تعزيزات تشعل جبهات الموصل: معارك الاستنزاف بلا جدوى

الموصل

أحمد الجميلي

avata
أحمد الجميلي
بغداد

قاسم العلي

avata
قاسم العلي
09 ديسمبر 2016
BCEEE528-3089-47A9-8D82-8CB37155E406
+ الخط -
أنهت معارك الموصل أسبوعها الثامن على التوالي، مسجلة يوم أمس الخميس، أطول المعارك وأضخمها، التي تخوضها القوات العراقية منذ احتلال البلاد في مارس/آذار العام 2003. ولا يبدو أن الحسم بات قريباً، فإعلان بغداد تحرير حي جديد أو منطقة، أمر لا يمكن التسليم به، بعد تكرار تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، استرداده السيطرة على أحياء سكنية أكثر من مرة بعد انسحابه منها بيوم أو يومين، وسط ارتفاع مخيف في تزايد أعداد الضحايا المدنيين والمسلحين.


في سياق المعركة، كشف العقيد الركن محمد فتحي من قيادة عمليات تحرير الموصل، لـ"العربي الجديد"، أن "المعارك تدور حالياً في أحياء متفرقة، وتم التخلّي عن فكرة تحرير حي وراء الآخر بالتسلسل". وأعلن أنهم "يحاولون إيجاد طريق نيسمي (فرعي وضيق)، للوصول إلى دجلة، ومن هناك سنتخذ موطئ قدم للتوسع إلى مناطق الساحل الأيسر، وعزله عن الساحل الأيمن. وهذا ما نقوم به حالياً".

من جهته، أكد ضابط آخر بقوات الجيش، أن "محاولة استخدام أسلوب الاستنزاف باتت غير مجدية مع داعش، خصوصاً مع تصاعد الخسائر في صفوف العسكريين والمدنيين على حد سواء". ونوّه إلى أنه "لدينا معلومات مؤكدة أن أكثر من 400 مقاتل أطلق عليهم اسم جيش العسرة، وصلوا إلى الموصل من سورية. أغلبهم مقاتلون متمرسون، أو بمعنى آخر مقاتلون يريدون أن يُقتلوا، وهم يرمون بأنفسهم على الجنود كلما سنحت لهم الفرصة". وشدّد على أنه "لا صحة لإغلاق الموصل بالكامل فهناك عشرات الأنفاق القديمة والحديثة، التي حفرها التنظيم قبل بدء المعركة، يستخدمونها في الدخول والخروج يومياً". وبيّن أن "أي بوادر لاحتمال انسحاب داعش من المدينة غير واردة حالياً، فأعدادهم كبيرة جداً. والتنظيم يقاتل لا من أجل الاحتفاظ بالموصل فحسب، بل لأن هزيمته تعني فعلياً انتهاء مشروعه الذي يزعم أنه دولة الخلافة".

وتوحي التدابير العسكرية والخطط التي وضعتها أخيراً القوات العراقية، بأنها تسعى للسيطرة على الساحل الأيسر، الذي يمثل الموصل القديمة، وفيه أبرز مناطقها، ليتم بعدها عزل الجانب الأيمن بشكل كامل، ومن ثم التقدم نحوه عبر مطار الموصل الدولي. وهو ما بدا واضحاً من خلال تدمير كافة الجسور الرابطة بين الساحلين على نهر دجلة.

من جهته، نوّه العميد شاكر العبيدي من الفرقة السادسة عشر بالجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، إلى أن "نحو 30 في المائة من الموصل تحرّر فعلياً خلال الفترة الماضية، غير أنه من الخطأ التفاؤل والتحدث عن أنه في نهاية العام الحالي ستنتهي المعركة". وأردف أن "القوات العراقية تبلي بشكل جيد لكن المعركة نفسها غير سهلة".

وأشار إلى أن "الأحياء التي تم تحريرها فعلاً، وحكمت بقبضة من حديد هي كوكجلي، ويونس السبعاوي، والأربجية، والسماح، والشيشان، وصدام، و30 تموز، والتحرير، والأمن، ومنطقة بعويزة، والسلام، والانتصار، والقدس، والشقق، وعدن، والبكر، والقادسية الثانية، والمحاربين، والسادة، القادسية الأولى، والزهور، وجديدة المفتي، الميثاق، وحي البريد. ويبلغ عددها 24 حياً من أصل 86".

في غضون ذلك، ارتفعت وتيرة استخدام السلاح الثقيل في الموصل على نحو مقلق، بعد تأكيد مصادر عسكرية عراقية وصول ألوية دروع ودبابات جديدة، فضلاً عن مدفعية ميدان، إلى الأحياء الشرقية، فضلاً عن جنود ومقاتلين جدد لتضاف إلى قائمة أسلحة كثيرة تعهّدت بغداد بعدم استخدامها سابقاً تحسباً لـ"حياة المدنيين". كما تمّ رصد قوات أميركية في قرية خويتلة، شرق الموصل، ضمن وحدات قتالية أميركية وصلت أمس. واتخذت تلك القوات مواقع عدة على أسطح مبانٍ عالية، تحلّق فوقها مروحيات "أباتشي" و"بلاك هوك".



