تعويل أميركي على تعديل "جاستا" لاحتواء الأضرار

30 سبتمبر 2016
أسقط الكونغرس الفيتو الرئاسي ضد القانون (كيم كودينو/Getty)
+ الخط -
تعول الإدارة الأميركية على إمكانية إدخال تعديلات على قانون "جاستا" الذي يسمح لأهالي ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول مقاضاة الحكومة السعودية أمام المحاكم الأميركية، كخطوة أساسية في اتجاه احتواء الأضرار المتوقعة، وذلك بعدما أسقط مجلسا الشيوخ والنواب، أول من أمس، الفيتو الرئاسي ضد القانون. وهو الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى اتهام المشرعين بأنهم غلّبوا الاعتبارات السياسية في التصويت على قانون يشكل سابقة خطيرة، في إشارة إلى حسابات انتخابية.

وبعد ساعات قليلة من التصويت ظهرت معالم انقلاب دراماتيكي في مواقف نحو 30 عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي، وقعوا عريضة يعبّرون فيها عن تحفظاتهم إزاء التداعيات المحتملة للقانون الذي سبق وصدّقوا عليه، ومنها أن الولايات المتحدة يمكن أن تتعرض للمقاضاة أمام محاكم أجنبية عند قيامها بأنشطة استخباراتية أو عسكرية مهمة. كما وزع نواب ديمقراطيون في لجنة الدفاع في مجلس النواب رسالة قبل جلسة التصويت تطالب أعضاء الكونغرس بمعارضة تمرير قانون مقاضاة السعودية، محذرين من ردود فعل مماثلة قد تطاول المسؤولين الأميركيين في محاكم أجنبية.

كما شهد الكونغرس، قبل التصويت وبعده، مفاوضات بين البيت الأبيض وعدد من المشرعين للبحث في كيفية الحد من أضرار القانون وإجراء تعديلات عليه في المستقبل القريب، لكن لم تظهر أي مؤشرات على التوصل إلى الصيغة القانونية المناسبة لإرضاء أهالي الضحايا وفي الوقت نفسه إرسال إشارات تطمين للحكومة السعودية.
وكان أوباما قد وجه رسالة لأعضاء الكونغرس حذرهم فيها من مغبة إقرار قانون "جاستا"، وقال إنه يسقط الحصانات القضائية عن الحكومات الأجنبية، ما يعرّض الدبلوماسيين والجنود الأميركيين للملاحقات القضائية خارج الولايات المتحدة، ويهدد العمليات العسكرية للقوات الأميركية والحرب الأميركية على الإرهاب. كذلك صدرت تحذيرات من كبار العسكريين الأميركيين ومسؤولي الاستخبارات من مخاطر إقرار مثل هذا القانون على الأمن القومي الأميركي وعلى تحالفات الولايات المتحدة في العالم، وخصوصاً علاقاتها التاريخية مع السعودية.

وعقب إسقاط الفيتو الرئاسي لم يتردد أوباما في التعبير عن غضبه. وفي أول تعليق له على إسقاط الفيتو، اعتبر خلال حوار متلفز مع مجموعة من العسكريين وعائلاتهم في قاعدة للجيش الأميركي في ولاية فرجينيا، أن "أعضاء الكونغرس غلّبوا الاعتبارات السياسية على تشريع يشكل سابقة خطيرة، وله تداعيات لم يفهموها، ولم يناقشوها أبداً". وأضاف "أعتقد أنها كانت غلطة، وأنا أفهم سبب حصولها. إنها مثال على الأوقات التي يجب أن يقوم فيها المرء بما هو صعب، وبصراحة أنا أتمنى لو كان الكونغرس قد قام بما هو صعب. لم أتوقع ذلك، لأنك إذا نظرت إلى المسالة على أنها تصويت ضد عائلات 11 سبتمبر مباشرة قبل الانتخابات، لا شك أن هذا التصويت سيكون صعباً لكنه الشيء الصحيح الذي عليك القيام به".

وكان الكونغرس قد نقض بمجلسيه الفيتو الذي استخدمه أوباما ضد قانون "جاستا". وصوت 344 من أعضاء مجلس النواب لصالح إسقاط الفيتو الرئاسي مقابل معارضة 76 نائباً. كما صوت مجلس الشيوخ بأكثرية ساحقة لصالح إسقاط الفيتو بـ97 صوتاً مؤيداً، مقابل صوت واحد عارض إسقاط الفيتو هو زعيم الأقلية الديمقراطية هاري ريد.
وفي السياق، أشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن إقرار قانون جاستا "خلق واقعاً قانونياً جديداً. فقد أصبح بإمكان المحاكم الأميركية تجميد أرصدة السعودية لدفع تعويضات لأهالي ضحايا 11 سبتمبر يقرّها القضاء الأميركي. ولمواجهة هذا الاحتمال، فإن المسؤولين السعوديين سبق أن حذروا بأنهم سيكونون مضطرين لبيع سندات في الأسواق الاميركية بمليارات الدولارات وسحب الأرصدة السعودية من البنوك كإجراء استباقي".
لكن الصحيفة الأميركية نقلت عن خبراء اقتصاديين استبعادهم تنفيذ السعودية تهديدها بسحب الأرصدة وبيع السندات، لأن مثل هذه الخطوة ستلحق أضراراً بالاقتصاد السعودي أكبر من الأضرار في الاقتصاد الأميركي. لكن الخبراء القانونيين يعتبرون أن هناك سبباً وجيهاً للقلق في الرياض.

المساهمون