نشرت الجريدة الرسمية في مصر الأحد الماضي، التعديلات الصادرة في 20 أكتوبر/تشرين الأول الجاري. وقد أتت في شقَّين: عدّلت في الأوّل 14 مادة من مواد قانون السجون، وأضيفت في الثاني أربع مواد جديدة على القانون.
في قرار حمل رقم 106 لسنة 2015 أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً، أجريت تعديلات على قانون السجون رقم 396 لسنة 1965. ويصف حقوقيون هذه التعديلات بأنها قمعية جديدة بمخالفة المواثيق والمعاهدات الدولية الملزمة لمصر، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب والقواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدينة والسياسية.
يقول الحقوقي في مؤسسة الكرامة الدولية لحقوق الإنسان أحمد مفرح لـ "العربي الجديد"، إنّ "التعديلات قنّنت حالات التعذيب بحق المحبوسين والمعتقلين في السجون، كذلك قنّنت مواد تهدد سلامة الأسر والأهالي وأقرباء المعتقلين أثناء زيارتهم أو اعتراضهم على ما يحدث لهم من انتهاكات". يضيف أن "الهدف من التعديلات هو قمع المعتقلين والمسجونين في السجون، والقضاء على أي مظهر من مظاهر حرية الرأي والتعبير، وتوسيع دائرة التعسف لتشمل الأهالي والأقارب لأول مرّة". ويلفت مفرح إلى أن "التعديلات قنّنت استعمال القوة بحق المعتقلين والمسجونين، وقد تصل إلى استعمال الرصاص الحيّ، ما يشرعن حالات القتل".
ويوضح مفرح أن "المادة 8 مكرر تقنّن استخدام القوة من دون تحديد ضرب وتعذيب المعتقلين والمسجونين. وقد أتاحت لقوات السجن استخدام القوة مع المسجون، من دون أن تحدد ما هي هذه القوة وما هو المسموح أو غير المسموح. بالتالي قد يتيح ذلك استعمال الرصاص الحي بحق المعتقلين والمحبوسين. يضيف أن القوة المبهمة هذه ستستعمل في حالات غير مفهومة ومن دون تعريف واضح مثل "أوامر مستندة إلى القانون أو لوائح السجن" والتي هي بالأساس لوائح قمعية وتعسفية، تهدد حياة المعتقلين والمحبوسين.
معاقبة الأهالي
إلى ذلك، يرى مفرح في المادة 92 توسعاً في تجريم العائلات وأقرباء المعتقلين والمحبوسين. وهي نصّت على الحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن ألف جنيه مصري ولا تزيد عن خمسة آلاف جنيه (125 - 623 دولاراً أميركياً)، وذلك لاتهامات فضفاضة لا يوجد لها تعريف واضح مثل "إدخال رسائل مخالفة للنظام المقرر" و"إعطاء شيء ممنوع للسجين"، وغيرها من المصطلحات التي قد تستعمل لتهديد ذوي المعتقلين والمحبوسين وأقاربهم، "وتصبح سيفاً مسلطاً على رقابهم تستعمله وزارة الداخلية ضدهم إذا ما طالبوا بحقوقهم في الزيارة أو اعترضوا على سوء معاملاتهم". يضيف أنّ التعديلات "اقتصرت فقط على السجون كمكان للاحتجاز، من دون أي التفات إلى أماكن الاحتجاز الأخرى حيث أغلب المعتقلين، من قبيل سجون معسكرات الأمن المركزي وأقسام الشرطة".
بزنس السجون
ويلفت مفرح إلى "التعديلات على المادة 14 رفعت حق المحبوس احتياطياً في وضعه في غرف مؤثثة من جنيه ونصف في اليوم إلى 15 جنيهاً مصرياً. وهو ما يفاقم أزمة السجناء الاقتصادية، بالإضافة إلى ما يمثله من ذريعة لإنشاء زنازين مؤثثة تؤجّر للقادرين، في تمييز جديد ضد الفقراء".
الزيارات ممنوعة
من جهة أخرى، أطلقت التعديلات على المادة 38 من القانون الخاصة بالزيارة والمراسلات المقروءة والاتصالات الهاتفية، يد وزارة الداخلية في جواز منع الزيارة منعاً مطلقاً أو مقيداً من دون تحديد الحالات التي يجوز لها فيها هذا المنع وإغلاق السجون في وجه الزائرين ومنعهم من زيارة ذويهم. ولم يتحدد بالقانون على وجه الدقة ما هي الظروف والأوقات التي تبيح خلالها إدارة السجن منع الزيارة.
