تغريدات مارين لوبان... فصل جديد من السجال

18 ديسمبر 2015
لم تُهاجم لوبان الباحث كيبيل (فريديريك فلوران/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتشدّد مارين لوبان، عاصفة من الانتقادات، بعد نشرها صوراً لجرائم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في رد متشنّج على الصحافي جان جاك بوردان، الذي اتهمته بـ"تشبيه حزبها بالتنظيم الجهادي".

وبدأت وقائع هذه القضية، صباح الأربعاء الماضي، خلال برنامج حواري مشترك في "راديو مونتي كارلو" و"بي إف إم تي في" استضاف فيه بوردان، الباحث الفرنسي المتخصص في شؤون الإسلام جيل كيبيل، بمناسبة صدور كتابه الجديد "رعب في البلاد"، الذي يتناول فيه جذور وتحولات التيار الجهادي في فرنسا.

وأُثيرت خلال الحوار فكرة أوجه التشابه بين "داعش" و"الجبهة الوطنية"، عندما توجّه بوردان لكيبيل بالقول "إنك تتطرق إلى العلاقة بين الجهاد الفرنسي وصعود اليمين المتطرف". لكن كيبيل عمد إلى تفسير طبيعة الفكرة وقال "طبعاً حزب الجبهة الوطنية ليس داعش، لكن الظاهرتين تتشابهان في بعض النواحي". ثم عاد بوردان لاحقاً خلال الحوار إلى هذه الفكرة، وسأل مرة أخرى: "أريد العودة إلى الروابط بين داعش وحزب الجبهة الوطنية. لا أعني روابط مباشرة بل غير مباشرة بين داعش والجبهة الوطنية، وأقصد مبدأ الانغلاق على الهوية الذي يضعهما في نمط تفكير مشترك، لأن فكرة داعش تقوم على دفع المجتمع الفرنسي إلى الانغلاق على الهوية". وفي جوابه، استعرض كيبيل رؤيته الخاصة، شارحاً كيف أن "التيار الجهادي الفرنسي يبني رؤيته للمجتمع على أساس طائفي، وأن داعش يطمح إلى تحطيم المجتمع إلى نصفين". واستطرد قائلاً إن "داعش يريد حصر المسلمين في هامشٍ يتماهون فيه مع الأفكار الجهادية، في مواجهة القوميين الذين يدعون للدفاع عن الهوية الفرنسية وينبذون الهجرة والإسلام".

وعلى الرغم من اتخاذ الرجلين احتياطات واضحة في تسجيلهما لأوجه الشبه بين التيار الجهادي و"الجبهة الوطنية"، فقد أثارت هذه التصريحات غضب مارين لوبان، التي بادرت إلى نشر تغريدة على حسابها في موقع "تويتر"، الذي يتابعه حوالي مليون شخص، كتبت فيها: "إن التشبيه الذي أقامه هذا الصباح جان جاك بوردان، بين داعش والجبهة الوطنية انحراف غير مقبول. وعليه سحب تصريحاته القذرة".

اقرأ أيضاً دروس الانتخابات الفرنسية: اليمين المتطرف يؤسس لثلاثية حزبية

بعدها، نشرت لوبان تغريدة أخرى، تتضمّن ثلاث صور لجرائم همجية، ارتكبها "داعش"، وأرفقتها بعبارة "هذا هو داعش". ومن بين هذه الصور عملية حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً، وعملية ذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي. وكان لافتاً أن لوبان لم تتطرّق إلى تحليل كيبيل ولم تذكره بالمطلق، وركزت هجومها على بوردان الذي أدار الحوار.

وفور نشر هذه التغريدات بادر رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس، إلى التنديد بها، معلّقاً عليها في تغريدة على "تويتر": "هذه صور شنيعة. السيدة لوبان تُثير النقاش العام وهذا خطأ سياسي وأخلاقي وقلة احترام للضحايا". وأرفق تغريدته بعبارة "الجبهة الوطنية خارج اللعبة".

من جانبه، أعلن وزير الداخلية برنار كازنوف، في مجلس النواب أنه "أبلغ الإدارة المركزية للشرطة القضائية بالمحتوى غير القانوني لتغريدات لوبان". واعتبر الصور التي نشرتها "ممجّدة لجرائم داعش ولدعايته الإرهابية، وشتيمة بحق عائلات الضحايا الذين قضوا بسبب همجية التنظيم". وهو ما دفع القضاء، مساء الأربعاء، للتحرّك وفتح تحقيق في "نشر صور عنيفة" بالاستناد إلى البند 227 ــ 24 من القانون الجنائي، الذي يُحظّر "نشر صور عنيفة أو ممجّدة للعنف".

ولاحقاً سحبت لوبان صورة فولي من حسابها على "تويتر"، بعد انتقاد عائلة الضحية الأميركي تغريدات زعيمة "الجبهة الوطنية". غير أن لوبان أصرّت في المقابل، على الإبقاء على الصور الأخرى، نافية أن تكون دعاية لتنظيم "داعش". واتهمت الصحافيين بـ"التحامل على حزبها بعد أدائه الانتخابي اللافت، في انتخابات مجالس المناطق الأخيرة، التي حصل فيها على أصوات حوالي 7 ملايين ناخب".

وللإشارة فمارين لوبان، بخلاف والدها، جان ماري لوبان، مؤسس "الجبهة الوطنية"، المشهور بمعاركه الشرسة مع الصحافيين، معروفة بعلاقاتها الجيدة مع الصحافيين ووسائل الإعلام. ومنذ وصولها إلى رئاسة "الجبهة"، صارت مارين لوبان وجهاً مألوفاً في كل وسائل الإعلام، حتى أن العديد من السياسيين انتقدوا الحفاوة الكبيرة التي تُستقبل بها، على الرغم من أفكارها اليمينية المتطرفة وحضورها الطاغي في القنوات التلفزيونية والبرامج ذات الشعبية الكبيرة تحديداً.

اقرأ أيضاً: فرنسا تنحاز لساركوزي وتخرج اليمين المتطرف بانتخابات مجالس المناطق

المساهمون