تفاصيل "تخطيط وتنفيذ" جريمة خاشقجي وهوية فريق الاغتيال في نصّ التقرير الأممي

19 يونيو 2019
التقرير تضمّن أسماء فريق اغتيال خاشقجي (فرانس برس)
+ الخط -
بعد 6 أشهر من التحقيق، أعلنت مقررة الأمم المتحدة، أغنيس كالامارد، تقريرها حول جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018؛ ضمن 100 صفحة تناولت تفاصيل الجريمة وهوية مرتكبيها، عارضة أدلة موثوقة تدين النظام السعودي وتحمّله المسؤولية، وفي مقدّمته ولي العهد محمد بن سلمان.

فيما يلي نعرض النصّ الحرفي الوارد في تقرير كالامارد، تحت عنوان "تخطيط وتنفيذ الجريمة"؛ إضافة إلى هوية فريق الاغتيال وأدوار عناصره:

التخطيط والتحضيرات

صبيحة الثامن والعشرين من سبتمبر/أيلول، ذهب خاشقجي مع خطيبته، الآنسة جنكيز، إلى مكتب تسجيل الزواج في مدينة إسطنبول، للسؤال إن كانت هناك أي طريقة تمكنهم من تسجيل الزواج من دون الحاجة إلى وثيقة سعودية تؤكد أن خاشقجي غير متزوج. مكتب تسجيل الزواج أكد أن الوثيقة ضرورية لإتمام تسجيل الزواج.

قام خاشقجي وخطيبته بزيارة القنصلية السعودية من دون إخبار مسبق. وقام خاشقجي بترك هاتفه مع خطيبته، لمعرفته بإجراءات زيارة القنصلية، والتي تلزم الزوار بتسليم هواتفهم لعناصر الأمن التابعين للقنصلية. خاشقجي لم يكن مرتاحاً لترك هاتفه مع موظفي القنصلية السعودية.

دخل خاشقجي إلى مبنى القنصلية في تمام الساعة 11:50 وقضى 45 دقيقة هناك، خلال الزيارة كانت معاملة موظفي القنصلية السعودية له جيدة للغاية. خطيبته قالت إنه "خرج من القنصلية وهو سعيد جداً. شعر بالارتياح ولم يشعر بأن هناك حاجة للتردد في زيارة القنصلية مرة ثانية". موظفو القنصلية السعودية أخبروه بأنه يحتاج إلى أن يعود إلى القنصلية لاستلام وثيقة سجل الزواج، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفقاً للمخابرات التركية، تم إخبار الرياض فوراً بزيارة خاشقجي إلى القنصلية وبموعد عودته في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018... استمعت المقررة الخاصة في القضية لمكالمتين هاتفيتين تم إجراؤهما في الـ28 من سبتمبر/أيلول في تمام الساعة 14:22 و14:27. في المكالمة الأولى، تحدّث الملحق الأمني في القنصلية (س.أ) مع ماهر عبد العزيز مطرب. مطرب قال في المكالمة إنه "أخبر مكتب التواصل (التقرير رجح أنه تابع لسعود القحطاني) بالمعلومات التي وصلت إليه من قبل حتيم (لم يتم تحديد هويته في التقرير)".

وسأل مطرب إن كان خاشقجي سيعود إلى القنصلية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2018. (س.أ) أجاب: "نعم، كلنا في حالة صدمة، لقد تحدثت معه للتو، سألته كيف حالك؟ لا يوجد شيء رسمي، ولكن من المعروف أنه أحد المطلوبين، ولكن لم يصلنا أي كتاب من المخابرات إن كانت هناك مشكلة عليه أم لا".

في وقت لاحق من اليوم نفسه، وبالضبط في تمام الساعة 19:08 اتصل القنصل السعودي في إسطنبول، محمد العتيبي، تحدث مع شخص يُدعى (أ.أ). ليس من الواضح إن تم تسجيل كامل المكالمة أو أن كامل التسجيل تم توفيره للمقررة الخاصة بالقضية. في المكالمة سُمع صوت (أ.أ) يقول "رئيس الأمن الوطني اتصل بي ولديهم مهمة، لقد طلبوا توفير أحد موفديك لموضوع خاص، على هذا الشخص أن يكون تابعاً للبروتوكول الخاص بك، المطلوب هو شخص من البروتوكول الخاص بك لمهمة سرية للغاية، إن استلزم الأمر يمكن لهذا الشخص الحصول على تصريح خاص". وسأل (أ.أ): "هل أنت واثق أن هذا الرجل محل ثقة؟".

وأكمل قائلاً "سيقومون بإجراء الترتيبات، أخبره بأن يشتري تذكرة، سأخبره بأشياء أخرى سيقومون بترتيبها لأننا الآن في عطلة رسمية". إضافة إلى ذلك أكد (أ.أ) مدى أهمية وعجلة المهمة حين قال "لا يوجد وقت للتخاطب بعد الآن لأن الأمر سيطول"، وأضاف "إن كانت المهمة أمنية فلدينا عسيري (لم تستطع المقررة تحديد هوية هذا الشخص)".

أجاب القنصل: "أجل المهمة أمنية". وأشار (أ.أ) إلى أنه "يقول إن هذه المهمة هي واجب، إنه يطلب هذا الشخص لمدة 4 إلى 5 أيام، سيقومون بترتيب كل شيء وهذا يتضمن مكان الإقامة، أرسل لي رقمه، سأرسل الرقم إليهم بعد ساعة، وهم سيقومون بالتواصل معه".

