لبنان على أبواب استحقاق بات نادراً في هذا الجزء من الكوكب. إنها الانتخابات. على طريقة الأنظمة العربية طبعاً! مهرجان للرقص وتجديد المبايعة والاستشهاد ببطولات القوى السياسية التي تستحضر أرواح "شهدائها" بمناسبة وبدون مناسبة.
وكأي مسرحية مُكلفة يستعرض الأبطال/السياسيون مهاراتهم في الاستقطاب بطريقة مميزة، أملاً في حصد العدد الأكبر من الأصوات. الهدف ليس تأمين تمثيل ديمقراطي أو ما شابه. لا يعدو الأمر استعراضاً قبلياً للقوة في بلد ينحدر فيه المجتمع سريعاً بهمّة القوى السياسية، التي فرطت العقد الاجتماعي ووزعت دمه فيما بينها.
جمعنا في لبنان أبهى ما في التجارب العربية من استعراضية سطحية في العمل العام. وزّع أحد المُرشحين، وهو عسكري سابق بطبيعة الحال، الشوكولا على المواطنين في استنساخ لأحد مشاهد الكوميديا السورية. وأصبحت وعود صور الـ"سلفي" مُرادفاً لبنانياً لـ"إنتو مش عارفين إنكم نور عينيا ولا إيه". أما التجييش الطائفي في بلد تم تقسيم دوائره الانتخابية بشكل طائفي، فلا يتجاوز كونه صواريخ "باليستيكية" كالتي تحدث عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القمة العربية قبل أيام. لقد انتقلت عدوى "صناعة الفنكوش" التي تحدث عنها الممثل عادل إمام، من أجساد الأنظمة العربية إلى جسد النظام اللبناني. حتى الرقص الذي بات سُنّة ديمقراطية عربية، نقله السياسيون اللبنانيون إلى مرحلة جديدة يرقصون فيها هم بدل الجمهور. وذلك على أنغام أغان هابطة تم تحريفها لتُصبح أكثر انحطاطاً.
قد يبدو المشهد كوميدياً، نعم. ولكنها كوميديا سوداء، مع ضحايا فعليين. ليس أول هؤلاء الضحايا المواطن اللبناني الذي سيعيد - على الأرجح - انتخاب معظم القوى السياسية الحالية رغم سلسلة المجازر الصحية والاقتصادية والبيئية والسياسية (بطبيعة الحال) التي تم ارتكابها خلال العقد الأخير. وليس آخر الضحايا اللاجئون السوريون والفلسطينيين الذين يعيشون وقائع أحدث "أبرتهايد" تمارسه الحكومة ضدهم.
سقط من قائمة اهتماماتنا تقرير مهم لـ"هيومن رايتس ووتش" تحدثت فيه المنظمة عن إجلاء السلطات المحلية في 13 بلدية لبنانية لأكثر من 3 آلاف لاجئ بشكل قسري، وبقاء سيف الطرد مُسلطاً على أكثر من 42 ألف شخص تحت حجج أمنية واقتصادية. فاصل عنصري قصير، ونواصل بعده حفلة الرقص الانتخابي. ابقوا معنا.