أثار بدء العمل بتطبيق "وقايتنا" للإشعار باحتمال التعرض لعدوى فيروس كورونا الجديد في المغرب، جدلا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مخاوف متعلقة بالخصوصية.
ويستعين المغرب، كما تفعل دول أخرى، بالهواتف الذكية لتتبّع حركة الأشخاص ومتابعة المخالطين، ما يتيح للسلطات الصحية مراقبة تفشي فيروس كورونا وتنبيه الأشخاص المعرّضين لخطر العدوى.
وقالت وزارة الصحة المغربية إن التطبيق يعتمد استخدام تقنية البلوتوث، وأنه يقوم بإشعار مستخدميه في حالة ما إذا كانوا على تقارب جسدي وثيق لمدة معينة مع مستخدم آخر تم تأكيد إصابته بالمرض، في غضون 21 يوماً التي تلت هذه المخالطة، فيما ستقوم فرق الوزارة بتقييم خطر التعرض للإصابة، ومن ثَمَّ التواصل مع الأشخاص المخالطين إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
وبالرغم من تأكيد السلطات المغربية أن تطبيق "وقايتنا" يستعمل على أساس طوْعِيٍّ محض، بيد أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي انقسموا، منذ بدء تطبيقه يوم الاثنين الماضي، بين معارض ومؤيد له.
وفي السياق، تساءل الناشط محمد باسك منار قائلا على "فيسبوك": "ألا يستحق تطبيق وقايتنا نقاشا واسعا، كما حدث بخصوص مشروع قانون 22.20 (المعروف بمشروع قانون تكميم الأفواه)، بسبب ما قد يشكله من خرق للخصوصية وتوسيع للتجسس. فهناك نقاش في دول ديمقراطية، فما بالك في الدول التي تحكمها السلطوية؟".
أما الناشط عبد الصمد بنعباد فقال في تدوينة له: "دعوات بعض المغاربة إلى عدم الثقة في تطبيق وقايتنا المنتشر في التواصل الاجتماعي، مؤشر على أنه لا يصلح العطار ما أفسد الدهر".
وكتب المحلل السياسي والناشط عمر الشرقاوي: "حملت تطبيق وقايتنا وهو مفيد لتجنب موجة ثانية من الوباء، لدي اليقين أن النظام يحترم المعطيات الشخصية للمواطن".
وقال الناشط السياسي، حميد باجو، على"فيسبوك": "عدد من الأصدقاء نشروا تدوينات يرفضون فيها استعمال تطبيق المتابعة للمصابين المحتملين بفيروس كورونا... كوقاية أو بمبرر حماية معطياتهم الشخصية. للتنبيه فقط، أن وجودهم أصلا على واحدة من الشبكات الاجتماعية... يجعل كل المعطيات التي يريدون حجبها... هي في متناول أي كان ليوظفها في أغراض تجارية أو أشياء أخرى... ولا مجال للهرب من ذلك".
وفي الوقت الذي بلغ فيه عدد المواطنين الذين قاموا بتنزيل تطبيق "وقايتنا" حتى مساء الجمعة، 500 ألف منذ إطلاقه في الأول من يونيو/حزيران الحالي، قال رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، عمر السغروشني، خلال لقاء مناقشة نظمته المؤسسة الدبلوماسية أمس الخميس بتقنية التواصل عن بعد حول موضوع "جائحة كورونا وتداعياتها على حماية الحياة الخاصة"، إن "حماية المعطيات لا يجب أن تكون مبررا لكبح الابتكار"، بل إن الرهان يتمثل في التموقع بشكل يمكّن من تحقيق التوازن بين تحديد الخطر الصحي، والحفاظ على الحياة الاقتصادية واحترام الحياة الخاصة.
وأضاف: "لا توجد أي نية سيئة في هذا الشأن، وقد أعربت الفرق التي عملنا معها لتطوير هذا التطبيق عن رغبة عميقة في القيام بهذا العمل على نحو صحيح".
ويأتي بدء العمل بالتطبيق الجديد، بعد نحو أسابيع من التحذير الذي كانت قد أطلقته هيئات مغربية من اعتماد تطبيق إسرائيلي يدعى "ها أماجين" لاكتشاف وتنبيه المرضى الحاملين لفيروس كورونا.
في المقابل، أكدت وزارة الداخلية أن التطبيق مغربي محض، تم تطويره من طرف فريق مكون من 40 شخصاً من القطاعين الحكومي والخاص، اعتماداً على مبادئ الذكاء الجماعي والابتكار والمرونة، لافتةً إلى أن "هذا المشروع وطني بامتياز، شهد مشاركة طوعية لمجموعة من المقاولات الوطنية الناشئة".
وفي محاولة لتهدئة المخاوف التي أثارها بعض الحقوقيين بشأن انتهاك تطبيق تتبّع المصابين والمخالطين للخصوصية، قالت السلطات المغربية إن "هاجس حماية الحياة الشخصية والبيانات الخاصة للمواطنين كان دائماً في صلب المشروع"، مؤكدةً أن هذا التطبيق، الذي يتم تحميله بشكل اختياري من طرف المواطنين، "سيتم استعماله فقط خلال المدة التي ستستمر فيها الجائحة".
وبحسب وزارة الصحة المغربية، فقد تم إنجاز تطبيق "وقايتنا" في إطار شراكة مع وزارة الداخلية، وبتعاون مع وكالة التنمية الرقمية، والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، ومساهمة تطوعية ومجانية من طرف الشركات المغربية الخبيرة في هذا المجال. كما تم اعتماده من طرف اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، بالإضافة إلى أن شيفرته المصدرية مفتوحة المصدر.