كشفت مصادر حكومية مصرية عن أن عدد قضايا التحكيم الدولي المقامة ضد مصر بسبب نزاعات استثمارية يتجاوز 25 قضية، غالبيتها لشركات أوروبية وعربية وأميركية، فيما قدر خبراء اقتصاد حجم الخسائر المتوقعة حال خسارة مصر هذه القضايا بنحو 20 مليار دولار، وهو ما يعادل ربع إيرادات مصر خلال الموازنة المقدرة للعام المالي الحالي.
وقال مسؤول بارز في وزارة الاستثمار المصرية، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أغلب قضايا التحكيم الدولي تمت إقامتها خلال السنوات الخمس الأخيرة.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على تسوية المنازعات مع المستثمرين الأجانب قدر الإمكان، خاصة الشركات العربية، مضيفاً: "تمت تسوية أكثر من 20% من المنازعات مع المستثمرين خلال العامين الأخيرين، خاصة بعد التعديلات القانونية التي أجرتها الحكومة وتشمل تحصين عقود الاستثمار التى تبرمها الدولة مع المستثمرين".
وأصدرت الحكومة المصرية في أبريل/نيسان 2014، قانونا يقصر حق الطعن ببطلان عقود الاستثمار على أطراف التعاقد دون غيرهم، وهو ما أثار انتقادات واسعة، واعتبر خبراء اقتصاد آنذاك أنه يمنح العقود التي تشوبها عمليات فساد حصانة ضد الطعن فيها، والمطالبة بمحاكمة المتورطين فيها.
ومنذ ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أصدرت محاكم مصرية ما لا يقل عن 11 حكماً، تأمر الدولة بإلغاء عقود وقعتها حكومات سابقة.
وأغلب القضايا التي رفعت ضد المستثمرين في مصر أقامها نشطاء ومحامون، أكدوا فيها أن شركاتٍ وأراضيَ بيعت بأثمان بخسة في صفقات تنطوي على ممارسات فاسدة شاعت خلال حكم الرئيس المخلوع، حسني مبارك، الذي استمر 30 عاماً وأطاحت به الثورة.
وكان مبارك قد تعرض بعد الثورة إلى ملاحقات قضائية بجانب وزراء ورجال أعمال محسوبين على نظامه، لاتهامات تتعلق ببيع الغاز المصري إلى إسرائيل بثمن بخس، وإهدار المال العام، قبل أن يبرئه القضاء المصري.
ووقعت مصر في 2005 اتفاقية تقضي بتصدير 1.7 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً لإسرائيل لمدة عشرين عاماً، بثمن يتراوح بين 70 سنتاً و1.5 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما وصل سعر التكلفة آنذاك إلى 2.65 دولارين.
اقرأ أيضاً: تغريم مصر 1.76 مليار دولار لوقفها تصدير الغاز لإسرائيل
وأوقفت مصر تصدير الغاز إلى إسرائيل في أعقاب عمليات تفجير متكررة لخط التصدير الرئيسي في سيناء، شمال شرق مصر، منذ فبراير/شباط 2011، ما دعا شركة كهرباء إسرائيل وشركة شرق البحر المتوسط المسؤولة عن تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل إلى رفع قضية تحكيم ضد الهيئة المصرية العامة للبترول، والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية إيغاس، ليصدر لصالح الشركة الإسرائيلية حكم بتعويض قدره 1.76 مليار دولار، وفق ما تم الإعلان عنه مطلع الأسبوع الجاري.
ولا يزال الغموض يحيط بمصير قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر، وسط مخاوف من خسارتها. وقال هاني توفيق، رئيس جمعية الاستثمار المباشر في مصر، على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر يشوبها الغموض من حيث العدد، حيث هناك معلومات متداولة بوجود أكثر من 30 قضية ضد مصر بتعويضات تترواح بين 12 إلى 20 مليار دولار".
وأضاف توفيق: "الوضع أصبح لا يحتمل التغاضي عنه أو تأجيل البت فيه، فالأمر يستلزم تدخل أعلى مستوى سياسي وإداري بالدولة للتوصل إلى حل"، مطالبا بضرورة التوصل إلى حلول وتسويات ودية، مع مختصمي مصر، لتقليل الآثار الضارة قدر الإمكان.
وبحسب المسؤول في وزارة الاستثمار، فإن "قضايا التحيكم تسيء إلى مناخ الاستثمار في مصر، وتقلل من آثار الإصلاحات الاقتصادية التى نفذتها الحكومة مؤخرا".
وقال محمد عبد العظيم الشيخ، رئيس هيئة قضايا الدولة السابق، إن "توقيع مصر على اتفاقيات ثنائية بنحو 100 اتفاقية وقبولها اللجوء إلى التحكيم الدولي عند نشوء النزاع هو السبب في هذه القضايا المرفوعة".
وأضاف: "غالبية العقود محل النزاع تكون هناك أخطاء فادحة في صياغتها، دون اللجوء إلى هيئة قضايا الدولة للنظر في صياغتها، مما يتسبب في أن تدفع مصر مليارات الدولارات".
وكان المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، حسام القاويش، قد ذكر يوم الإثنين الماضي، إن الحكومة المصرية ليست طرفا في نزاع الغاز مع إسرائيل، وإنه خاص بالتحكيم التجاري بين الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية (وكلاهما حكوميتان) من طرف، وشركة كهرباء إسرائيل وشركة شرق البحر المتوسط للغاز من طرف آخر.
اقرأ أيضاً:
مخاوف من إفلاس شركات السياحة الروسية بمصر
مصر مهددة بدفع 2.24 مليار دولار لضحايا الطائرة الروسية