في تمام الساعة 20:04 اتصل العتيبي بـ(أ.م.أ) أحد موظفي القنصلية وجاء رد الأخير كالتالي: "ما الأمر؟" العتيبي أجاب: "يوجد تدريب مستعجل في الرياض، لقد اتصلوا بي من الرياض لإخباري بالأمر، طلبوا مني إرسال موظف يعمل في البروتوكول، لكن الأمر في غاية السرية، لا يجب أن يعلم أي طرف آخر بالموضوع".

أخبر القنصل (أ.م.أ) أنه "لن يتم إخبار أي من أصدقائك بالأمر"، وأن "أفضل ما يمكن القيام به هو أن تقتني تذكرة لنفسك ولأسرتك". ثم كرر القنصل مجدداً: "سيكون هنالك تدريب ولكن الأمر سري للغاية، لا يجب أن يعرف أي شخص آخر بالأمر، سيستمر التدريب حوالي خمسة أيام".



ثم قال القنصل "إنهم طلبوا ترشيح موظف من القنصلية يمكن الاعتماد عليه وشخص وطني".
القنصل أوضح أن المرافقة الأمنية للسفير السعودي اتصلت به بهذا الخصوص. وقال القنصل له إنه أخبرهم "هذا الرجل لديه زوجة وأطفال، ولا يريد تركهم، سأسأله وأخبركم بما يقول، يبدو أنه لا توجد مشكلة في تأمين حجز للغد".
بعدها أخبر القنصل (أ.م.أ) أنه سيرسل اسمه للسفير الذي بدوره سيقوم بإرسال الاسم لـ"أصدقاء ياسين" (لم تستطع المقررة تحديد هوية ياسين أو أصدقائه). وبعدها "سيتم التواصل معك للترتيب، أخبرهم في أي وقت ستصل، هم قد رتبوا لك مكاناً للإقامة، كل شيء تم ترتيبه".
بعدها قام الرجلان بمناقشة عدد الخيارات المتعلقة برحلة الطائرة من إسطنبول للرياض، سأل (أ.م.أ) إن كان التدريب يبدأ غداً؟ أجاب القنصل "أجل هذا ما يقولونه".
ثم ناقش الرجلان شراء بطاقة لرحلة تنطلق في تمام 01:00 في نفس الليلة التي جرت فيها المكالمة، ولكن (أ.م.أ) قال إنه لا يستطيع السفر في ذلك الوقت. تم بعدها الاتفاق على رحلة تغادر إسطنبول في تمام الساعة 20:00 أو 21:00 في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول.
وفي التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول 2018 غادر اثنان من الفريق الأمني الملحق بالسفارة، هؤلاء الشخصان هما (ي.ك) و(أ.أ.أ)، إلى الرياض في تمام الساعة 15:15.
ووفقاً للمخابرات التركية، في السابع والعشرين من سبتمبر/أيلول، قام المسؤولون السعوديون الذين فتشوا القنصلية بحثاً عن أجهزة تنصت بمغادرة إسطنبول على متن طائرة انطلقت في تمام الساعة 17:15.



في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وبالتحديد في تمام الساعة 16:30 عاد الملحقان الأمنيان بالقنصلية السعودية إلى إسطنبول على متن الطائرة رقم SF263. كان معهم ثلاثة رجال سعوديين والذين تم لاحقاً التعرف إليهم ضمن الفريق الأمني المكون من 15 شخصاً والمتهم باغتيال خاشقجي:

1- نايف حسن العرفي
2- محمد سعد الزهراني
3- منصور عثمان أبا حسين

المسؤولون الثلاثة سجلوا حضورهم في فندق Wyndham Hotel في الساعة 17:30. في تمام الساعة 19:00 ذهبوا إلى القنصلية وبقوا هناك لعدة ساعات، عادوا إلى الفندق في تمام الساعة 22:40.
قبل عدة ساعات قام الملحق (أ.س.أ) بقيادة السيارة إلى غابة بلغراد في تمام الساعة 17:30 والتي تبعد 20 كيلومتراً عن إسطنبول.
خلال اليوم نفسه وفي تمام الساعة 19:20 تحدث (أ.م.أ) مع العتيبي وموظف تابع لشركة سياحة بشأن الحجز بفنادق لمجموعة من السعوديين يخططون لزيارة إسطنبول. تمت مناقشة قرب موقع القنصلية من موقع عدد من الفنادق التي تتمتع بإطلالة على البحر. حجزت القنصلية ثلاثة أجنحة فندقية وسبع غرف لمدة ثلاثة أيام.

في الأول من أكتوبر/تشرين الأول اتصل مسؤول سعودي بمواطن سعودي يدعى (م.أ.أ) والمعروف أيضاً باسم غوزان والذي يمتلك مزرعة في مدينة يالوفا الواقعة على بحر مرمرة. المسؤول السعودي سأل غوزان كم تبعد المزرعة من إسطنبول، غوزان أجاب: "لقد تم فتح الجسر ولذلك فالطريق يأخذ حوالي الساعة و15 دقيقة من خلال الأوتستراد، أما إذا تم استقلال طائرة فإن الوصول يستغرق حوالي 45 دقيقة من المطار". وسأل المسؤول "هل يوجد أي شخص آخر في المزرعة؟"، وأجاب غوزان: "لا يوجد أحد، فقط الحارس المسؤول عن رعاية المكان"، قال المسؤول السعودي "جيد جداً".

