وأعلنت السلطات العراقية، مساء اليوم، مقتل جندي عراقي بصاروخ كاتيوشا داخل المنطقة الخضراء المحصنة، بالقرب من السفارة الأميركية، وهو الثاني من نوعه في غضون شهر، وبعد يوم واحد من سقوط قذائف هاون على قاعدة عسكرية تتواجد فيها القوات الأميركية بمنطقة التاجي شمالي العاصمة
وقال بيان مقتضب لخلية الإعلام الأمني العراقية المرتبطة بمكتب رئيس الحكومة، إن "صاروخاً سقط داخل المنطقة الخضراء ببغداد، ما أدى إلى استشهاد أحد منتسبي القوات الأمنية، كمعلومات أولية عن الحادث وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقاً"، دون ذكر مزيد من التفاصيل. لكن مصادر أمنية عراقية أكدت لـ"العربي الجديد" أن الصاروخ سقط على مقربة من السفارة الأميركية وتحديداً قرب نقطة أمنية عند الشارع المقابل للسفارة الأميركية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الصاروخ تسبب بسقوط جرحى من أفراد الأمن أيضاً وخسائر مادية أيضاً.
وسبق للشرطة العراقية الإعلان عن العثور على صاروخ كاتيوشا ومنصة إطلاق محلية الصنع الأسبوع الماضي في أحد أحياء بغداد قالت إنها نجحت في نقلها لمكان آمن بدون حوادث.
يأتي الهجوم بعد يومين من هجوم بالهاون على قاعدة التاجي العسكرية التي تضم قوات أميركية تتبع فرقة مهام خاصة تقدم الدعم والتدريب للقوات العراقية، وقالت وزارة الدفاع عقب الهجوم إنه لم يتسبب بأي خسائر.
وتوجه أصابع الاتهام في مثل هذه الهجمات الى مليشيات عراقية موالية لإيران، أبرزها العصائب وحزب الله والنجباء والخراساني وفصائل أخرى سبق أن هددت باستهداف المصالح الأميركية عقب تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران في المنطقة.
يأتي ذلك مع ترقب لنتائج مشاورات تجرى داخل المنطقة الخضراء وفي مدينة النجف بين عدة قوى سياسية لبحث الأزمة، وملف استقالة أو إقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.
المتظاهرون يحاولون عبور جسر السنك
وحاول مئات المتظاهرين مساء اليوم عبور جسر السنك المحاذي لجسر الجمهورية المغلق منذ أسبوع، في مسعى منهم للالتفاف إلى المنطقة الخضراء من جهة حي الصالحية، الذي تقع فيه السفارة الإيرانية ومقر الإذاعة والتلفزيون العراقي الرسميين، لكن قوات الأمن واجهت المحاولات بإطلاق نار كثيف وقنابل غاز تسببت بوفاة شاب في العقد الثاني من العمر متأثراً بجروحه، فيما أصيب العشرات بالاختناق جراء الغاز، بحسب مصادر طبية عراقية وأخرى من ناشطين داخل التظاهرات.
ويخشى أن تنفذ قوات الأمن محاولة جديدة لفض اعتصام ساحة التحرير وسط العاصمة، أو إخلاء مبنى المطعم التركي المجاور الذي يتحصن فيه المتظاهرون، حيث يتوقع أن يؤدي ذلك إلى خسائر بشرية كبيرة، وهو ما يفسر وجود أعضاء من التيار الصدري التابع لرجل الدين مقتدى الصدر داخل الساحة في مسعى منهم لكبح أي محاولات من هذا القبيل.
وقال شهود عيان، لـ"العربي الجديد"، إن الآلاف يوجدون في ساحة التحرير والمنطقة المحصورة بين جسري السنك والجمهورية والمطعم التركي والشوارع الفرعية المؤدية إلى شارع أبو نؤاس، في حين كثفت قوات الأمن حضورها في المنطقة المقابلة لها، وتحديداً على الجسور المؤدية إلى المنطقة الخضراء، وفي نهاية شارع السعدون المفضي إلى مجموعة من الفنادق الدولية المهمة مثل "الشيراتون" و"فلسطين ميرديان".
وفي البصرة، شهدت القرنة والزبير والعشار تظاهرات واسعة ما زالت مستمرة، وتم إخلاء الطرق المؤدية إلى ميناء أم قصر من قبل المتظاهرين للسماح باستئناف العمل به، بينما تركزت التظاهرات الأخرى في ذي قار وواسط والديوانية والعمارة وبابل والنجف وكربلاء في المناطق الرئيسة للتظاهرات منذ مساء اليوم الأربعاء مع وجود كثيف للجيش والشرطة.
ارتفاع عدد الضحايا إلى 100 قتيل
في المقابل، أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق عن ارتفاع أعداد المتظاهرين في بغداد والمحافظات، ومشاركة العديد من النقابات والجمعيات والمنظمات والجامعات والمدارس ومؤسسات الدولة والعوائل العراقية بشكل كبير.
وأكدت المفوضية أن حصيلة التظاهرات بلغت 100 قتيل وإصابة 5500 من المتظاهرين وقوات الأمن العراقية، واعتقال 399 أفرج عن 343 منهم، وإلحاق الأضرار في 98 مبنى من الممتلكات العامة والخاصة.
وذكرت وسائل إعلام محلية عراقية، نقلاً عن مصادر أمنية، اختطاف ناشط في بغداد يدعى سيف راضي الربيعي، في حي العامل، على يد جماعة مسلحة، مؤكدة أن الربيعي ينشط في تغطية التظاهرات.
وتدخل التظاهرات العراقية يومها السادس منذ استئنافها الجمعة الماضي، وسط ترقب سياسي لما سيؤول إليه مصير الحكومة العراقية وما إذا كانت إقالتها أو استقالتها ستقنع الشارع العراقي الناقم مما بات يطلق عليه في شعاراته متلازمة الفشل والفساد في العملية السياسية العراقية.
في السياق، جدد زعيم التيار الصدري، اليوم، مطالبته باستقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وذلك رداً على دعوات وتصريحات سياسية صدرت عن كتل عدة داعمة لحكومة عبد المهدي ضمن تحالف "الفتح"، المقرب من إيران، والذي يمثل الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، اعتبرت أن استقالة عبد المهدي ستعمق الأزمة وأنها ليست حلاً، مطالبة بمنح الحكومة وقتاً.
وقال الصدر، في بيان له: "أيها الشعب الثائر، جاءنا رد ما قلناه بالأمس، إن استقالة عادل عبد المهدي ستعمق الأزمة، فأقول: عدم استقالته لن تحقن الدماء، عدم استقالته ستجعل من العراق سورية واليمن".
وأضاف: "لن أشترك في تحالفات معكم بعد اليوم ولله الأمر من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور"، في إشارة إلى فك تحالفه مع رئيس تحالف "الفتح" (الجناح السياسي للحشد الشعبي) المدعوم من إيران، هادي العامري.