تغييرات مكتب الرئاسة التركي: تعزيز الصلاحيات التنفيذية لأردوغان

11 ديسمبر 2014
يبدو أردوغان الرئيس الأنشط في العقود الثلاثة الأخيرة(كيهان أوزير/الأناضول)
+ الخط -

يبدو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد أربعة أشهر من تسلمه منصب رئاسة الجمهورية، الرئيس الأنشط في العقود الثلاثة الأخيرة من تاريخ الجمهورية بعد انقلاب العام 1980.

وعلى الرغم من الصلاحيات المحدودة التي يمنحها الدستور التركي لمنصب الرئيس، والذي يجعله أقرب إلى المنصب الفخري، لا يزال أردوغان يتمتع بنفوذ عالٍ على مستوى السياسة الخارجية وأيضاً قضية التسوية مع حزب العمال الكردستاني. وأخيراً، بدا أردوغان وكأنه يدير دفة الشؤون الثقافية والتعليمية حتى، فيما ظهر كأنه تحول (بطريقة فرض الأمر الواقع) إلى النظام رئاسي.

إن ما يحصل في تركيا اليوم ليس أمراً مستغرباً، ولا يعني بأنه استيلاء على صلاحيات رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، لكن يبدو الأمر كنوعٍ من تنسيق عالٍ بين الطرفين، لا يزال لأردوغان فيه اليد الطولى، وهو الذي كان قد أعلن صراحة في برنامج حملته الانتخابية لمنصب الرئاسة بأنه سيعمل على صناعة تحول نوعي في استغلال صلاحيات رئاسة الجمهورية، قائلاً في إحدى خطبه أمام كتلة حزب "العدالة والتنمية" النيابية "لن يكون، من الآن فصاعداً، منصب رئاسة الجمهورية بروتوكولياً". وأضاف يومها "في الماضي كانت الحكومة تقدّم على أنها ممثلة للشعب، فيما تقدم رئاسة الجمهورية على أنها ممثل للدولة. سنلغي المسافة بين الدولة والشعب، وستقوم الحكومة المنتخبة، مع الرئيس المنتخب، بإدارة البلاد".

وفي سبيل ذلك، يسعى حزب العدالة والتنمية إلى تحقيق انتصار كبير في الانتخابات البرلمانية المقبلة يتيح له تحقيق أغلبية تمكّنه من تمرير تعديلات دستورية أو دستور جديد، في إطار مشروع أضخم لحل القضية الكردية عبر منح المزيد من الصلاحيات للسلطات المحلية، بعد فشل العمل مع أحزاب المعارضة الأخرى على مشروع الدستور بسبب رفضها التحول نحو النظام رئاسي.

لكن لم ينتظر أردوغان الانتخابات البرلمانية التي من المقرر انعقادها في يونيو/حزيران من العام المقبل لتمرير التعديلات الدستورية. وسربت صحيفة "حرييت" التركية، الثلاثاء الماضي، أن الرئيس التركي وقّع مرسوماً يغيّر الهيكل المؤسسي لمكتب الرئاسة، مما يمهد الطريق لإنشاء إدارة عليا ستعمل تحت إشراف أردوغان على مراقبة عمل مجلس الوزراء.

على الرغم من توقيع المرسوم يوم الثلاثاء، فإنه لم يتم نشره بالصحف الرسمية التركية فور توقيعه، بل وضع ضمن قائمة المراسيم السرّية، في ما بدا تجنباً لانتقادات المعارضة في الوقت الذي بدت فيه الأخيرة مشغولة بقنبلة أخرى كان قد رماها العدالة والتنمية وهي أمر إدخال اللغة العثمانية في المدارس التركية الثانوية كمقرر اختياري.

في السابق كانت هناك أربع مديريات عامة تابعة للمكتب الرئاسي، وهي مديرية الشؤون الإدارية والمالية، مديرية الاتصالات المؤسسية مديرية التكنولوجية والمعلوماتية ومديرية الموارد البشرية. لكن المرسوم الجديد أضاف تسع مديريات أخرى لتصبح 13 مديرية مسؤولة عن مجموعة واسعة من الشؤون، مثل الأمن الداخلي، العلاقات الخارجية الاقتصاد، الدفاع، رصد الاستثمارات، الطاقة والشؤون الاجتماعية. كما سيتم تعيين مركز اتصال إضافي في المكتب الرئاسي.
وبحسب المرسوم، سيتم عرض التقارير التي تعمل عليها كل مديرية لنائب الأمين العام لمكتب الرئاسة والذي سيعرضها بدوره على الرئيس.

يُذكر أنه في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب الماضي، والتي جرت للمرة الأولى عبر الاقتراع الشعبي المباشر وفاز فيها أردوغان من الجولة الاولى، صرح الأخير مراراً وتكراراً أن الدستور الحالي يمنح "القوة التنفيذية" لرئيس الجمهورية الذي يأتي إلى المكتب من خلال التصويت الشعبي، تماماً كما منح دستور 1982 "السلطة التنفيذية" لقائد الانقلاب في العام 1980 الجنرال كنعان أفرين.

كما أعلن أردوغان، الشهر الماضي، نيته ترؤس اجتماع مجلس الوزراء قبل نهاية عام 2014، ليؤكد مرة أخرى أن هذا حق دستوري من حقوق رئيس الدولة التركية، قائلاً "إن هذه الصلاحيات هي جزء من الدستور، وإن عدم استخدامها يعدّ أمراً غير مناسب، وبمشيئة الله سنستخدم هذه الصلاحيات أيضاً".

المساهمون