في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول وفي تمام الساعة 21:48، تحدث (س.أ) و(أ.أ) وشخص لم يتم تحديد هويته. لم تستطع المقررة الخاصة تحديد من كان يتكلم بين الثلاثة. أحد الرجال قال: "هنالك لجنة قادمة من السعودية في الغد، لديهم مهمة يريدون القيام بها في القنصلية، عليهم القيام بشيء ما في طابقي في المكتب" "إذن الطابق الأول؟" "لا في المكتب المجاور لمكتبي"، "عملهم داخل المكتب سيستغرق يومين أو ثلاثة وليس لديهم أي موظف مسؤول يمكنه استلام مسؤولية المكتب في الطابق العلوي"، "حسناً سأكون في القنصلية في 08:00 صباحاً". "اسم الرجل الذي سيأتي إلى القنصلية هو مها واللجنة هي لجنة سعودية وسيدخلون باستخدام بطاقة دخول بحوزة رئيس اللجنة".


في الساعات الأولى من الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول وفي تمام الساعة 03:30 وصل تسعة مسؤولين سعوديين إضافيين على متن طائرة خاصة رقم (HZ-SK2) والتي يتم تشغيلها من قبل شركة Sky Prime Aviation والتي تعمل من الرياض.
وفقاً للوثائق الرسمية وبحسب خطة الرحلة للطائرة رقم (HZ-SK2)، تم طلب الطائرة في تمام الساعة 19:30 UTC. لكن الرحلة تم إلغاؤها في تمام الساعة 20:19 UTC، بعدها تم طلب الطائرة مجدداً في تمام الساعة 20:23 وهذه المرة بتصاريح دبلوماسية.
أسماء ركاب الطائرة وفقاً لسجل الرحلة:

1- فهد شبيب البدوي
2- ثائر غالب الحربي
3- مصطفى محمد المدني
4- بدر لافي العتيبي
5- تركي مشرف الزهراني
6- وليد عبد الله الشهري
7- سيف سعد القحطاني
8- ماهر عبد العزيز مطرب
9- د. صلاح محمد الطبيقي
هذه المجموعة المكونة من تسعة رجال سجلوا حضورهم بفندق Movenpick Hotel في إسطنبول في تمام الساعة 04:50.

من جانبها أخبرت السلطات التركية المقررة الخاصة بالقضية بأنه "لا يوجد لدينا أي صور أشعة سينية لأمتعة الفريق السعودي".




جدول (أ) أسماء فريق الاغتيال السعودي

الاسم المنصب الحكومي تاريخ الوصول إلى تركيا
منصور عثمان أبو حسين
دخل تركيا بجواز سفر دبلوماسي
جنرال رفيع أو ضابط مخابرات
عمل في مكتب ولي العهد
1 أكتوبر/ تشرين الأول

نايف حسن العريفي


ملازم أول يعمل بجهاز الاستخبارات
الداخلية
عمل في مكتب ولي العهد
1 أكتوبر/ تشرين الأول

محمد سهد الزهراني

ضابط استخبارات

1 أكتوبر/ تشرين الأول
خالد عيد العتيبي

عنصر بالحرس الملكي
شوهد خلال وجود ولي العهد بأميركا
خلال الزيارة التي أجراها إليها
عام 2017
2 أكتوبر/ تشرين الأول
عبد العزيز محمد الحوصاني
عنصر ضمن فريق الحماية الشخصية
لولي العهد
2 أكتوبر/ تشرين الأول

مشعل سعد البستاني

ملازم أول بالطيران العسكري السعودي

2 أكتوبر/ تشرين الأول
ماهر عبد العزيز مطرب


حامل لجواز سفر دبلوماسي

عمل بالسفارة السعودية بلندن

ضابط استخبارات

عمل مع سعود القحطاني،

مستشار ولي العهد

2 أكتوبر/ تشرين الأول
وليد عبد الله الشهري


عنصر ضمن الحرس الملكي

أمر ولي العهد بترقيته

إلى رتبة رائد

2 أكتوبر/ تشرين الأول

فهد شبيب البلاوي

عنصر ضمن الحرس الملكي

2 أكتوبر/ تشرين الأول
بدر لافي العتيبي


رائد، يعمل بالاستخبارات الخارجية

ربما كان يعرف خاشقجي منذ كان

الأخير يقدم المشورة لرئيس

الاستخبارات الخارجية

2 أكتوبر/ تشرين الأول
د. صلاح محمد الطبيقي


مختص بالطب الشرعي

تابع لوزارة الداخلية

بروفيسور بقسم الأدلة الجنائية

بجامعة نايف العربية

2 أكتوبر/ تشرين الأول
مصطفى محمد المدني
يحمل رتبة عميد
ضابط استخبارات سامي
يشتغل بالقصر الملكي
2 أكتوبر/ تشرين الأول
ثائر غالب الحربي


جرت ترقيته من رائد إلى مقدم

لشجاعته خلال هجوم استهدف

قصر ولي العهد

2 أكتوبر/ تشرين الأول
سيف سعد القحطاني


عمل مختصاً بالتدريب

بالقوات الجوية السعودية

عمل بمكتب ولي العهد

2 أكتوبر/ تشرين الأول

تركي مشرف الشهري

ضابط استخبارات

2 أكتوبر/ تشرين الأول


إخفاء وقتل جمال خاشقجي

تتذكر خطيبة خاشقجي أنه في صباح الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول اتصل خاشقجي بالقنصلية السعودية لإخبارهم بأنه سيقوم بزيارتها. أحد موظفي القنصلية قال له إنهم سيعيدون الاتصال به، بعد مرور 40 دقيقة اتصل به أحد موظفي القنصلية وطلب منه القدوم في تمام الساعة 13:00.

