تطبيع بسرعة الطيران: أول رحلة إسرائيلية في أبوظبي عبر أجواء السعودية

01 سبتمبر 2020
في استقبال الطائرة الإسرائيلية في أبوظبي (كريم صهيب/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت الإمارات وإسرائيل أمس الاثنين، رسم "مسار تاريخي في الشرق الأوسط"، وفق تعبير مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنر، لكنه مسار لن يكون إلا على حساب القضية الفلسطينية والشعوب العربية، بعدما فتحت أبوظبي مطارها أمس، لأول رحلة تجارية آتية من تل أبيب ومرت عبر الأجواء السعودية، وعلى متنها وفدان، إسرائيلي وأميركي، وذلك بعد إخراج البلدين العلاقات للعلن عبر اتفاق التطبيع المعلن في 13 أغسطس/ آب الماضي.

ومع التدشين الرسمي للعلاقات الإسرائيلية الإماراتية، يتضح يوماً بعد آخر أن الرابح الوحيد من الاتفاق هو الاحتلال، فالأخير لا يزال يعارض بيع مقاتلات "إف 35" لأبوظبي مع إصرار واشنطن أيضاً على الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي في المنطقة، كذلك فإن كلام كوشنر أمس أظهر أن مخطط الاحتلال بضمّ أجزاء من الضفة الغربية لن يتوقف بعكس الكلام الإماراتي. وبالتزامن مع الرحلة، برز وقوع انفجارين في مطعمين في أبوظبي ودبي، طرحا أكثر من تساؤل عن توقيتهما، على الرغم من أن السلطات عزت السبب إلى تسرب غاز.

وحطّت في أبوظبي أمس، أول رحلة تجارية بين إسرائيل والإمارات كانت قد انطلقت من مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب، وعلى متنها وفد أميركي ترأسه كوشنر وآخر إسرائيلي برئاسة رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شبات. وهبطت طائرة "بوينغ 737" بعد ظهر أمس في المطار الإماراتي بعدما عبرت الأجواء السعودية، في أول رحلة معلنة لشركة طيران إسرائيلية تسافر في سماء المملكة. وحملت رحلة شركة "العال" الرمز "إل واي 971"، وهو رقم الاتصال الدولي للإمارات، وخطت على الهيكل الخارجي لقمرة القيادة كلمة "سلام" بالعربية والعبرية والإنكليزية. لكن تعابير السلام الإسرائيلية تخالف إطلاق الاحتلال اسم "كريات غات" على الطائرة، وهو اسم مستعمرة أقيمت على أنقاض بلدتي عراق المنشية والفالوجة الفلسطينيتين الواقعتين شمال غزة بعد النكبة. كذلك اختيرَت طائرة "بوينغ 737″، لأنها مجهزة بنظام تشويش متقدم محمول جواً يسمى "درع السماء"، حسب "يديعوت أحرونوت".

حملت الطائرة اسم مستوطنة أقيمت على أراضي الفلسطينيين
 

وفي مطار أبوظبي، وصف كوشنر الزيارة بأنها "اختراق تاريخي"، وأعرب عن أمله في أن تكون "الأولى من بين العديد" من هذه الرحلات. وفي موقف لافت، أعلن كوشنر أن تنفيذ مخطط الضم لا يزال ممكناً، قائلاً على متن الطائرة، كما نقلت عنه وسائل إعلام إسرائيلية: "يدور الحديث عن مناطق معظم القاطنين فيها إسرائيليون. لذا، أنا لا أرى أي سبب يدعو إسرائيل إلى التنازل عن هذه المناطق في إطار اتفاق سلام مستقبلي". وحول الموقف الأميركي من مخطط الضم، قال: "الرئيس ترامب يفضل أن يبقي كل الخيارات مفتوحة، لكنه يفضل حالياً التركيز على أمر واحد، هو التزامنا الاتفاق الحالي (الاتفاق مع الإمارات)، ونحن نريد التقدم في هذا المسار، لكن هذا يمكن أن يتغير في المستقبل". ولفت إلى أن القيادتين الإسرائيلية والأميركية ستبحثان قضية تزويد الإمارات بطائرات "إف 35" في المستقبل. وحول ما إذا كان نتنياهو قد أبدى مرونة إزاء بيع الطائرات للإمارات، قال كوشنر: "فهمت من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال لقائي به (الأحد) أن لديه ثقة بأن الرئيس ترامب سيقدم على عمل كل ما يتطلبه الدفاع عن إسرائيل". وأضاف أن الولايات المتحدة ملتزمة تفاهمات ضمان تفوق إسرائيل العسكري. وحول الرسالة التي يوجهها إلى الفلسطينيين، قال: "ليس بوسعنا أن نكون أكثر حرصاً على السلام منهم، وفي الوقت الذي يكونون فيه جاهزين، فإن كل المنطقة ستكون جاهزة، عليهم أن يتعلموا كيفية صنع أمور تجعل المنطقة كلها تتجه للأمام". وأعلن كوشنر أن السعودية سمحت للطائرة الاسرائيلية بعبور أجوائها.

