أكدت السفارة الأميركية في الخرطوم أن "قرار الرئيس الأميركي، باراك أوباما، القاضي بتجميد العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، لا علاقة له بقضايا حقوق الإنسان في البلاد"، ملمحةً إلى ارتباط القرار بتعاون الحكومة السودانية في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والتنظيمات الإرهابية في أفريقيا، وأكدت السفارة أن "السودان أصبح شريكا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب".
وينتظر أن يسري، اليوم الثلاثاء، القرار الأميركي، الصادر يوم الجمعة الماضي، والقاضي بالتجميد الجزئي للعقوبات الاقتصادية التي فُرضت على السودان لمدة وصلت إلى عشرين عاماً.
وترك القائم بالأعمال الأميركي في السودان، استيفن كوتسيس، الباب موارباً لعودة الخرطوم إلى مربع العقوبات، في حال لم تلتزم بتنفيذ المسارات الخمسة التي اتفق عليها الطرفان، الأميركي والسوداني، في خارطة الطريق بينهما، والمتمثلة في مكافحة الإرهاب، ودعم الاستقرار في دولة جنوب السودان، ومحاربة "جيش الرب"، فضلا عن تحقيق الاستقرار والسلام في السودان، بالإضافة إلى القضايا الإنسانية.
وأكد كوتسيس، أن الخرطوم ستخضع، خلال الستة أشهر المقبلة، لمراقبة وتقييم أداء من قبل مجموعة من الأجهزة الأميركية، بينها وزارة الخارجية ووزارة الخزانة، فضلا عن مدير الأمن القومي، ومدير برنامج المعونة.
وأوضح أن "تلك المؤسسات الأميركية سترفع تقارير عن أداء السودان، ليتمكن الرئيس الأميركي من تقييم مدى وفاء السودان بالتزاماته"، وأضاف المتحدث أنه "لدى الإدارة الأميركية الجديدة الحق في إلغاء قرار رفع العقوبات".
وامتدح المسؤول الأميركي تعاون السودان مع بلاده في محاربة "داعش" والجماعات الإسلامية المتطرفة في أفريقيا، وأكد أن "الحكومة السودانية قامت بمجهودات كبيرة لمكافحة الإرهاب، فضلا عن جهودها في تأمين المداخل التي استغلها الإرهابيون على الحدود السودانية الليبية"، ولفت المتحدث إلى "سعي الحكومة في الخرطوم للحد من أن يجد الإرهابيون ملاذاً آمناً في السودان"، مشيرا إلى "توقيف القيادي في تنظيم داعش، معز الفزاني، وتسليمه إلى تونس"، موضحاً أن ذلك "يُظهر قدرة الخرطوم على التحرك ومراقبة الإرهابيين"، ونفى المتحدث الأميركي "وجود أي تعاون عسكري مباشر بين الخرطوم وواشنطن في نيجيريا وليبيا".
وكانت تسريبات تحدثت عن أن "الخرطوم سهّلت دخول قوات أميركية إلى ليبيا في إطار قتال تنظيم داعش هناك".
وأكد مدير الأمن السوداني، محمد عطا، في مؤتمر صحافي، يوم السبت، أن "الخرطوم سمحت لمسؤولين أميركيين بالتحقق، على الحدود الليبية السودانية، من اتهامات بفتح البلاد (السودان) للإرهابيين للانتقال إلى ليبيا".
ووفقا لمصادر مطلعة، فإن ملف مكافحة الإرهاب وحجم المعلومات الاستخباراتية الكبير التي قدمتها السودان للولايات المتحدة، فيما يخص تنظيم "داعش" وجماعة "بوكو حرام" في نيجيريا، شكلت عوامل عجّلت بقرار تجميد العقوبات الأميركية، لا سيما بعد أن أبدى السودان تذمراً من تقديمه خدمات للولايات المتحدة من دون مقابل، ليأتي رفع العقوبات الأميركية أخيرا في مقابل استمرار التعاون في الملف الأمني، إضافة إلى التزام السودان بدعم الاستقرار في جنوب السودان، والسماح لفريق تقصٍ أميركي بالتأكد من خلو البلاد من أية مجموعات لجيش الرب الأوغندي.
ويرى مراقبون أن كلاً من السعودية والإمارات لعبتا دوراً في تسريع القرار الأميركي، لا سيما بعد ابتعاد السودان عن إيران وقطع الخرطوم علاقاتها بطهران.
إلى ذلك، قال الحزب الشيوعي السوداني إن "القرار الأميركي برفع العقوبات عن السودان نتاج لتطابق سياسات النظام القائم في الخرطوم مع المصالح الأميركية في المنطقة"، وطالب الحزب برفع العقوبات عن البلاد بشكل كامل، بعيدا عن "سياسة العصا والجزرة التي تنتهجها واشنطن وفقا لمصالحها"، وأضاف الحزب "الولايات المتحدة تتشدّق بالديمقراطية وتغضّ الطرف عن انتهاكات الحكومة، لأنه ليس لها مصلحة في الحديث عن انتهاكات الحكومة". وقال السكرتير السياسي للحزب الشيوعي، مختار الخطيب، إن "نظام الخرطوم على استعداد لتقديم مزيد من التنازلات، لا سيما أنه أدار ظهره لعلاقات لم ترض عنها واشنطن في المنطقة وشارك في حرب اليمن".
ويعتقد محلليون أن الخرطوم دخلت في تحدٍ خلال فترة التقييم المحددة بستة أشهر، لا سيما إذا ما تم النظر إلى أن جميع العقوبات التي فرضت على السودان تمت في عهد الجمهوريين، فضلاً عن أن عددا من المقربين للرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ومستشاريه، لديهم تحفظات على النظام في الخرطوم، ومن بين هؤلاء مدير مكتب ترامب، وهو ينحدر من أصول سودانية.