في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول وبين الساعة 10 و11 صباحاً، انقسم الفريق السعودي المكون من 15 شخصاً إلى فريقين. خمسة أفراد توجهوا إلى منزل القنصل والعشرة الباقون توجهوا إلى مقر القنصلية.




جدول (ب) أماكن وجود عناصر فريق الاغتيال أثناء الجريمة

منزل القنصل العام مبنى القنصلية
منصور عثمان أبو حسين محمد سعد الزهراني
نايف حسن العريفي ماهر عبدالعزيز مطرب
عبدالعزيز محمد الهوساوي وليد عبدالله الشهري
خالد العتيبي فهد شابب البلاوي
مشعل سعد البستاني بدر لافي العتيبي
د. صلاح محمد طبيقي
مصطفى محمد المداني
ثائر غالب الحربي
سيف سعد القحطاني
تركي مشرف الشهري

في تمام الساعة 13:02 داخل القنصلية السعودية، دارت محادثة بين مطرب والطبيقي، جرت المحادثة قبل دقائق قليلة من دخول خاشقجي إلى القنصلية.

سأل مطرب "إن كان الجذع يمكن وضعه في كيس؟" وأجاب الطبيقي: "لا، الجذع ثقيل الوزن". ثم عبر الطبيقي عن أمله أن يكون الأمر "سهلاً، سيتم فصل الأطراف، لا توجد مشكلة، الجثة ستكون ثقيلة، أولاً سأنفذ عملية تقطيع على الأرض، إذا أخذنا أكياساً بلاستيكية وقمنا بالتقطيع إلى قطع سينتهي الموضوع، سنقوم بلف كل قطعة". تم استخدام لفظ "حقائب جلدية" للإشارة إلى عملية تقطيع الجلد.

الطبيقي بصفته طبيباً شرعياً عبر أيضاً عن قلقه قائلاً: "مديري المباشر لا علم له بما سأفعل، لا يوجد أي أحد يمكنه حمايتي". في نهاية المحادثة سأل مطرب إن كان "الحيوان الذي سيتم التضحية به قد وصل؟". في تمام الساعة 13:13 سُمع صوت يقول: "لقد وصل". في هذه التسجيلات التي استمعت إليها المقررة الخاصة في القضية لم يتم استعمال اسم خاشقجي على الإطلاق.

في تمام الساعة 13:15 دخل خاشقجي بمفرده إلى القنصلية السعودية، بعد أن ترك هاتفه برفقة خطيبته والتي ظلت خارج القنصلية. قدرت المخابرات التركية أن خاشقجي توفي في غضون عشر دقائق بعد دخوله إلى القنصلية.

إعادة تشكيل الأحداث التي وقعت بعد دخول خاشقجي القنصلية تعتمد بشكل أساسي على التسجيلات والتحقيق الشرعي الذي قام به محققون أتراك، بالإضافة إلى معلومات متوفرة من خلال المحاكمات التي يخضع لها المشتبه بهم في السعودية.

داخل القنصلية يبدو أن خاشقجي التقى بشخص يعرفه، قال شيئاً ما عن أن القنصل موجود داخل القنصلية. دُعي خاشقجي إلى مكتب القنصل الواقع في الطابق الثاني من القنصلية. بحسب التسجيلات، ركزت المحادثة معه في البداية على احتمال عودته إلى السعودية، ليرد بأنه يرغب في ذلك في المستقبل.

بعدها تم إخبار خاشقجي: "علينا أن نأخذك إلى السعودية، هنالك أمر (بلاغ) من الإنتربول بأخذك، الإنتربول طلب إعادتك، نحن جئنا لكي نأخذك". فأجاب خاشقجي: "لا توجد أي قضية ضدي، لقد أخبرت أشخاصاً في خارج القنصلية بقدومي هنا وهم في انتظاري، هنالك سائق في انتظاري في الخارج". في وقت لاحق سُمع خاشقجي يقول إنه لا يوجد سائق في انتظاره وإنما تنتظره خطيبته في الخارج. في عدة مرات سُمع صوت مسؤول سعودي يقول لخاشقجي: "كفانا تضييعاً للوقت".

في تمام الساعة 13:22 سأل مطرب خاشقجي إن كان بحوزته أي هواتف، فأجاب: "معي هاتفان"، "ما نوع الهواتف؟" "من ماركة آبل"، "أرسل رسالة لابنك". "أي واحد من أبنائي؟ ماذا يجب أن أقول لابني؟" صمت. "أنت، قم بكتابة الرسالة دعونا نبدأ، أرنا ماذا ستكتب"، "ماذا يجب أن أقول؟ هل أقول له أراك قريباً؟ لا أستطيع أن أقول إنني أتعرض للخطف؟" "كفى"، "اخلع سترتك". "كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث في سفارة؟"، "لن أكتب أي شيء"، "اكتب سيد جمال، أسرع، ساعدنا كي نساعدك لأن في النهاية سنأخذك إلى السعودية وأنت تعلم ما يمكن أن يحدث لك هناك، دعنا نصل إلى نهاية حميدة".

في تمام الساعة 13:33 قال خاشقجي: "يوجد هنا فوطة (منشفة). هل ستقومون بإعطائي عقاقير؟"، "سنقوم بتخديرك".

سُمعت أصوات عراك في التسجيلات وخلال العراك تم سماع الجمل الآتية: "هل نام؟"، "إنه يرفع رأسه"، "استمر بالضغط"، "اضغط هنا، لا ترفع يدك اضغط".

أشارت التحليلات التي أجرتها المخابرات التركية ومخابرات عدة دول على التسجيلات إلى أن من المحتمل أن يكون تم حقن خاشقجي بمخدر وبعدها تم خنقه باستخدام كيس بلاستيكي. سجلت المخابرات التركية قيام الفريق المكون من 15 شخصاً بالتحدث عن استعمال حبل، ولكن لا يمكن معرفة إن تم استخدام الحبل في عملية الخنق أم في عملية نقل الجثة أم أنه لم يتم استعمال الحبل على الإطلاق.

أصوات حركة وأصوات لهاث وتنفس ثقيل يمكن سماعها في ما تبقى من التسجيل، يمكن سماع أيضاً صوت تمزيق أكياس بلاستيكية. قدرت المخابرات التركية أن هذه الأصوات وقعت بعد أن تم قتل خاشقجي وأثناء عملية تقطيع جثته. تحليل المخابرات التركية وضح أن صوت منشار يمكن سماعه في تمام الساعة 13:39. المقررة الخاصة بهذه القضية لم تتمكن من تحديد مصدر الأصوات المسموعة.


حوالي الساعة 15:00 سجلت كاميرات المراقبة خروج المدني والقحطاني من القنصلية عبر باب خلفي. ظهر المدني وكأنه يرتدي ملابس خاشقجي. حمل القحطاني كيساً بلاستيكياً معه. استقل الاثنان سيارة أجرة إلى منطقة السلطان أحمد. في تمام الساعة 16:13 دخل الرجلان إلى الجامع الأزرق وداخل الجامع قام المدني بتغيير ملابسه، في تمام الساعة 16:29 استقل الرجلان سيارة أجرة إلى محطة المترو. في المنطقة القريبة من محطة المترو تخلص الرجلان من كيس البلاستيك برميه في حاوية للنفايات، عاد الرجلان إلى فندق Movenpick Hotel في تمام الساعة 18:09.

إبلاغ السلطات التركية باختفاء خاشقجي

في تمام الساعة 16:41 اتصلت خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز بالشخص الذي يجب الاتصال به في حالة الطوارئ بحسب خاشقجي وهو ياسين أقطاي، وشرحت له أن خاشقجي دخل من القنصلية ولم يخرج بعدها، أقطاي لم يكن متأكداً مما يجب فعله فاتصل بمعارض سعودي، المعارض السعودي أبدى غضبه وقال إنه حذّر خاشقجي عدة مرات من دخول القنصلية السعودية، واقترح أن يتواصل أقطاي مع مكتب الرئيس أردوغان.
عملاً بالنصيحة اتصل أقطاي بمكتب الرئيس أردوغان واتصل أيضاً بنائب رئاسة المخابرات الوطنية التركية، قال أقطاي: "تم إعلام الرئيس أردوغان وقرر أن الأمر خطير، أرسل السكرتير وأنا أخبرته بكل المعلومات المتوفرة لدي، لقد تم أخذ قضية السيد جمال خاشقجي بجدية كبيرة".

ذكر أقطاي أنه اتصل أيضا بالسفير السعودي في تركيا في ذلك التاريخ، وقال السفير له "هذه أول مرة أعلم بهذه الموضوع"، وطلب أن أتصل به بعد عشر دقائق لكي يكون قد اتصل بالقنصلية، لكنه لم يعاود الاتصال.

في تمام الساعة 16:30 اتصلت جنكيز بطوران كسلاكسي والذي لم يكن متوفرا على الفور، لكن الاثنين تحدثا في نهاية الأمر، بعد أن شرحت جنكيز الوضع، تواصل كسلاكسي مع معارفه في الحكومة التركية طالباً أن تضغط الحكومة التركية على السعودية للإفراج عن خاشقجي. بين الساعة 18:30 و19:00 ذهب السيد كسلاكسي إلى القنصلية، وقام بالتواصل مع قنوات TRT والجزيرة وعدد آخر من القنوات الإخبارية وأخبرها باختفاء خاشقجي.

مغادرة الفريق المكون من 15 شخصاً تركيا

بحسب المخابرات التركية، غادر مطرب والحربي والطبيقي منزل القنصل في تمام الساعة 16:53 على متن سيارة تابعة للقنصلية، لكنهم لم يأخذوا معهم أياً من الأكياس أو الحقائب التي كانت معهم عند دخولهم القنصلية، لم يستطع المحقق الخاص بهذه القضية التحقق من كيفية الوصول إلى هذا الاستنتاج.

في تمام الساعة 10:47 انطلقت طائرة خاصة تابعة لشركة A Sky Prime Aviation من الرياض تحمل الرقم HZ-SK1. تم تحضير خطة الرحلة في تمام الساعة 07:39 وتم تسجيل الطلب في تمام الساعة 10:30، هبطت الطائرة في مطار أتاتورك في تمام الساعة 17:15، وبحسب المخابرات التركية كانت الطائرة خالية من الركاب عندما وصلت إلى تركيا.

استقل كل من مطرب وخمسة آخرين (العتيبي وتركي الشهر و وليد الشهري و فهد البدوي وثائر الحربي) الطائرة رقم HZ-SK1 والتي أقلعت في تمام الساعة 18:30، توجهت الطائرة إلى القاهرة حيث بقيت خلال الليل، وغادرت الطائرة القاهرة في تمام الساعة 20:29 في الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، ليس من الممكن التأكد إن كان جميع الركاب كانوا على متن الطائرة حين عادت إلى الرياض، لم يستطع المحقق الخاص معرفة لماذا توقفت الطائرة في القاهرة.

غادر الطبيقي والهوساوي وخالد العتيبي القنصلية إلى مطار أتاتورك ووصلوا إلى المطار في تمام الساعة 19:40.47، أما زهراني وأباحسين والعريفي والبستاني فقد وصلوا إلى المطار في تمام الساعة 20:24.48.

 في هذا التوقيت يعتقد أن الشرطة التركية أنذرت أمن المطار باحتمالية وجود عملية خطف.

غادر المسؤولون السبعة تركيا في تمام الساعة 22:54 على متن طائرة تابعة لشركة a Sky Prime Aviation plane وتحمل رقم  HZ-SK2 ومتوجهة إلى دبي. وفق سجل التتبع العام للرحلات الجوية فالرحلة رقم HZ-SK2 غادرت دبي إلى الرياض في مساء الثالث من تشرين الأول، لا يمكن التأكد من وجود الركاب السبعة على متنها حين غادرت دبي.

 

 استقل المدني والطبيقي طائرة تابعة للخطوط التركية وتحمل رقم TK144.51 متوجهة إلى الرياض في تمام الساعة 01:25.

أما أ. س. أ. الملحق بالقنصلية فقد قاد سيارة إلى غابة بلغراد في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، وغادر تركيا برفقة عائلته في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول في تمام الساعة 23:28، ثم عاد إلى تركيا بمفرده في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

مسؤولية القيادة في السعودية عن الجريمة

إن تحديد المسؤولية الجنائية بالنسبة للقادة السعوديين هو أمر مهم يجب حسمه للكشف عن أولئك الذين كانوا "العقل المدبر وراء الجريمة".

توضح مقررة الأمم المتحدة أن البحث عن العدالة ومحاسبة منتهكي حقوق الإنسان هو بنفس درجة الأهمية، مع تعرية الذين أساؤوا استخدام سلطتهم وفشلوا في التصدي لمسؤولياتهم.

المادة 6 من الاتفاقية الدولية للاختفاء القسري تفرض على الدول الموقعة تقديم مسؤوليها للعدالة الجنائية إن تم إثبات أ - معرفتهم بمعلومات أو لم يأخذوا بجدية معلومات تشير بوضوح إلى أن المرؤوسين تحت سلطتهم يرتكبون أو على وشك ارتكاب جريمة الإخفاء القسري. ب - كان لهم مسؤولية فعالة في النشاطات والأفعال التي أدت إلى وقوع جريمة الإخفاء القسري. ج - فشلوا في إيقاف أو منع حدوث جريمة إخفاء قسري، أو فشلوا في تحويل الجريمة للسلطات المختصة للقيام بتحقيق وإدانة المسؤوليين.

الإخفاء القسري هو جريمة حتى إن لم يتم ارتكابها بصورة متواترة، وحتى وإن لم تكن ترتكب على صعيد كبير أو بشكل ممنهج.

صاحب السلطة يتحمل مسؤولية عدم القيام بأي فعل من لحظة وصول المعلومات إليه بحدوث جريمة أو دلائل على حدوث جريمة، ويتحمل أيضا المسؤولية في حال توفرت معلومات نبهته إلى جرائم ارتكبها المرؤوسون تحت سلطته.

الفشل في إنزال العقاب على مرتكبي الجرائم هو جريمة بحد ذاتها، وإنزال العقاب أو المحاسبة بعد حدوث الجريمة لا يرفع المسؤولية الجنائية، لعدم التدخل لإيقاف الجريمة قبل وقوعها في حال توفرت معلومات تشير إلى احتمال وقوع جريمة.

التعامل والتحقيق مع مرتكبي الجرائم يجب أن يكون بصورة جدية، فعليا يجب إثبات إن كان الرئيس قد عمل بشكل جدي لإيقاف وقوع الجريمة أو لإنزال العقاب بعد حدوثها.

ولا ترتفع المسؤولية عن الرئيس في حال معرفته أن إبلاغ السلطات عن الجريمة سيؤدي فقط إلى إجراء تحقيق زائف أو غير جدي ولا يمكن أن يؤدي إلى محاسبة أي من المرؤوسين بصورة عادلة.

أدلة موثوقة تستدعي إجراء المزيد من التحقيقات مع مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى

تناول المحقق الخاص لهذه القضية مسألة الأدلة الموثوقة التي تستدعي إجراء المزيد من التحقيقات في تورط مسؤولين سعوديين. حالياً، لم يتم إثبات الجرم بحق أي مسؤول سعودي، خصوصا سعود القحطاني وولي العهد محمد بن سلمان. التحقيقات لم تثبت أي جرم بعد، فكل ما تم التوصل إليه هو وجود حاجة ملحّة لإجراء تحقيق من قبل جهة ذات سلطة، لمعرفة إن تخطى أي مسؤول سعودي عتبة المسؤولية الجنائية.