وقبيل انطلاق الرحلة، أعرب كوشنر في مطار بن غوريون عن أمله بأن تكون الرحلة بداية "مسار تاريخي في الشرق الأوسط". من جهته، قال بن شبات من مطار أبوظبي: "جئنا إلى هنا في وضح النهار وأمام أعين الجميع في طائرة تحمل علم إسرائيل مع أصدقائنا الأميركيين. هناك الكثير من الأشياء المشتركة بين إسرائيل والإمارات". وتابع: "لا حدود للتعاون في مجالات التعليم والابتكار والصحة والطيران والزراعة والطاقة والعديد من المجالات الأخرى". أما نتنياهو فكتب على "تويتر": "هكذا يبدو السلام مقابل السلام".

وسيلتقي الوفدان الأميركي والإسرائيلي بمسؤولين إماراتيين على مدى يومين. وكشف مكتب نتنياهو عن لقاء ثلاثي إسرائيلي-إماراتي-أميركي، سيعقد في أبوظبي بمشاركة بن شبات وكوشنر ومستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين، ومستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد. وقال: "كما سيعقد رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، اجتماعات مع كبار المسؤولين الإماراتيين".

وقع انفجاران في مطعمين في أبوظبي ودبي أمس
 

وفي موازاة الرحلة، شهدت أبوظبي ودبي انفجارين، فسبّب انفجار ناتج من "تمديدات غاز" في مطعم في أبوظبي مقتل شخصين وأضراراً مادية، بينما لقي ثالث حتفه في انفجار نجم عن "تسرب للغاز" في مطعم في دبي، بحسب ما أفادت السلطات أمس. على الجانب الفلسطيني، قالت حركة "حماس" إن استقبال الإمارات طائرة إسرائيلية عبر الأجواء السعودية، يُمثّل "طعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، وتآمراً على نضاله، وخيانة لمقاومته، وتكريساً للاحتلال الإسرائيلي". وأضافت الحركة في بيان: "يُصر حكام أبوظبي على الاستمرار في خطيئة التطبيع بتوقيع اتفاقية العار مع الكيان الصهيوني، ومن خلال الترجمة العملية لتنفيذ رحلة رسمية من تل أبيب باتجاه أبوظبي، عبر الأجواء السعودية". وتابعت: "إن إصرار حكام الإمارات لن يُغيّر اتجاه التاريخ، ولن يصنع الوجود والقبول للاحتلال في وعي الشعوب، ولن يحرف البوصلة، وسيبقى خيار إنهاء الاحتلال البغيض وتحقيق حرية فلسطين خياراً استراتيجياً مجمعاً عليه".

وأعرب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، خلال جلسة للحكومة، عن ألمه لرؤية طائرة إسرائيلية في الإمارات، وحيّا المواقف العربية الواضحة والرافضة للتطبيع المجاني مع إسرائيل. وفي السياق، نظمت فعاليات محافظة طوباس شمال شرق الضفة الغربية، أمس، وقفة احتجاجية تنديداً بالاتفاق التطبيعي بين الإمارات والاحتلال.

في هذا الوقت، وفي مؤشّر على استمرار الاحتلال بتوسيع مخططاته للسيطرة على الأراضي الفلسطينية، ذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" أن الأغلبية المطلقة من أعضاء الكنيست الإسرائيلي تؤيد مشروع قانون يشترط إجراء استفتاء عام قبل إخلاء أي مستوطنة في الضفة الغربية. وأشارت القناة إلى أن مشروع القانون سيُطرَح على التصويت في البرلمان في غضون أسابيع، ويهدف إلى تقليص قدرة أي حكومة مقبلة على الموافقة على أي مشروع تسوية للصراع يستند إلى تفكيك مستوطنات في الضفة الغربية.

المساهمون