً.