تعثر مؤتمر المصالحة العراقية... وتأجيل حتى إشعار آخر

13 يوليو 2017
تزامن موعد المؤتمر مع استعراض عسكري (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر سياسية عراقية، لـ"العربي الجديد"، عن تأجيل مؤتمر المصالحة الوطنية العراقي، الذي كان من المزمع عقده في 15 يوليو/تموز الحالي، برعاية أممية ودولية وعربية، بسبب خلافات داخل تحالف القوى العراقية (السني) والحراك المضاد للجناح الإيراني في العراق، بزعامة نوري المالكي، الذي نظم مؤتمراً مماثلاً في بغداد، يضم شخصيات سنية مختلفة من داخل البلد، رداً على المؤتمر الأول الذي ستحضره شخصيات معارضة تقيم خارج العراق.

ووفقاً لمسؤول سياسي بارز في بغداد، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن المؤتمر الذي كان من المقرر أن يعقد في 15 يوليو في بغداد، وبمشاركة عبر دائرة تلفزيونية لمعارضين سياسيين من أربيل بعد تعذر وصولهم إلى العاصمة العراقية بسبب تهديدات أطلقتها مليشيات "الحشد الشعبي" باعتقالهم حال وصولهم، قد تأجل حتى إشعار آخر بسبب مشاكل داخلية تخص تحالف القوى (السني)، وخارجية تتضمن تحركات مناوئة من كتل وأحزاب التحالف الوطني الحاكم في العراق. وأوضح أن "التأجيل جاء لأسباب عدة، بينها تحديات فرضتها الساحة السياسية الداخلية لتحالف القوى، ومعوقات من أبرزها تنظيم المعسكر الثاني لمؤتمر يجمع شخصيات قدمت نفسها على أنها ممثلة عن العرب السنة، ولا ترغب هيئة التحضير للمؤتمر أن تدخل في مماحكات من الممثل ومن الشرعي ومن الذي يحق له التحدث باسم سنة العراق"؟ مضيفاً "يعلم الجميع أن من سيجتمع اليوم (أمس) هم من الذين يعرفون باسم سنة إيران، ويمكن القول إنهم شبيه فريق أحمد بدر الدين حسون في سورية" وفقاً لقوله.

وعقدت الهيئة الإدارية لتحالف القوى اجتماعاً طارئاً في أربيل، صباح أمس الأربعاء، لاختيار مواعيد وأماكن جديدة لعقد مؤتمراتها العامة. وقال خالد المفرجي، المتحدث باسم "ائتلاف متحدون" المنضوي في تحالف القوى، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف أجّل مؤتمره بالفعل"، موضحاً أن "مؤتمر المصالحة، الذي كان من المقرر عقده في 15 الشهر الحالي، تم تأجيله بناء على رغبة رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي"، عازياً السبب إلى "تزامن المؤتمر مع الاستعراض العسكري المقرر انطلاقه في اليوم نفسه لانعقاد المؤتمر، احتفالاً بانتهاء العمليات العسكرية في مدينة الموصل". ونفى وجود ضغوط سياسية على العبادي أو إقليم كردستان من أجل إلغاء المؤتمر، إلا أن مصادر سياسية أكدت، لـ"العربي الجديد"، أن أعضاء تحالف القوى قد يكتفون بعقد اجتماعات مغلقة ومؤتمرات صحافية في بغداد بدلاً عن المؤتمر العام، الذي تأجل إلى موعد، لم يتم تحديده حتى الآن.


وتعول أوساط دولية عدة على المؤتمر في توحيد الموقف السني العراقي سياسياً، رغم الانتقادات الواسعة من بقاء الحلول العراقية ضمن الدائرة الطائفية والتخندق بين المكونات. ويشدد بعضهم على ضرورة توحيد مصادر القرار السني العراقي والنخب السياسية المتشرذمة، خصوصاً بعد الشرخ الطائفي الذي سببه تعامل المالكي مع القيادات السنية المعارضة لنهجه. وتضم الهيئة السياسية للتحالف السني، المزمع وضع حجر الأساس له خلال المؤتمر، شخصيات عراقية مختلفة، أبرزها رئيس البرلمان، سليم الجبوري، ونائب الرئيس العراقي، أسامة النجيفي، ومن الشخصيات المحسوبة على المعارضة وزير المالية الأسبق، رافع العيساوي، المطلوب للقضاء العراقي، وسعد البزاز، ومحافظ نينوى السابق، أثيل النجيفي، وصالح المطلك، وخميس الخنجر.