أما التعديلات على المادة 34 من القانون، فتعدّ من الأقسى، إذ إنه وبدلاً من العمل على تخفيض العقوبات أو ما يسمى "التأديب" في القانون، عمدت إلى تشديدها. وقد أضيفت إلى العقوبات التأديبية الأربع في القانون القديم، عقوبتان ليصبح المجموع ستّ.
إلى ذلك، استحدثت غرفة في داخل السجون المختلفة تحت مسمى "غرفة خاصة شديدة الحراسة"، يوضع فيها المعتقل أو المسجون لمدة 30 يوماً من دون تحديد للأسباب. ويترك الأمر للائحة الخاصة بوزارة الداخلية، ما قد يسمح بإساءة استخدام هذا الحق واستخدامه كتهديد وورقة في يد وزارة الداخلية للضغط بها على المعتقلين أو السجناء. وهكذا تكون بمثابة غرفة للتعذيب المقنن.
اقرأ أيضاً: "عصافير" في جامعات مصر
نصّ التعديلات
وفقاً للمادة الأولى (الشقّ الأوّل) من تعديلات القانون، تُستبدل بعبارة "مدير عام السجون" عبارة "مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون"، وبعبارة "مدير السجن أو مأموره" عبارة "مأمور السجن"، وبعبارة "مدير القسم الطبي للسجون" عبارة "مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون" أينما وردت في القانون الخاص بتنظيم السجون.
كذلك تستبدل نصوص المواد أرقام "1، و14، و20، و34، و38، و43، و44 (بند 4)، و46، و50، 68، و73، و92، و94 من ذات القانون، بالنصوص الآتية:
المادة (1): السجون دار إصلاح تنفذ بها العقوبات السالبة للحرية طبقا لأحكام القانون وتخضع للإشراف القضائي وتهدف إلى رعاية وتأهيل المحكوم عليهم اجتماعيا وثقافيا، وهي 4 أنواع: (1) ليمانات (ب) سجون عمومية (ج) سجون مركزية (د) سجون خاصة تنشأ بقرار من رئيس الجمهورية تعين فيه فئات المسجونين من الذين يودعون بها وكيفية معاملتهم وشروط الافراج عنهم.
المادة (14): يقيم المحبوسون احتياطيا في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين، ويجوز التصريح للمحبوس احتياطيا بالإقامة في غرفة مؤثثة بمقابل مبلغ يحدده مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون لا يقل عن 15 جنيها يوميا وفقا للإجراءات والقواعد التي تحددها اللائحة الداخلية.
المادة (20): يبقى مع المسجونة طفلها بحضانة السجن حتى يبلغ من العمر 4 سنوات، على أن تلازمه خلال العامين الأولين، فإن لم ترغب في بقائه معها أو بلغ هذا السن سلم لمن له الحق في حضانته قانونا، فإذا رفض سلم لمن يليه، فإذا رفض جميع من لهم الحق في حضانته قانونا وجب على مأمور السجن إيداعه بأحد دور الرعاية المختصة وإخطار الأم المسجونة بمكانه وتيسير رؤيتها له في أوقات دورية على الوجه الذى تبينه اللائحة الداخلية.
المادة (34) كل محكوم عليه مودع بأحد الليمانات يتبين للطبيب المختص أنه عاجز عن العمل يعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون بالاشتراك مع مفتش الصحة المختص، فإذا ثبت عجزه ينقل إلى سجن عمومي بقرار من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون بعد موافقة النائب العام.
المادة (38) يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل والاتصال التليفوني بمقابل مادي، ولذويه أن يزوروه مرتين شهريا تحت رقابة وإشراف إدارة السجن.
