وتحتكر القوى السياسية السنية في العراق منذ عام 2005 ولغاية الدورة البرلمانية الرابعة الجديدة، التي انطلقت أعمالها يوم الإثنين الثالث من سبتمبر/أيلول الجاري، منصب رئيس البرلمان بحسب العرف السياسي في الديمقراطية التوافقية "طائفياً"، المعمول بها في البلاد، وهي صيغة المحاصصة في الحكم وتوزيع المناصب السيادية الرئيسة.
ورفعت الجلسة الأولى للمجلس، التي أعلنت مفتوحة دون التوصل إلى أي نتائج حاسمة، حيث يصر المتنافسون على أنهم الأحق بلقب الكتلة الأكثر عدداً التي يحق لها تشكيل الحكومة.
هؤلاء أبرز المرشحين لهذا المنصب:
محمد الحلبوسي
ريكان (فيسبوك)
محمد ريكان الحلبوسي، وهو أصغر نائب من حيث العمر، من مواليد مدينة الكرمة في محافظة الأنبار (غرب العراق) أكتوبر/ تشرين الأول 1982.
تخرج من كلية "الهندسة" من الجامعة المستنصرية، وحصل بعد تخرجه الذي تزامن مع بدء الاحتلال الأميركي للبلاد، على عقود عمل مع الفريق الهندسي بجيش الاحتلال الأميركي منها ما يتعلق بالبنى التحتية للفلوجة عقب عام 2005، ومنها بدأ بالظهور على المستوى المحلي شيئاً فشيئاً داخل الأنبار، وفقاً لمصادر مقربة منه.
واستفاد من علاقته مع أسرة الكربولي، إحدى أسر الأنبار الشهيرة، في مجال السياسة والتجارة منذ عام 2003 وبدأ بالحصول على مشاريع في المدن الصناعية، لا سيما مشاريع لجنة إعمار الفلوجة، والتي كانت جزءاً من وزارة الصناعة والمعادن، في حقبة الوزير أحمد الكربولي.
بعدها، اختير الحلبوسي ليصبح ممثلاً في المجالس البلدية والمحلية للأنبار، ثم انتقل إلى الواجهة السياسية ضمن صفوف "ائتلاف متحدون".
في يوليو/ تموز 2016، انتخبت اللجنة المالية في البرلمان العراقي الحلبوسي رئيساً جديداً لها، على خلفية تعديلات برلمانية جرت على سلسلة من النواب، ولم يدم الحلبوسي بعد هذا التعديل، حتى وقع اختياره من قبل المجلس المحلي لمحافظته الأم الأنبار محافظاً لها، على خلفية عزل المحافظ السابق صهيب إسماعيل الراوي، لتورطه بقضايا تتعلق بالفساد المالي وسوء الإدارة.
أخيراً، قدم تحالف "القوى العراقية" ورئيس حزب "الحل" محمد الكربولي، الشهر الماضي، الحلبوسي كمرشح لرئاسة مجلس النواب خلال الفترة المقبلة، وأسماه في تغريدة على "تويتر" بـ"قائد الأنبار".
وعلى عكس التوقعات، وافقت أبرز القوى الشيعية في البلاد، "الفتح"، على تقدم الحلبوسي للمنصب، بحجة تمكين القيادات الشابة من إحداث التغيير المنشود لمستقبل العراق، وهو أمر مستغرب لا سيما وأن قيادات في مليشيا "الحشد الشعبي"، كانت تصف الحلبوسي بـ"المراهق السياسي"، وهو ما يشير إلى التقاء مصالح "الأحزاب الشيعية" الحاكمة و"السياسيين السنة" الجدد، وزيف الطروحات الطائفية التي كانوا يلهبون بها الشارع حيث كانت لأغراض سياسية بحتة.
وخرج النائب السابق في البرلمان مشعان الجبوري، بعد دعم تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، لمحافظ الأنبار محمد الحلبوسي، في ترشيحه لمنصب رئاسة البرلمان، بتدوينة عبر "تويتر"، قالها فيها "التأييد يهدف لكسب ودّ السعودية".
أسامة النجيفي
النجيفي (علي السعدي/فرانس برس)
أسامة عبد العزيز النجيفي، 64 عاماً، القيادي في تحالف "المحور الوطني"، ورئيس البرلمان السابق، وهو السياسي المنحدر من عائلة من مدينة الموصل، لها تاريخ في السياسة والتجارة، منذ مطلع القرن الماضي.
تميّزت فترة رئاسة النجيفي للبرلمان (2010 -2014) بقدرة على إدارته، على الرغم من الخلافات الشديدة التي كانت بينه وبين رئيس الحكومة آنذاك نوري المالكي، والذي حاول من خلال نواب كتلته (التحالف الوطني) الوقوف في طريق النجيفي، وتعطيل دوره، غير أنّ النجيفي تمكّن من تمرير الكثير من القوانين المهمة.