يشير المحقق الخاص بهذه القضية إلى أنه تم فصل عدد من المسؤولين السعوديين عالي المستوى من مناصبهم بعد مقتل خاشقجي. وهم: نائب رئيس المخابرات العامة المسؤول عن الموارد البشرية والمدير العام لجهاز المخابرات العامة.

هذا يدل على احتمالية تورطهم في الجريمة أو فشلهم في اتخاذ الإجراءات المناسبة بعد أن وصلتهم معلومات عن الجريمة. وعلى المملكة العربية السعودية أن تصرح عن سبب فصلهم من مناصبهم.

المحقق الخاص في هذه القضية لم يتناول المسؤولية الجنائية الواقعة على مسؤولين سعوديين من المستوى الأدنى، ولكن يجب الانتباه إلى عدم التطابق بين الذين اعتقلتهم الحكومة السعودية على خلفية الجريمة وبين من تمت إدانتهم في الجريمة، وهذا يتضمن الفريق المكون من 15 شخصا وأفراد الملحق الأمني التابع للقنصلية.

سعود القحطاني

سعود القحطاني هو مستشار للديوان الملكي السعودي ومسؤول مواقع التواصل الاجتماعي التابع لولي العهد السعودي. توجد أدلة موثوقة تشير إلى أنه قام شخصيا بإدارة حملة استهدفت نشطاء ومعارضين سياسيين. على سبيل المثال هناك مزاعم تقضي بقيامه بمضايقة أفراد على الإنترنت وبتحريض متابعيه على مهاجمة الذين يقومون بمناصرة قطر، ومطالبته أن يتم نشر أسمائهم على موقع تويتر عبر هاشتاغ #القائمة السوداء. غرد القحطاني قائلاً: "سيتم التعامل معهم وملاحقتهم من الآن صاعداً". 

هدد سعود القحطاني في تغريدة عبر موقع تويتر: "هل يحميك الاسم المستعار من #القائمة السوداء؟ لا 1- الدول لها طريقتها في معرفة صاحب الاسم 2- يمكن معرفة الـ IP بطرق فنية عديدة 3- سر لن أقوله".

وزعم القحطاني في تغريدة أخرى أنه يعمل وفق أوامر ملكية: "وتعتقد أني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين".

توفرت للمحقق الخاص معلومات كافية لتكوين أرضية منطقية لإثبات ما يلي:

أ. تم إخبار المحقق الخاص أن سعود القحطاني كان أحد المسؤولين اللذين قاما شخصيا باستجواب وتهديد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لإجباره على التنحي عن منصبه. وذلك خلال فترة احتجازه في مسكن خاص في مجمع ريتز كارلتون في مدينة الرياض، في شهر تشرين الثاني عام 2017. مقربون من الحدث أشاروا إلى أن رئيس الوزراء اللبناني تعرض لـ"تعذيب نفسي" ومعاملة سيئة غير إنسانية ومهينة.

ب. وفقاً لتقارير صادرة عن الأمم المتحدة وشهادة أحد الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في إطار هذا التحقيق، فإن سعود القحطاني كان مشاركا بشكل شخصي في اعتقال وتعذيب ناشطات سعوديات، أبلغت ست ناشطات سعوديات عن تعرّضهن للتعذيب في السجون السعودية، هؤلاء الناشطات هن: سمر بدوي، شادان العنيزي، عزيزة اليوسف، إيمان النفجان، لجين الهذلول، ونوف الدوسري. اثنتان من الناشطات قالتا إن سعود القحطاني كان حاضرا شخصيا خلال جلسات تعذيبهما. بحسب رسالة رسمية من الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان للمملكة العربية السعودية، فإن سعود القحطاني قال لإحدى النساء "أستطيع أن أفعل ما أشاء بك ثم سأذيبك وأتخلص منك في المرحاض".

ج. من الواجب ملاحظته أن في الـ28 من شهر أيلول، وصف ضابط الاستخبارات ماهر مطرب خاشقجي بـ"أحد المطلوبين". وفقا للمدعي العام السعودي، فإن الضابط كان أحد موظفي ولي العهد ويقال إنه كان مدير "عملية التفاوض" مع خاشقجي وأحد أوائل الذين خططوا للمهمة.

د. وفقا للبيان الصادر عن المدعي العام السعودي بتاريخ 15 تشرين الثاني 2018، فإن سعود القحطاني كان أحد المسؤولين السعوديين العالي المستوى الذين شاركوا بشكل مباشر في المهمة، وهنالك مزاعم بأنه قد اتهم خاشقجي بكونه خطرا على الأمن الوطني.

هـ. الأدلة تشير إلى أن الجريمة كانت مسبقة التخطيط، وأن الأوامر الصادرة من قبل الرؤساء كانت بقتل خاشقجي إن لم يقبل بالرجوع إلى المملكة، ولكن على أقل تقدير فإن المهمة تضمنت أمرا بخطف السيد خاشقجي، وهذا بالنظر إلى حجم وطبيعة المهمة. الخطف هو انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكل من ضلع في التخطيط ووافق على المهمة يتحمل خطر تسبب الخطف في قتل المخطوف أو تعرضه للأذى البالغ.

و. لا يوجد أي دليل يشير إلى أن سعود القحطاني حاول في أي وقت التدخل لمنع ارتكاب جرائم خلال حملة قمع النشطاء أو خلال المهمة التي أدت إلى مقتل خاشقجي. إضافة إلى ذلك لا يوجد أي دليل يشير إلى قيامه بمعاقبة أي من مرؤوسيه لأي جرائم ارتكبوها.