المادة (43) الجزاءات التي يجوز توقيعها على المسجون تشمل الإنذار والحرمان من كل أو بعض الامتيازات المقررة لدرجة المسجون أو فئته لمدة لا تزيد عن 30 يوما، أو تأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى من درجته بالسجن لمدة لا تزيد عن 6 أشهر إذا كان محكوما عليه بالحبس أو السجن، ولمدة لا تزيد عن سنة إن كان محكوما عليه بالسجن المؤبد أو بالسجن المشدد، أو تنزيل المسجون إلى درجة أقل من درجته في السجن لمدة لا تزيد عن 6 أشهر إن كان محكوما عليه بالحبس أو بالسجن ولمدة لا تزيد عن سنة إن كان محكوما عليه بالسجن المؤبد أو المشدد، أو الحبس الانفرادى لمدة لا تزيد عن 30 يوما، أو وضع المحكوم عليه بغرفة خاصة شديدة الحراسة لمدة لا تزيد عن 6 أشهر.
المادة (44) بند 4: الحبس الانفرادي لمدة لا تزيد عن 15 يوما.
المادة (46) يجب على مأمور السجن أن يبلغ فورا مساعد الوزير لقطاع السجون ومدير الأمن والنيابة العامة بما يقع من المسجونين من هياج أو عصيان جماعي أو عند علمه بحالات الإضراب عن الطعام والإجراءات التي قامت بها إدارة السجن حيال ذلك.
المادة (50) عند الإفراج نهائيا عن المسجون، يجوز لإدارة السجن منحه استمارة سفر إلى موطنه أو أية جهة أخرى يختارها داخل البلاد، وذلك ما لم يكن محكوما بوضعه تحت مراقبة الشرطة في موطنه أو مطلوبا لسبب آخر.
المادة (68): يوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على المحكوم عليها الحبلى إلى ما بعد سنتين من وضعها.
المادة (73) مع عدم الإخلال باختصاصات النيابة العامة لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون الإشراف على السجون والتفتيش عليها في أى وقت. ومنحت تلك المادة أيضا الحق لأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان لزيارة السجون بعد موافقة النائب العام وتلقي الشكاوى من المسجونين وإعداد تقارير ورفعها لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون والنيابة العامة المختصة.
المادة (93): يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تزيد عن 5000 جنيه أو بإحدى هاتين العقويتين:
(1) كل شخص أدخل أو حاول ان يدخل في السجن بأي طريقة كانت شيئا من الأشياء على خلاف القوانين أو اللوائح المنظمة للسجون.
(2) كل شخص أدخل في السجن أو أخرج منه رسائل على خلاف النظام المقرر بالسجن بموجب القوانين واللوائح.
(3) كل شخص أعطى شيئا ممنوعا لمسجون محكوم عليه أو محبوس احتياطيا أثناء نقله من جهة إلى أخرى.
(4) كل شخص اتصل بذوي المسجون لمنحه مزية مستغلا في ذلك سلطات وظيفته سواء كان ذلك حقيقيا أو مزعوما بقصد الحصول على منفعه لنفسه أو لغيره.
المادة (94): لوزير الداخلية أن يخصص مكانا في السجن العمومى لقبول الأجانب الذين يأمر بحجز من يرى إبعاده منهم مؤقتا تطبيقا لأحكام القانون المنظم لدخول وإقامة الأجانب بأراضي الدولة والخروج منها.
ووفقاً للمادة الثانية (الشقّ الثاني)، تضاف إلى قانون تنظيم السجون المشار إليه مواد جديدة هي:
المادة (8) مكرر: يحاط المسجون علما فور دخوله السجن بحقوقه وواجباته والأعمال المحظورة عليه والجزاءات التي توقع عليه عند مخالفته للقوانين واللوائح، وكيفية تقديم شكواه وما تم فيها من إجراءات. ويجوز لقوات السجن استعمال القوة مع المسجون دفاعا عن أنفسهم أو في حالة محاولة الفرار أو المقاومة الجسدية بالقوة أو الامتناع عن تنفيذ أمر يستند إلى القانون أو لوائح السجن.
المادة (33 ) مكرر: تلتزم المنشآت الطبية الحكومية والجامعية بعلاج المسجونين المحالين إليها من السجون لعلاجهم.
المادة (34) مكرر: لكل مسجون محكوم عليه بعقوبة مع الشغل أن يطلب إعفاءه من الشغل لظروف صحية.
المادة (38 ) مكرر: لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون التصريح لممثلي السفارات والقناصل بزيارة المسجونين المنتمين لجنسية الدول التي يمثلونها أو التي ترعى تلك السفارات مصالحها وتقديم التسهيلات اللازمة لهم بشرط المعاملة بالمثل.
اقرأ أيضاً: شهيد ومصاب ومعتقل في كشوف جامعات مصر