من هذه التفاصيل البديهية التي أغفلها رحامي، حسبما يبدو من الرواية الأميركية للحدث، أنه لم يضع خططاً للهروب أو التخفي بعد تنفيذ التفجيرات. ولا يبدو أيضاً أنه احتمل مواجهة مفاجآت خلال التنفيذ الميداني لخططه. كان فشل لسبب ما في تفجير "طنجرة الضغط" التي وضعها على ناصية شارع رقم 27 في مانهاتن. تلاحظ سيدة الجسم الغريب الموصول بأسلاك، فتسارع الى إبلاغ الشرطة وتعطي الأجهزة الأمنية الأميركية طرف الخيط الذي قاد سريعاً للتعرف على هوية أحمد خان رحامي وأفراد أسرته التي تملك مطعماً في مدينة إليزابيث في نيوجيرسي.
وساهم الارتياح العام لعدم سقوط قتلى، واقتصار الخسائر البشرية على الجروح الطفيفة التي أصابت 29 شخصاً، فيما الحديث يدور عن عشر عبوات ناسفة صنعها رحامي في مطبخ، في تشجيع المحللين على إبراز الوجه الآخر من الصورة، وخصوصاً الدعوى القضائية التي كانت قد تقدمت بها الأسرة الأفغانية ضد السلطات الأميركية المحلية في مدينة إليزابيث بسبب ما اعتبرته العائلة المسلمة تمييزاً عنصرياً ضدها، مارسته تلك السلطات على خلفية تسوية نزاعات عقارية.
ويتحدث محلل محطة الـ"سي أن أن" عن استبعاد فرضية أن يكون منفذ تفجيرات نيويورك ونيوجيرسي قد خضع لدورات عسكرية، أو تدرب على تصنيع المتفجرات لدى التنظيمات الإرهابية في أفغانستان وباكستان حيث سافر مراراً في السنوات الأخيرة. وترى صحيفة "نيويورك تايمز" في هجمات رحامي رسالة تذكير للناخبين الأميركيين بالحرب الدائرة في أفغانستان التي تتزامن ذكراها الخامسة عشرة تقريباً مع ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. لكن المفارقة أن الحرب التي كلفت الجيش الأميركي آلاف القتلى والجرحى، وما زالت تكلف الخزينة الأميركية نحو 15 مليار دولار سنويا، مغيبة عن السجال السياسي وخطاب المرشحين للانتخابات الرئاسية من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
قد تختلف ظروف وتفاصيل عملية الطعن التي شهدتها مينيسوتا عن تفجيرات نيويورك ونيوجيرسي. وإن كانت سكين المطبخ التي استخدمها ضاهر الدين الشاب الأميركي الصومالي خلال هجومه على مرتادي أحد مراكز التسوق في سان كلاودس، أمضى من "عبوات المطبخ" التي صنعها رحامي.
لكن القواسم المشتركة بين أحمد خان رحامي وضاهر الدين كثيرة. فالشاب ذو الأصل الصومالي قدم طفلاً إلى أميركا مع عائلته في تسعينات القرن الماضي، عندما فتحت السلطات الأميركية باب اللجوء أمام عشرات آلاف الصوماليين الهاربين من الحروب والجوع. وينتمي الشابان إلى جيل اللاجئين المسلمين، وهما لم يولدا في الولايات المتحدة، ويشتركان أيضاً في أن بلديهما، أفغانستان والصومال، تمزقهما الحروب منذ عشرات السنين وأنهما تعرضا للغزو من قبل القوات الأميركية.
وتوقع الدبلوماسي الأميركي السابق، الخبير في شؤون الإرهاب، ألبرتو فرنانديز، في حيث مع "العربي الجديد"، أن تزيد هذه الاعتداءات من قلق بعض الأميركيين وحساسيتهم من قضايا الهجرة واللاجئين وخصوصاً الآتين من الشرق الأوسط.
ويشير الدبلوماسي الأميركي المسؤول السابق عن مركز مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن تفجيرات نيويورك ونيوجيرسي وعملية الطعن في مينيسوتا تؤكد أن "المخاطر الإرهابية على الولايات المتحدة هي أمر واقع وليست مجرد مبالغة"، ويتابع فرنانديز لافتاً إلى أن "حقيقة كون منفذي الهجمات في الموقعين هما من المسلمين المهاجرين أو من اللاجئين إلى الولايات المتحدة، فهذا سيزيد من قلق البعض على المجتمع الأميركي من سياسة الحدود المفتوحة ومن تدفق اللاجئين وخطط استيعاب أعداد كبيرة من المهاجرين واللاجئين القادمين من بلدان الشرق الأوسط الذين لا نعرف الشيء الكثير عنهم".