تعرضت مدينة الموصل شمالي العراق، إلى تدمير شامل في بناها التحتية وطاول الخراب والدمار ممتلكات المدنيين والمؤسسات الحكومية، خلال المعارك ضد تنظيم "داعش"، وفق مسؤولين محليين.
واستعادت القوات العراقية كامل الموصل، مركز محافظة نينوى، الإثنين الماضي، بعد معارك ضارية ضد "داعش"، استمرت أكثر من ثمانية أشهر، بمشاركة التحالف الدولي.
وتعرضت البنى التحتية الأساسية، كمحطات الطاقة الكهربائية ومحطات المياه والمؤسسات الصحية والتربوية والأمنية، إضافة الى ممتلكات المدنيين، مثل المنازل والسيارات، إلى دمار يبلغ 80 %، بحسب مسؤولين محليين.
وقال حسام الدين العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، للأناضول، إن "حجم الدمار في البنى التحتية كبير، خصوصاً في الجانب الغربي للموصل، إذ تم تدمير ثلاث مستشفيات رئيسية في الجانب الغربي من أصل 4 مستشفيات، بينما تعرضت الرابعة إلى تدمير جزئي".
وأوضح العبار أنه "جرى تدمير شبكة الأنابيب الناقلة للمياه الصالحة للشرب في الجانب الغربي للموصل، إضافة الى تدمير محطة الكهرباء الرئيسة في الجانب الغربي أيضاً، والتي كانت تؤمن الطاقة الكهربائية لهذا الجانب، ولأجزاء من الجانب الشرقي، وهي تحتاج إلى قرابة 50 مليون دولار أميركي لإعادتها إلى العمل".
وتابع أن "نسبة الدمار في الأبنية المدرسية بلغت 25%، أما ممتلكات المدنيين المدمرة، من منازل وسيارات، فهي بالآلاف، وتحتاج إلى مبالغ طائلة (لم يحددها) لدفع تعويضات إليهم مقابل هذه الخسائر".
وتسببت المعارك، وما خلفته من دمار واسع، في نزوح حوالى نصف سكان الموصل، ثاني أكبر مدن العراق سكاناً بعد العاصمة بغداد، ونزح ما لا يقل عن 920 ألف شخص من أصل سكان المدينة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة.
ولفت المسؤول المحلي العراقي إلى أن "الدمار شمل أيضاً المرافق الاقتصادية في الموصل، وتعرضت المراكز التجارية الرئيسة والمناطق الصناعية إلى دمار بنسبة 100%".
وأوضح أن "مجلس محافظة نينوى حدد ميزانية تبلغ 750 مليار دينار عراقي (نحو 625 مليون دولار) لإعادة إعمار سريع للبنى التحتية الأساسية"، في إشارة إلى مرافق المياه والكهرباء والطرق والصرف الصحي والمؤسسات الحكومية.
وإزاء حجم الدمار الكبير، الذي تعرضت إليه الموصل، وضعت الحكومة العراقية خططاً لإعادة الإعمار تمتد إلى عشر سنوات، بداية من العام المقبل.
وقدرت التكاليف بحوالى 100 مليار دولار، بحسب المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي.
وقال الهنداوي إن "العراق يعول الآن على عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار المدن المحررة من داعش، وقد أعلنت الكويت عزمها استضافة المؤتمر، الذي سيعقد نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل".
وأوضح أن "العراق يعاني أزمة اقتصادية ناتجة عن قلة الإيرادات المالية؛ بسبب تدني أسعار النفط، لذا نحتاج إلى دعم إقليمي ودولي لإعادة إعمار المدن المحررة من سيطرة الإرهاب".
وتابع المسؤول العراقي "بعد إعلان تحرير الموصل، بدأنا بمرحلة إعادة الاستقرار، وتتضمن إعادة الخدمات الأساسية، لضمان عودة النازحين من المخيمات إلى منازلهم، ثم تعقبها خطة طويلة المدى لمدة عشر سنوات، تتضمن إعادة الإعمار الكامل للمدينة".