وكان رئيس كتلة تحالف القوى في البرلمان، أحمد المساري، قال، في تصريح صحافي، إن مؤتمر بغداد مخصص لمن وصفهم بـ"سياسيي الداخل"، في حين خصص مؤتمر أربيل لـ"سياسيي الخارج"، نافياً الأنباء التي تحدثت عن استدعاء شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي إلى أي من المؤتمرين. وأضاف إن المؤتمر سيعلن عن مظلة سياسية وتجمع للكيانات والقيادات ‏العشائرية والأكاديمية للمناطق التي احتلت من تنظيم "داعش"، وسيناقش أيضاً إعادة تأهيل ‏المجتمع في المحافظات المحررة وإعادة إعمارها وتوحيد أبنائها في مشروع سياسي ‏واحد، مؤكداً أن مقررات المؤتمر ليست بداية مشروع انتخابي، إنما هي مرجعية ‏سياسية شاملة.
من جهته، أكد علي العلاق، القيادي في "ائتلاف دولة القانون" بزعامة المالكي، رفض تحالفه لأي مؤتمرات تحضرها شخصيات مطلوبة للقضاء العراقي ومدعومة من جهات وأطراف إقليمية ودولية، مشيراً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومة العراقية لم تصدر أي أوامر عفو بحق الشخصيات السياسية المطلوبة للقضاء". وشدد على "ضرورة أن تبذل القوى السياسية العراقية جهوداً مضاعفة خلال مرحلة ما بعد داعش، لكن ليس بالشخصيات التي تمت دعوتها" وفقاً لقوله. وكان من المقرر أن يعقد المؤتمر في بغداد في 15 يوليو، برعاية من بعثة الأمم المتحدة ودول عربية وغربية مختلفة، وبحماية الحكومة العراقية. وأعلن الجبوري، في وقت سابق، عن مشاركة شخصيات معارضة في مؤتمر بغداد للمصالحة، بينها وزير المالية السابق، رافع العيساوي، والأمين العام للمشروع العربي، خميس الخنجر، والسياسي العراقي، سعد البزاز، والزعيم القبلي، علي حاتم السليمان.

من جانبه، قال محمد المشهداني، أحد المدعوين إلى المؤتمر في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "الأجواء لا تبشر بالخير داخل اللجنة التحضيرية نفسها، والضغوط الخارجية أجلت المؤتمر فعلاً". وأضاف إن "الشخصيات القائمة على التحضير للمؤتمر غير متصالحة بين بعضها بعضاً، وكثير منها تسعى للعودة إلى الواجهة مرة أخرى من خلاله، لذا تجد مطالب غير واقعية تطرح بين الشخصيات المدعومة ولغة تخوين وتشكيك بالمبالغ التي خصصتها السعودية لإنجاح المؤتمر ودعم المدن العراقية المحررة". وتابع "يمكن الجزم إنه لا هذا المؤتمر، ولا المؤتمر الذي سيعقد بمباركة إيرانية يمثل سنة العراق اليوم". وتستعد شخصيات وكتل وأحزاب عراقية سنية، بعضها معارض ويقيم خارج العراق، للمشاركة في أول مؤتمر سياسي يقام في بغداد، منذ احتلال البلاد، بهدف توحيد الورقة السياسية السنية وتشكيل تحالف سياسي انتخابي واسع تدخل به في انتخابات 2018. كما يناقش مستقبل مدن شمال وغرب ووسط العراق السنية التي تخلصت من احتلال "داعش". ويحظى المؤتمر بدعم من الأمم المتحدة فضلاً عن واشنطن ودول غربية أخرى، كما تدعمه كل من الرياض وأبو ظبي، إلا أن كثيراً من الشخصيات المدعوة للمؤتمر تعتبر خلافية داخل الشارع السني، وبعضها غير معروف سابقاً ولا يحظى بأي ثقل جماهيري، وآخرين اعتبرت دعوتهم بمثابة عملية إعادة تدوير لشخصيات أثبتت فشلها خلال السنوات السابقة.