ي. قيام المملكة العربية السعودية بفصل القحطاني من منصبه يشير إلى إقرار المملكة العربية السعودية بدوره ومسؤوليته في الجريمة. ولهذا، فإن تحقيقا يجب أن يفتح في مسؤولية القحطاني الجنائية.


ولي العهد محمد بن سلمان

يتفهم المحقق الخاص بهذه القضية الحساسية الكبيرة التي تحيط بأي تحقيق جنائي يستهدف شخصا يدير شؤون المملكة مع والده الملك. تشير الأبحاث الأكاديمية التي نظرت في الشأن الداخلي السعودي إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان يتمتع بسلطة عالية في شؤون المملكة السياسية والاقتصادية والأمنية. لا يخضع ولي العهد إلى القيود التي وزعت تاريخياً السلطة بين أفراد العائلة المالكة والديوان الملكي السعودي.

يقر المحقق الخاص بهذه الجريمة بأن شهادة أشخاص يعملون تحت رئاسة ولي العهد بارتكابه أي جريمة هو أمر غير محتمل. وبعد أخذ هذا بالحسبان فمن الواجب التذكير بأن أحد أهداف النظريات القانونية الحاكمة للمسؤولية الجنائية هو أن لا يفلت أي أحد من العقاب مهما كان منصبه.

يعتقد المحقق الخاص بهذه القضية بأن هناك أدلة كافية لإثبات ما يلي:
أ. وفقا للتحريات، فإن خاشقجي كان على دراية كاملة بالسلطات التي يتمتع بها ولي العهد وكان يخافه. أفاد الشهود بأن عددا من المبعوثين السعوديين كان من ضمنهم سعود القحطاني حاولوا إقناع خاشقجي بالعودة إلى المملكة العربية السعودية مع وعود بالعمل والمناصب. وأفاد الشهود أيضا بأن خاشقجي عبر عن مخاوفه مما قد يحدث له إن عاد إلى السعودية، عبر خاشقجي عن مخاوفه من أن الكثير مما تم تداوله في المحادثات الخاصة أصبح لاحقا متاحا للعموم.

في السنوات التي سبقت مقتل خاشقجي، وثّقت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان ارتفاع نسبة الاعتقالات التعسفية السعودية، هذه الاعتقالات لم تشمل فقط الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وحسب، وإنما شملت أيضا أمراء ورجال أعمال ورئيس دولة، كرئيس الوزراء اللبناني.

يجب النظر إلى العملية التي استهدفت خاشقجي في ضوء حملة القمع المنسقة والمنظمة من قبل السلطات السعودية، والتي تشمل ارتكابا متكررا لجريمتي التعذيب وإلحاق الأذى الجسدي بحق المعتقلين. على أقل تقدير، فإن ولي العهد تغاضى عن هذا السلوك، وسمح بتكرار هذه الجرائم وتصعيدها، ولم يتخذ أي إجراء لمعاقبة مرتكبيها أو لمنع حدوثها. وبهذا، فقد تحمّل ولي العهد المسؤولية القانونية عن كل الجرائم التي ارتكبت ضمن هذه الحملة، ومنها الجريمة التي حدثت بحق خاشقجي، ولهذا تقع هذه المسؤولية الجنائية على عاتقه، سوءا كان قد أمر بارتكاب الجريمة أم لا.

لعب ولي العهد دورا أساسيا في السماح بالحملة التي استهدفت المعارضين والخصوم السياسيين، حيث استخدمت هذه الحملة قوات وموارد من الدولة السعودية لا يمكن تسخيرها من دون موافقة ولي العهد ورضاه.

تشير الأدلة إلى أن مهمة اغتيال السيد خاشقجي، والتي نفذها فريق يضم 15 شخصا، تطلبت مستوى عاليا من التنسيق الحكومي سخرت لها موارد وتمويل مادي حكومي. وعلى الرغم من زعم الحكومة السعودية بأن هذه الموارد تم تسخيرها من قبل أحمد عسيري، إلا أن كل خبير تم استشارته أفاد بأن من المستحيل أن يتم تنفيذ عملية بهذا الحجم من دون علم ولي العهد، على أقل تقدير من المستحيل أن لا يعرف بأن مهمة ما ذات طابع إجرامي ستستهدف خاشقجي.

قامت الحكومة السعودية بعد اغتيال خاشقجي أو سمحت بتدمير أدلة، في انتهاك لالتزامات الدولة السعودية بموجب القانون الدولي. في الخامس من تشرين الأول وبعد ثلاثة أيام من مقتل خاشقجي وقبل أن يتم تأكيد مقتله رسمياً، قال ولي العهد إنه كان يتابع الموضوع بشكل حثيث، وتحدث عن خاشقجي عبر مقابلة تلفزيونية ورحب بقيام السلطات التركية بتفتيش القنصلية السعودية. بعد ذلك قامت السلطات السعودية باتخاذ خطوات هدفت إلى تدمير الأدلة، وفي الوقت ذاته كانت السلطات السعودية تنفي مقتل خاشقجي، واستمر الإنكار إلى أن أجبرت الحكومة السعودية على الاعتراف بحدوث الجريمة. لا يمكن أن تدمر الأدلة من دون معرفة ولي العهد بذلك.

دلالات