وأشار الهنداوي إلى أن "الخطة تتكون من شقين، الأول يتم تنفيذه بين عامي 2017 و2022، ثم خطة أخرى بين عامي 2023 و2027، وتتراوح تكلفة الخطتين بين 50 و100 مليار دولار".
وأوضح أن "الخطتين تتضمنان ثلاثة محاور، وهي: خطة تنمية بشرية، والتنمية الاقتصادية، ثم تأهيل البنى التحتية، وسيتم البدء بمحور التنمية البشرية مع التركيز على الفئات الهشة، كالنساء والأطفال، الذين تعرضوا لضرر كبير بسبب داعش".
وتابع بقوله إن "الحكومة العراقية، ممثلة بجهات ووزارات عديدة، ستبدأ بإعداد قاعدة بيانات دقيقة، تتضمن حجم الدمار الذي تعرضت إليه الموصل بالأرقام، كي يتم تقديمه كتقرير خلال المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار".
وبدأت القوات العراقية، في 17 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، حملة عسكرية لاستعادة الموصل، بدعم من التحالف الدولي، وبمشاركة نحو 100 ألف من القوات العراقية وفصائل مسلحة.
وأعلنت الحكومة رسمياً، في العاشر من الشهر الجاري، استعادة المدينة، التي كان "داعش" يسيطر عليها منذ يونيو/ حزيران 2014، وكانت تعد المعقل الرئيسي له في العراق.
مدينة منكوبة
وقال رئيس لجنة الخدمات في البرلمان، ناظم الساعدي، إن "الموصل منكوبة فعلياً، فالدمار أصاب 80% من جميع مرافقها، وفي حال تقديم مقترح لاعتبار المدينة منكوبة، سيتم التصويت عليه داخل البرلمان لإلزام الوزارات المختصة بالعمل السريع لإعادة الإعمار".
وشدد الساعدي، في تصريحات للأناضول، على أن "الحكومة لا تمتلك الأموال الكافية لدفع تعويضات لأصحاب المنازل المدمرة في الموصل، لكنها ستتولى إعادة إعمار منازلهم عبر الوزارات المختصة".
وإضافة إلى البنى التحتية وممتلكات الكثير من المدنيين، دمرت متفجرات "داعش" عدداً من أبرز معالم الموصل، منها: جامع النبي يونس، إضافة إلى الجامع الكبير، المعروف باسم جامع النوري، ومئذنته الأثرية المعروفة بالحدباء.
وبحسب مسؤولين، فإنه خلال الشهور الستة الأولى ستركز السلطات المحلية على استعادة الأمن والمياه والكهرباء والوقود وعلى إعادة الذين نزحوا جراء الحرب.
وستكون بموجب هذه الخطة فترة عامين لإعادة الإعمار والبدء في عملية المصالحة يليها 30 شهراً تركز على جذب الاستثمارات وتطوير الاقتصاد.
وبحسب نور الدين قبلان، نائب رئيس مجلس محافظة نينوى فإن "ما خصص لمحافظة نينوى في العام 2017 كان 48 مليار دينار عراقي، وهناك أربعة مليارات بمسألة البترودولار (عوائد النفط)، يعني مجموعها كان 52 مليار دينار عراقي (44.5 مليون دولار)، وبالتالي فإن هذا المبلغ هو قليل جداً قياساً لحجم هذه المحافظة".
وأشار إلى أنه "في 2014 كان التخصيص لمحافظة نينوى 730 مليار دينار، وبالتالي نحن في 2017 وبعد هذا الدمار والخراب الذي حصل يأتي لدينا 52 مليار دينار، يعني أن الفرق شاسع.. بالتالي فإن الدعم هو قليل جداً قياساً للدمار.. قياساً لحجم المحافظة".
(الأناضول، العربي الجديد)