شهدت المدارس المصرية، اليوم الخميس، حالة من الهلع وغيابات بالجملة في صفوف تلاميذ المؤسسات التعليمية بمراحلها المختلفة بكل المحافظات، بسبب انتشار مرض الالتهاب السحائي خلال الساعات الماضية، في الوقت الذي توفيت فيه تلميذة بالإسكندرية. بينما تؤكد جهات مصرية أن الوفيات وصلت إلى أربع حالات بين تلاميذ المرحلة الابتدائية، وأن التقارير الطبية ترفض كشْف الحقيقة، وتشير إلى أن الوفيات نتيجة هبوط في الدورة الدموية.
وسبّب تكتّم الأجهزة الحكومية المصرية على المرض رفض أولياء الأمور ذهاب أبنائهم إلى المدارس، في الوقت الذي طالب فيه عدد من المدارس، سواء الحكومية أو الخاصة، بطرق ودية من التلاميذ خلال الساعات الماضية عدم الحضور، نتيجة عدم وجود تعليمات بغلق المدارس لتطهيرها.
وتنتشر في الفترة الحالية أخبار عن ازدياد نسبة المصابين بمرض الالتهاب السحائي، وهو التهاب يصيب الطبقة الرقيقة التي تحيط بالدماغ، مسبباً حالات وفاة، وتتكتم وزارة الصحة على أخبار انتشار المرض، وغياب المعلومات سبّب قلقاً متزايداً لدى أولياء أمور الطلاب.
وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحذيرات عدة من خطورة المرض الذي قد يؤدي إلى الوفاة، وتداول كثيرون تسجيلاً صوتياً لأحد الأطباء، يؤكد تفشي المرض بين التلاميذ بسبب الزحام داخل الفصول، وعدم وجود لقاحات فعالة، ليسارع عدد كبير من أولياء الأمور إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى المدارس، خاصة أن غداً الجمعة وبعد غد السبت إجازات أسبوعية في المدارس المصرية.
وقال أستاذ جراحة المخ والأعصاب، أحمد عادل المسيري، لـ"العربي الجديد"، إن "الالتهاب السحائي مرض معدٍ وخطير، ويؤدي إلى الوفاة إذا لم يعالج سريعاً، ويرتبط بفصل الشتاء، إذ يزداد مع قلة درجة الحرارة، ويعد من أخطر الأمراض التي تصيب الأطفال لقلة المناعة لديهم"، مشيراً إلى أن "أعراض المرض كثيرة، ومنها الصداع الحاد والتقيؤ وارتفاع درجة حرارة الجسم، وتصلب الرقبة، وفقدان التركيز، وقلة الشهية، والرغبة في النوم".
وطالب المسيري بضرورة وجود استعدادات طبية، وتوفير الأمصال الطبية في المستشفيات المصرية كافة لمواجهة أي حالات طارئة خلال الأيام المقبلة، وأن تكون المستشفيات على استعداد تام خلال فصل الشتاء لتفشي المرض.
وتُعَدّ مدارس المناطق الشعبية في محافظات القاهرة الكبرى الثلاثة من أكثر المناطق التي شهدت رفض أولياء الأمور إرسال أولادهم إليها لأسباب بينها كثافة الفصول، وعدم وجود اهتمام من وزارتي الصحة أو التعليم.
ومن أولياء الأمور الذين التقى بهم "العربي الجديد"، أكد محمد شوقي (موظف)، أنه "لا داعي لإلقاء ابني الذي يدرس في المرحلة الثالثة الابتدائية إلى الهاوية؛ فلا مستشفيات تعالج ولا حكومة تقف بجانبي. قررت منعه من الذهاب إلى المدرسة".
وأشارت هدى عبد الفتاح (ربة منزل) إلى أنها توجهت بصحبة ابنتها إلى المدرسة، فوجدت حالة من الهلع لدى أولياء الأمور، والجميع ممسك بيد أبنائه رافضاً دخولهم إلى المدرسة، وبسؤال إدارة المدرسة عن الأمر أجاب المسؤولون بأنهم لا يعرفون شيئاً.
وقالت مروة عبد المطلب (موظفة): "كان يجب تطعيم الأطفال ضد الأمراض كما كان معمولاً به خلال السنوات الماضية، لكن الحكومة لا تعرف شيئاً عن مدارس الأحياء الشعبية، ولذا منعت ابنتي من الذهاب إلى المدرسة".
وقالت أسماء حسن إنها وأولياء الأمور تجمعوا أمام المدارس للتأكد من حقيقة ما يحدث من أعراض مرضية، ولم يحصلوا على إجابة. "بعض مسؤولي المدارس طالبوا بمنع إرسال التلاميذ، والأزمة وصلت إلى المستشفيات، إذ لا يعرف المرضى هل هي أنفلونزا أم التهاب سحائي بعد ارتفاع درجة حرارتهم".
وطالب تهامي عبد الكريم، الأجهزة المسؤولة في وزارة التربية والتعليم، بضرورة تعقيم جميع المدارس خلال الساعات القادمة، قبل ذهاب الطلاب إلى المدارس يوم الأحد المقبل، وإعادة الكشف على الطلاب الذين أصيبوا بارتفاع في درجة الحرارة خلال الساعات الماضية.
وفي سياق متصل، تقدمت النائبة منى الشبراوي، عضو مجلس النواب عن محافظة الإسكندرية، ببيان موجه إلى رئيس الوزراء ووزيري التعليم والصحة، حول نسب الإصابة بالالتهاب السحائي بين تلاميذ المدارس، وقالت النائبة إن هناك حالة من الفزع تنتاب أولياء الأمور بعد انتشار واقعة وفاة الطفلة كارما مصطفى عبد العزيز في مدرسة خاصة بالإسكندرية، نتيجة إصابتها بالالتهاب السحائي، وهو ما دفعهم إلى منع أبنائهم من الذهاب إلى الدراسة، خوفاً على حياتهم.