أطلق وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال في لبنان أكرم شهيّب، ورئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء ندى عويجان، ورشةَ تطوير مناهج التعليم العام في البلاد بعد 23 عاماً على آخر تعديل لها، وذلك بتمويلٍ من وزارة التنمية الدولية البريطانية (DFID) والبنك الدولي، ما أثار جدالاً لدى "التيار النقابي المستقل" الذي رأى في الورشة "صفقة مبرمة تحت ستار التربية والتعليم وتمويلاً أجنبياً مشروطاً".
واعتذرت رئيسة لجنة التربية والثقافة النيابية النائبة بهية الحريري والمفتشة العامة التربوية في التفتيش المركزي فاتن جمعة عن الحضور والمشاركة في حفل إطلاق الورشة، الذي جرى اليوم الخميس في مطبعة المركز التربوي في سنّ الفيل، شرق بيروت.
وتضمّن الحفل عرضاً مرئياً أوضح أنّ التحديث "سيشمل جميع المراحل التعليميّة والمواد والأنشطة التعليميّة - التعلّميّة كافة، بما ينسجم مع أهداف التنمية المستدامة والتطور التكنولوجي، ويعزّز كفايات المواطنية وقيم الحرية والعروبة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والمساواة، ويستجيب للاحتياجات ومتطلّبات سوق العمل، كما يحلّ مشكلة الحقيبة المدرسية والواجبات الدراسية المنزلية، ويسعى إلى تطوير تربية دامجة تحتضن ذوي الاحتياجات الخاصّة وتعتني بالموهوبين والمتفوّقين".
وفي كلمته، قال شهيّب: "أردناها فرصةً للاستجابة لرغبات الجيل الجديد ولتوجيهات التربويّين"، آملاً بـ"إبعاد السياسة عن التربية لمصلحة التربية ومصلحة الوطن". وفي حديث إلى "العربي الجديد"، كرّر شهيّب ما أوضحه في خلال كلمته حول مسألة التمويل المشروط، قائلاً إنّ "لا شروط من قبل الجهات المموّلة، ونحن لا نقبل الشروط. كذلك فإنّ موضوع العداء لإسرائيل هو الموضوع شبه الوحيد الذي يَجمع اللبنانيّين، والمناهج لن تكون إلا ترجمة لهذا الإجماع، ولذا لا يزايدن أحد علينا في موضوع فلسطين والعروبة وحق العودة".
من جهتها، رأت عويجان أنّها "مناسبة مميّزة وأنّها الثورة الحقيقيّة في سمفونيّة الانتماء وترسيخ المواطنيّة الفاعلة وصناعة المستقبل"، مضيفة أنّه "لا بدّ للمناهج من أن تتمتع بالمرونة والحداثة". وطالبت بـ"دعم المركز التربوي مادياً ومعنوياً وبشرياً وتشريعيّاً".
أمّا المدير العام للتربية فادي يرق، فقال إنّ "المناهج هي خطة العمل حول ما يجب أن نقدّمه لتلامذتنا، خصوصاً بعد التطوّرات في بلدنا"، سائلاً: "أي مواطن مستقبلي نريد؟ نريدهم مواطني المستقبل المشاركين في حماية وتنمية لبنان، جيلاً لديه ذاكرة جماعية يبنيها بواسطة تاريخ مشترك".
في السياق، أمل منسّق اتحاد المؤسّسات التربويّة الخاصة الأب بطرس عازار أن تكون إحدى ثمار هذه الورشة "ثورة حقيقية ومتجرّدة لبناء المواطنة الصالحة ولاستعادة ريادة اللبنانيّين، علماً أنّني كنتُ أفضّل أن يكون التمويل لبنانياً". وقال: "إنّنا مدعوّون بعد 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لنسأل أنفسنا: لماذا لم تؤدِّ مناهجنا التعليمية إلى السلم الأهلي واقتلاع الفساد؟"، مشدّداً على أنّ "وزارة التربية هي الأكثر سياديّة، أوقفوا التقاتل على الوزارات السيادية".
وكان "التيّار النقابي المستقل" قد استنكر في بيان أصدره "ورشة تعديل المناهج التي ستتم من خلال قروض يلزَم بها لبنان ببقاء النازحين السوريين"، متسائلاً: "كيف ستنتج تربية وطنية بقروض أجنبية مشروطة؟". وذكّر بـ"تجربة المناهج المطوّرة عام 2011 الفاشلة، حيث أُهدرت الأموال لتأليف وطباعة كتب تمّ إتلافها بعدما تبيّن عدم توفر المعايير الصحيحة فيها. لذلك، نناشد الروابط في التعليم الرسمي رفض هذه المهزلة التربوية".