النجيفي المولود عام 1956 في الموصل، لعائلة ثرية، لم يكن بمعزل عن السياسة، فوالده كان سياسياً وعضواً في البرلمان إبان العهد الملكي. حصل أسامة عبد العزيز النجيفي على شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية عام 1978 من جامعة الموصل، وعمل في وزارة الكهرباء العراقية حتى العام 1992.
دخل النجيفي الحياة السياسية بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، كقيادي سني، وتولّى مناصب عدّة، أولها منصب وزير الصناعة والمعادن عام 2005 في حكومة غازي الياور.
أصبح النجيفي نائباً عن محافظة الموصل، ضمن القائمة العراقية التي ترأسها إياد علاوي، ومن ثم رئيساً للبرلمان عام 2010 في حكومة المالكي.
عُرف عن النجيفي تعصبه لمدينته الأم الموصل، وعقب احتلال تنظيم "داعش" الإرهابي لها، ومن ثم تحريرها، تزعم حملات واسعة لبيان مظلومية المدينة.
بعد انتهاء الدورة البرلمانية، في عام 2014 وتشكيل حكومة حيدر العبادي، شغل النجيفي منصب النائب الثاني لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم، لكنّ قرارات الإصلاح التي اتخذها العبادي في سبتمبر/أيلول 2015 عقب التظاهرات والاحتجاجات، أفضت إلى إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، غير أنّ النجيفي استطاع العودة إلى منصبه، بقرار من المحكمة الاتحادية التي أبطلت قرار إلغاء المناصب.
دخل النجيفي السباق البرلماني، في مايو/أيار 2018، عن تحالف "القرار" الذي كان المرشح رقم واحد فيه، وحصل على أصوات أهلّته ليكون نائباً في الدورة الحالية، وانضم مع كتلته (القرار) إلى تحالف العبادي مع رئيس تحالف "سائرون" مقتدى الصدر، لتشكيل "الكتلة البرلمانية الكبرى"، والتي يعطيها الدستور حق تسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة الجديدة.
محمد تميم
محمد تميم (فيسبوك)
لا يملك محمد تميم أيّ رصيدٍ سياسيٍّ قبل العام 2005، حين انتمى لـ"جبهة الحوار" التابعة لصالح المطلك. هو من مواليد مدينة الحويجة في كركوك، عام 1974، وحصل من جامعة الموصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر.
تدرج تميم تنظيمياً في "جبهة الحوار"، وفاز في انتخابات العام 2006 بمقعدٍ في البرلمان، وكذلك الأمر بعد أربعة أعوام، حين تسلّم وزارة التربية حتى العام 2014.
ولاحقت وزارة التربية في عهد محمد تميم شبهات فساد عديدة، كان أبرزها ما عُرف بقرارات "هدم المدارس".
استقال تميم من منصبه كوزير للتربية، إثر الهجوم المسلح الذي قادته القوات العراقية في أبريل/نيسان 2013 على ساحات الاحتجاجات في الحويجة، التي كانت تطالب بتحسين الخدمات وإطلاق سراح السجينات العراقيات المعتقلات وإصلاح الوضع السياسي، ما أسفر عن مقتل العشرات من أبناء المدينة، في مشهد دموي، عُرف بـ"مجزرة الحويجة".
اتسمت فترة وجود محمد تميم كنائب في البرلمان العراقي، ووزيراً للتربية، بتوتر شديد مع الأكراد في كركوك وإقليم كردستان، وتراشقٍ بالتهم في ما يتعلق بملف إدارة محافظة كركوك، فقد كان يتهم الإدارة المحلية في كركوك، بأنها تقصي العرب من التعيين في الأجهزة الأمنية، وتستخدم الأكراد بدلاً عنهم.
طلال الزوبعي
الزوبعي (فيسبوك)
طلال خضير الزوبعي، وهو سياسي عراقي من مواليد 1969، ينتمي إلى "ائتلاف الوطنية"، حاصل على شهادة بكالوريوس في الإعلام، ويحمل الماجستير والدكتوراه في الاختصاص ذاته، ذو توجه ليبرالي بخلفية قبلية، حيث ينتمي إلى واحدة من أبرز العشائر العراقية التي تعود إلى قبيلة شمر.
عمل خلال فترة تواجده بالبرلمان منذ العام 2010 ولغاية 2018، كعضو لجنة النزاهة البرلمانية، ثم رئيساً لها، متابعاً ملفات عدة لم يوفق في أغلبها، بسبب ما اعتبره حسابات بين كتل سياسية تعيق عمل اللجنة.
وخلال سنوات عضويته في البرلمان، أطلق الزوبعي حملات عدة للمطالبة بوقف عمليات القتل الممنهج على الهوية في مناطق أطراف العاصمة العراقية، والتي تُعرف محلياً بـ"منطقة حزام بغداد"، كاشفاً ملفات انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم تُرتكب في تلك المناطق.
ولعل أبرز حدث تعرض له الزوبعي، هو محاولة اغتياله الفاشلة في أغسطس/آب 2015 في قضاء أبو غريب (غرب بغداد)، والتي أسفرت عن إصابة عدد من أفراد حمايته.