تعز... المدينة التي قد لا يخرج منها الصحافيون

09 سبتمبر 2015
تعز أخطر المدن على الصحافيين (Getty)
+ الخط -
أقدمت مليشيا الحوثي المسلحة في مدينة تعز اليمنية على استهداف طاقم قناة الجزيرة مباشر بالرصاص الحي في محاولة جديدة لقتل الصحافيين الذين نجا منهم اثنان وأصيب الثالث.
لم يعد تطور كهذا خبراً بارزاً في مدينة تعز التي تعاني الاشتباكات والحصار. إذ باتت أخطر مدينة يمنية على حياة الصحافيين في الوقت الراهن. وهي المدينة الوحيدة التي لم يطأها منذ بداية الصراع مراسل أو صحافي عربي أو غربي. فبينما تستمر مليشيات الحوثي والرئيس اليمني المخلوع في دك أحياء مدينة تعز ثالث أكبر مدن اليمن، منذ أكثر من خمسة أشهر، تهتم مجموعات منها باستخدام كافة وسائل العنف المفرط في محاولة كَمّ أفواه الصحافيين على قلّتهم، الذين يغطون تطورات الحرب وآثارها الإنسانية على حياة سكان هذه المحافظة الذين يتجاوزون ثلاثة ملايين نسمة. وأصبحت صواريخ الكاتيوشا العشوائية التي يطلقونها لا تفرق بين المقاومة المسلحة والصحافيين المسلحين بالكاميرا والقلم، وإن كانت في بعض الحالات تستهدف حياتهم، منعاً لنشر الحقيقة عن الفظائع التي ترتكبها المليشيات في حق سكان المدينة التي بات اليمنيون يطلقون عليها "سربنيتسا اليمن".
لقد تمكنت المليشيات من اصطياد معظم الصحافيين المناهضين لها في العاصمة اليمنية صنعاء اختطافاً وملاحقةً وقتلاً ليفشل بقية الصحافيين في الوصول الى تعز لتغطية وقائع الحرب الشرسة هناك، غير أنه لم يتبق من صحافيين في تعز سوى بعضٍ ممن كانت هذه المدينة مركزاً لعمله لتصل إليه قذائفهم. وكان من أثمن الضحايا الصحافية للمليشيات محمد مارش مصور وكالة "رويترز" العالمية المقيم في المدينة، حيث قامت المليشيا بإطلاق قذيفة صاروخية من موقع عسكري قريب نحو منزله تحديداً في محاولة لاستهداف حياته، وتهديده بالقتل مرات عدة بسبب عمله في الوكالة وآرائه التي ينشرها عما يحدث هناك على صفحته في "فيسبوك".
يعيش الصحافي العامل في تعز حياة المقاتل في تنقلاته وأسلوب حياته بسبب نهمه لإيجاد مواد للتغطية في هذه المدينة الغنية بالانتهاكات الوحشية، مع حذره الشديد أثناء تنقلاته بين نقاط التفتيش والأحياء التي تشهد الحرب لتجنب وقوعه في قبضة المليشيا التي اختطفت عدداً منهم. لقد فهم التحديات أمامه فأرسل أسرته الصغيرة الى قريته ليتفرغ تماماً للحقيقة. كان مارش ضمن قائمة مطلوبين. لكنه يقول، إنه يستخدم تكتيكاً حربياً خاصاً بحرب العصابات سواء في أسلوب الحركة ومواقع استهداف حركته وتوقيتها، وقد اكتسب تلك المهارات خلال هذه الأحداث.
كان مارش، أيضاً، ضمن ثمانية صحافيين أصيبوا بحمى الضنك التي أصابت، أيضاً، أكثر من 17 ألفاً من سكان المدينة. يقول مارش، إن الفتحة الكبيرة التي أحدثتها تلك القذيفة على حائط غرفته والأمطار التي ملأت الشوارع عملت على تسلل البعوض الذي نقل الوباء إليه من النفايات التي ملأت أحياء المدينة بسبب طول فترة الحرب. تناقصت صفائح دم مارش حتى هددت حياته بوصولها الى 20 درجة. يقول مارش، إن الضنك أثر على عمله كثيراً خلال أكثر فترات الحرب وحشيةً، حيث لم تتمكن 200 قناة تلفزيونية من قيام المليشيا بحملة إطلاق مكثفة لقذائف كاتيوشا وهاون استهدفت الأطفال والمدنيين في شوارع المدينة لتؤدي الى مقتل العشرات منهم، وتنحسر التغطية على قنوات قليلة لا تتعدى أصابع اليد.

اقرأ أيضاً: سيناريوهات معركة "تحرير صنعاء"
المساهمون