كشف قيادي بارز في "التحالف الوطني" الحاكم بالعراق، أمس الجمعة، عن تفاصيل جديدة من التفاهم السعودي مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بمباركة أميركية، تتضمن دعم الرياض لتولي العبادي ولاية ثانية. وبيّن في الوقت نفسه أن "إيران لم تعلن أي تحفظ على شخص العبادي". كما استمرت اللقاءات العراقية السعودية على المستوى الرسمي، مع وصول وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، يوم الثلاثاء الماضي، على رأس وفد ضم 80 شخصية سعودية من كبار رجال الأعمال ومسؤولي قطاع الكهرباء والنفط إلى البصرة للمشاركة في مؤتمر النفط والغاز العراقي، الذي تنظمه وزارة النفط العراقية بحضور ممثلين عن عدد من الدول العربية والأجنبية. تمّ خلاله توقيع 14 اتفاقية في مجالات مختلفة من قطاع النفط والغاز والكهرباء.
وأبلغ قيادي رفيع في التحالف الحاكم، مقرّب من العبادي، "العربي الجديد"، أن "السعودية تدعم رئيس الوزراء في الحصول على ولاية ثانية، وأبلغته بأنها ستدعمه بقوة، بسبب ما اعتبرته وسطيته". وأكد أن "الرياض وواشنطن متفقتان على دعم العبادي لولاية أخرى وتعتبر مجيء رئيس وزراء جديد غير العبادي بمثابة عودة إلى مربّع البداية في العراق، خصوصاً مع المرحلة الانتقالية التي يمرّ بها بعد انتهاء مرحلة داعش". وأشار إلى "وجود ملفات كثيرة محل تفاهم بين العبادي والسعوديين، والرياض حالياً تضغط على الكتل السنية في البرلمان وخارجه، لدعم تحالف العبادي الانتخابي. وقد تفعل الشيء نفسه مع الأكراد قريباً مقابل جملة تفاهمات". ولفت إلى أن "خطوة العبادي الحالية هي الخروج من كتلة دولة القانون التي يرأسها، تمهيداً للانتخابات، رغم توصية سرية لمجلس شورى حزب الدعوة الإسلامية للعبادي بعدم الخروج من الكتلة".
وحول ذلك، قال العضو البارز في التحالف الوطني الحاكم بالبلاد منصور البعيجي، لـ"العربي الجديد"، إن "كل الحكومات التي تشكّلت سابقاً، وحتى الحالية، كانت بتدخل خارجي أميركي وايراني. وكانت التوافقات لا تمثل توجهات العراقيين ولا أصواتهم في صناديق الاقتراع، بل هي ارتدادات خارجية، لذلك أعتقد أن الانتخابات المقبلة ستكون الأصعب في العراق بسبب تعارض مصالح وتوجهات دول ومحاور عدة في ملف الانتخابات المقبلة". وأضاف البعيجي أن "المطالبين بتأجيل الانتخابات أغلبهم أطراف خارج العراق، وأعتقد أنها ستؤجل في حال لم يحسم موقف العبادي بالحصول على ولاية ثانية من عدمه". وأشار إلى أن "هناك معلومات عن تواصل سعودي مع كتل سنية وبعض الكتل الشيعية بخصوص الانتخابات المقبلة، وقد تكون فعلاً قررت دعم مرشح دون آخر".
من جانبه، ذكر النائب عن "التحالف الوطني"، طه الدفاعي، لـ"العربي الجديد"، أن "حصول العبادي على ولاية ثانية سيكون بجهوده ونجاحه الذي حققه بالعراق، تحديداً على مستوى الحرب على داعش وحشد الدعم الدولي معه". وأضاف أن "ذلك لا يمنع القول إن هناك فعلاً محاور داخل العراق الآن. محور مدعوم من إيران وآخر متمثل بالكتل السنية والكردية وبعض الكتل الشيعية، قد يكون التيار الصدري منها، تدعمها أطراف دولية أخرى، وذلك بهدف خلق توازن. لكن في جميع الأحوال الصورة ضبابية وخارطة التحالفات مرتبكة وغير محسومة. وأعتقد أن معلومات دعم السعودية للعبادي إعلامية فقط، ولا توجد تأكيدات على ذلك". بدوره، علّق النائب علي المالكي على ذلك بالقول إن "الدعم السعودي للعبادي يجب أن يوضح بشكل أفضل، لأن الواقع معكوس، والعبادي دعم السعودية في ملف العراق للتخلص من تخبطها في ملف لبنان واليمن ودول أخرى، بما يحفظ ماء وجه السياسة السعودية أملاً بتحقيق شيء لها". ووصف الساحة العراقية بأنها "تحوّلت إلى بيئة طاردة للسعودية بسبب سياستها غير الواضحة والمرتبكة".