وقال أبو نزار، وهو من أهالي بلدة بيت جن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الوضع الإنساني يزداد سوءاً يومياً، خاصة أنّ العمليات العسكرية اشتدت، خلال الأيام الأخيرة، إذ يتم قصفنا بصواريخ الفيل شديدة الانفجار والهاون والمدفعية الثقيلة والرشاشات، إضافة إلى البراميل المتفجرة"، لافتاً إلى أن "الحياة تزداد صعوبة، فالمواد الغذائية تشح يوماً بعد آخر، حتى إننا نخشى أن لا نستطيع زراعة ما تبقى لدينا من أراض زراعية، وهي تشكل المصدر الرئيسي لطعامنا طوال العام".
وأضاف "لدينا مشكلة في الحصول على المياه الصالحة للشرب، فالمياه مقطوعة منذ سنوات وشبكة المياه والصرف دمّرها القصف، واعتمادنا على مياه الآبار والينابيع في المنطقة"، ولفت إلى أن "واقع الرعاية الطبية مؤلم للغاية، ولا يوجد أطباء اختصاصيون في المنطقة، والأمر يقتصر على نقطة طبية يوجد بها عدد من الممرضين نالوا خبرتهم من الممارسة طوال سنوات الحصار".
وقال الناشط الإعلامي، أبو عمر الجولاني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "1500 مدني يعيشون في ظل وضع إنساني سيئ للغاية، نتيجة خضوعهم لحصار مطبق منذ أربع سنوات، ما تسبب في نقص شديد في المواد الغذائية والطبية والوقود، ويعتمد الأهالي على ما يستطيعون إنتاجه محلياً عبر زراعات بدائية وما في المنطقة من أشجار مثمرة، في حين تعتبر الآبار يدوية الحفر المصدر الرئيسي للمياه".
ولفت إلى أن "العديد من البلدات في جبل الشيخ كانت خارج سيطرة النظام، إلا أن عدداً منها قام بالتسوية، مثل بيت تيما وبيت سوى".
كما تشن قوات النظام السوري ومليشيات طائفية، منها "حزب الله" اللبناني ومليشيات موالية ومحلية، هجوماً منذ أيام، مدعوماً بالطيران المروحي، محققة تقدماً ملحوظاً باتجاه بلدة مغر المير الخاضعة لسيطرة "اتحاد قوات جبل الشيخ"، والتي تعتبر "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً) عصبها الرئيسي، إذ إن النظام يحاول تقسيم المنطقة إلى قطاعات صغيرة بهدف تشديد الحصار، بعد أن فشلت الفصائل في المنطقة قبل أسابيع من كسره، عبر محاولتها الالتفاف حول قرية حضر الخاضعة لسيطرة النظام وفتح المنطقة على الريف الغربي من القنيطرة.
وتعتبر بيت جن ومجموعة من البلدات المحيطة بها، آخر معاقل الفصائل المسلحة المناهضة للنظام في الغوطة الغربية، بعد أن استطاع النظام فرض اتفاقات ما يسميها بـ"المصالحات" على العديد من البلدات والمدن، والتي تسببت في تهجير عدة آلاف من أهالي المنطقة.
يشار إلى أن بيت جن هي إحدى قرى جبل الشيخ الخاضعة لسيطرة "اتحاد قوات جبل الشيخ"، إلى جانب بلدتي مغر المير ومزرعة بيت جن، بالإضافة إلى عدد من التلال الاستراتيجية مثل تلول الحمر وتل صفوت وتل الزيات وتل الظهر الأسود، وهي تتبع إداريا للغوطة الغربية بريف دمشق.
من جهة ثانية، يتواصل حصار الغوطة الشرقية منذ حوالى خمسة أعوام، قضى خلالها على عشرات المدنيين، بينهم أطفال بسبب المرض وسوء التغذية والجوع.
ونتيجة لهذا الوضع الإنساني المتدهور، توفيت، مساء الإثنين، طفلة بعد تفاقم حالتها الصحية نتيجة منع خروجها من الغوطة الشرقية بريف دمشق لتلقي العلاج.
وقالت مصادر محلية لـ "العربي الجديد"، إن الطفلة "هديل أبو عيشة" فارقت الحياة بعد تفاقم حالتها الصحية بسبب الحصار الذي يفرضه النظام السوري على الغوطة الشرقية في ريف دمشق.
وأوضح "مركز دمشق الإعلامي" أن الطفلة هدير تعاني من وجود فتحة في القلب، ومن المفترض أن يتم علاجها في خارج الغوطة، إلا أن الحصار ومنع النظام للمرضى من الخروج لتلقي العلاج في دمشق حال دون ذلك.
وكانت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، قد دعت إلى ضرورة إجلاء 137 طفلاً تتراوح أعمارهم بين سبعة أشهر و17 عاماً، من أجل تلقي العلاج الفوري بسبب ظروفهم الصحية، منها الفشل الكلوي، وسوء التغذية الحاد أو الإصابات الناجمة عن النزاع، جراء استمرار موجة العنف في أنحاء الغوطة الشرقية في سورية".