وقد تركزت معارك أمس في جنوب شرقي وشرق الموصل، متمثلة بأحياء الوحدة والإعلام، بينما انهمكت باقي القوات في تفتيش المنازل والمباني التي سيطرت عليها في أحياء البريد والشهداء، كما خسرت القوات العراقية حي السلام بفعل هجوم ليلي لـ"داعش". ووفقاً لمصادر عسكرية عراقية، فإن "القوات العراقية كبّدت داعش خسائر كبيرة، فضلاً عن مقتل وإصابة ما لا يقلّ عن 100 جندي عراقي خلال اليومين الماضيين".

وذكرت المصادر أن "23 مسلحاً قُتلوا وأصيب العشرات من تنظيم داعش، بقصف جوي نفذه التحالف الدولي جنوب غربي الموصل، فيما بلغت خسائر فشل القوات العرقية باقتحام مشفى السلام بالمدينة 26 قتيلاً وعشرات الجرحى". وقال الرائد في قوات جهاز الشرطة الاتحادية نور عبد الملك العبيدي في حديث لوكالة لـ"الأناضول"، إن "فرقة الرصد والمتابعة في الجهاز زودت قيادة التحالف الدولي بالمعلومات عن أهداف ومراكز تجمع لتنظيم داعش، وبدورها قامت الطائرات بقصفها ما أسفر عن مقتل 23 مسلحاً وإصابة نحو 39 آخرين، فضلاً عن تدمير معداتهم وآلياتهم القتالية".

وأضاف العبيدي، أن "تجمعات التنظيم كانت في قرية الجعاع التابعة لناحية تل عبطة ضمن قضاء الحضر جنوب غرب الموصل، وكانت تجري استعداداتها لشن هجمات مسلحة عنيفة على قوات الحشد الشعبي والقوات العسكرية العراقية الأخرى". كما قُتل مدني وأصيب سبعة بينهم عسكريون، في اشتباكات عنيفة، اندلعت اليوم الخميس، بين قوات مكافحة الإرهاب ومسلحي "داعش" في أحياء شمال شرقي الموصل، بحسب مصدر عسكري.

وقال الملازم أول في جهاز مكافحة الإرهاب مهند سعيد لـ"الأناضول"، إن "المستشفى الميداني للجهاز تسلم جثة مدني، وسبعة مصابين بينهم ثلاثة من القوات العراقية إثر اشتباكات عنيفة بين تنظيم داعش وقوات مكافحة الإرهاب في حيي البريد والمرور". وأضاف سعيد أن "أغلب سكان حي المرور فروا من شدة الاشتباكات وسقوط القذائف باتجاه المناطق المحررة مستغلين انشغال عناصر التنظيم بالمعارك في الحي الذي لا يزال يشهد عمليات عسكرية". وأشار إلى أن القوات العراقية تخوض حرب شوارع في هذين الحيين. كما قصف الجيش العراقي أهدافاً للتنظيم في المدينة، فقد قصفت مدفعية اللواء التاسع المدرع، حي القدس من مواقعها في منطقة كوكجلي القريبة.

في المقابل، أكدت مصادر حكومية عراقية في بغداد لـ"العربي الجديد"، أن "الجانب العراقي رفض مقترحاً أميركياً بوقف المعارك بشكل مؤقت، للسماح بإدخال ماء وطعام لسكان الموصل، الذي يقدّر عددهم بنحو مليون نسمة". ووفقاً لما أفاد به مسؤول في الحكومة لـ"العربي الجديد"، فإن "رئيس الوزراء حيدر العبادي رفض مقترحاً أميركياً، بوقف المعارك ليومين، بغية إدخال شاحنات محملة بالمياه للسكان، وشاحنات أخرى تحمل أغذية وحليب أطفال، من خلال منظمات محلية عراقية، لكن الحكومة اكتفت بالرفض من دون تبرير".

وأفادت معلومات لـ"العربي الجديد" أن "تقارير طبية من داخل مستشفى الموصل العام تؤكد مقتل 940 مدنياً منذ بدء المعارك، سقطوا داخل الموصل وفي ضواحيها، من بينهم أكثر من 400 طفل وامرأة، سقط معظمهم جراء القصف الجوي والمدفعي والاشتباكات اليومية أو من خلال تفجيرات انتحارية بين المنازل".

وفي المعلومات أيضاً أن "نحو ألفي مدني أصيبوا، غادر أكثر من 300 شخص منهم المستشفيات بعد شفائهم، وبعضهم نُقل إلى سورية، ويرقد الباقون في المستشفيات، من بينهم نحو 200 مصاب بإعاقة دائمة. كما يوجد أكثر من 140 مفقوداً، لا يُعلم عنهم أي شيء إذا ما كانوا قد حالفهم الحظ بالفرار أو أنهم ما زالوا تحت الأنقاض".

ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.