تفاصيل أميركية دقيقة عن مؤامرة اغتيال عماد مغنية

31 يناير 2015
إسرائيل عرضت على أميركا المشاركة في العمليّة (فرانس برس)
+ الخط -

نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم السبت، تقريراً عن ضلوع وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) والموساد الإسرائيلي في عمليّة اغتيال المسؤول في "حزب الله"، عماد مغنيّة، في فبراير/شباط 2008 في دمشق.

وبحسب الصحيفة، فإنّ وكالة الاستخبارات الأميركية، رصدت مغنية أثناء خروجه من أحد المطاعم في دمشق، وحين توجّه إلى سيّارته، قام رجال الموساد، عن طريق جهاز التحكّم عن بُعد من تل أبيب، وبالتواصل المباشر مع رجال الـ"سي آي إيه"، بتفجير سيارته.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول في "سي آي إيه"، أنّ "الإسرائيليين أصرّوا على تشغيل الجهاز بأنفسهم بنيّة الانتقام من مغنية، وأنّ الولايات المتحدة ساعدت في صنع القنبلة، واختبارها مراراً في منشأة (سي آي إيه) في ولاية كارولينا الشمالية، لضمان منطقة الانفجار، وأنّ ذلك لن يؤدي إلى أضرار جانبية".

أحد المسؤولين السابقين الخمسة الذين استقت الصحيفة معلوماتها منهم، أشار إلى أنّ أميركا وإسرائيل كانتا تعلمان ببقاء مغنية فترات طويلة في دمشق، منذ أكثر من عام على مقتله، وأنّ الإسرائيليين هم من اقترح على نظرائهم الأميركيين، المشاركة في خطةٍ لتصفيته في دمشق.

وجاءت فكرة الشراكة بين الإسرائيليين والأميركيين، في عملية التخلص من مغنية في وقتٍ كان فيه الموساد ووكالة (سي آي إيه)، ينسّقان عن كثب لإجهاض الطموحات النووية لكل من إيران وسورية، وعندما تمّ التأكد من وجود مغنية في دمشق، اشترك عناصر الطرفين في مراقبته، ومعرفة نمط حياته والنسق الذي يسير عليه، والأماكن التي يتردّد عليها.

في البداية، اقترح الإسرائيليون تصفية مغنية خلال الأوقات التي يمشي فيها وحيداً بعيداً عن مرافقيه، ولكن ضباط الوكالة رأوا أنّ الطريقة المثلى تبدأ بتأمين سكنٍ آمن في مبنى قريب من الشقة التي يقيم فيها، للمزيد من الدقة في الرصد والتنفيذ.

واقترح الإسرائيليون بعد ذلك، تنفيذ العملية عن طريق وضع قنبلة على دراجة هوائية أو نارية، وهو ما رفضه الأميركيون تحت مبرر، أنّ الانفجار قد يؤدي إلى حدوث خسائر جانبية غير محسوبة.

وأخذ الأميركيون وقتهم في إجراء الاختبارات على النمط الخاص من العبوة التي ستستخدم لتجنّب سقوط ضحايا أبرياء، ولا سيما أنّ المكان الذي اختير لتنفيذ العملية، كان قريباً من مدرسة للبنات.

أجريت الاختبارات على النوع الخاص من المتفجرات التي سيتم استخدامها في العملية، في هارفري بوينت، بولاية نورث كارولينا الأميركية، ذات المقر الذي جرى فيه لاحقاً التخطيط والتدريب، لقتل أسامة بن لادن عن طريق محاكاة المبنى الذي كان يقطنه في باكستان.

كانت هناك فرصة سانحة لقتله مع قاسم سليماني

هذا وأكّدت بعض المصادر أنّ الوكالة الأميركية، تراجعت أكثر من مرة عن قتل مغنية لأن الرقابة عليه ورصد تحركاته كانت تشير قبيل تنفيذ العملية إلى أن هناك من هو بجانبه أو يتحادث معه، مشيرةً إلى أنّه كانت هناك فرصة سانحة لقتله مع قائد قوات القدس الإيرانية، قاسم سليماني، حينما كانا يمشيان سوياً في ذات الحي الذي يسكن فيه مغنية.

وفي التفاصيل، فإنّ سليماني ومغنية كانا في أحد المرات، يقفان في نفس الشارع وذات المكان الذي جرت فيه لاحقاً عملية الاغتيال، ولكن لم يتم تفجير الصاعق حينها، لأن المنفّذين لم يكن لديهما التفويض القانوني لقتل سليماني، ولم يكن متاحاً الوصول سريعاً إلى الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش للحصول على موافقة بالتنفيذ.
مسؤول الثأر عميل

وذكرت الصحيفة في سياق كشفها عن تورط الاستخبارات الأميركية مع الموساد الإسرائيلي في تصفية مغنية، أن المسؤول المكلف في "حزب الله" بالثأر لمغنية لم يكن سوى عميل لإسرائيل.
ولم تذكر الصحيفة اسم العميل المفترض، لكنها وضعت رابطاً لخبر سابق لها نشرته في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تؤكد فيه اعتقال الرجل الثاني في العمليات الخارجية للحزب "وحدة 910"، محمد شوربة، بتهمة التجسس لإسرائيل، ورابطاً آخر عن تأكيد أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصر الله، لنبأ الاعتقال متجاهلاً اسم الموقوف ومقللاً من أهميته. ويعتقد على نطاق واسع أن شوربة المكنى بـ"هيثم"، هو من كان يقصده نصرالله في تصريح له قبل أسبوعين أن العميل المشتبه فيه موقوف منذ خمسة شهور. وترددت أنباء غير مؤكدة في الصحافة العربية أن شوربة اعترف أنه أبلغ إسرائيل مسبقاً بالعديد من عمليات الثأر لمغنية. الامر الذي أحبط تلك العمليات باستثناء عملية واحدة منها تجاهلتها إسرائيل حرصاً على عميلها شوربة.
وقالت بعض المصادر، إن شوربة سلم لإسرائيل أسماء أوصلت إلى تفكيك شبكاتٍ خارجية لـ"حزب الله" وزجت بالعديد من اتباع الحزب في سجون الخارج. 
وقالت نشرة استخبارية فرنسية خاصة إنه بسبب خيانة شوربة، انتقلت مسؤولية "وحدة 910" مجدداً إلى الإيراني محمد رضا زاهدي، المعروف بالاسم الحركي حسن مهداوي، وذلك بغرض إعادة هيكلتها وتحصينها من الاختراق. وكانت صحف إسرائيلية زعمت عقب اغتيال مغنية أن زاهدي سيحل محله كما سيتولى إعادة هيكلة الحزب. 
يشار إلى أن مغنية، كان في فترة شبابه المبكر أواخر السبعينيات ضابطاً في "القوة 17" التابعة لحركة "فتح"، والتي تتولى مسؤولية الحماية الشخصية للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وبعد خروج الفلسطينيين من بيروت عام 1982 التحق بحركة "أمل" الشيعية، ثم انتقل مع نصر الله إلى "حزب الله"، وأصبح أعلى مسؤول أمني في الحزب.​
دلالات
المساهمون