تصفية حسابات:دهم منزل محافظ المركزي اليوناني واتهام زوجته

16 سبتمبر 2016
ستورناراس "يسار" مع رئيس المركزي الأوروبي ماريو دراغي (Getty)
+ الخط -
منذ صعود حكومة اليسار المتطرف التي يقودها حزب سيريزا الأقرب إلى الشيوعية، لم يهنأ محافظ المركزي اليوناني يانيس ستورناراس الذي يحسب على اليمين المحافظ. وحسب محللين للشأن اليوناني، فإن السياسات المصرفية المحافظة لا تعجب كبار أعضاء حزب سيريزا في حكومة رئيس الوزراء اليكسس تسيبراس.
وفي خطوة قد تزيد من حدة التوتر القائم منذ سنوات بين محافظ البنك المركزي اليوناني يانيس ستورناراس ورئيس الوزراء اليوناني اليساري أليكسس تسيبراس، أمر المدعي العام اليوناني أمس الشرطة بتفتيش منزل محافظ البنك المركزي اليوناني ستورناراس وزوجته لينا، بتهم إساءة التصرف في أموال الدولة، وتحديداً في قضية تخص مبلغ مليون يورو صرفت على عقودات منحها مركز طبي للوقاية الطبية ومكافحة الأمراض في أثينا.
وحسب صحيفة" وول ستريت جورنال" في عددها الصادر أمس، فإن السلطات القضائية اليونانية تتهم زوجة محافظ البنك المركزي اليوناني لينا ستورناراس، التي تملك شركة اتصالات متخصصة في قطاع الطب والصحة، بالحصول على عقودات بطرق غير شرعية وأن هنالك تهماً تخص تقديم رشى في هذه العقودات. وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها عائلة محافظ المركزي اليوناني بتهم تخص الفساد المالي، فقد استدعي في العام الماضي للاستجواب أمام البرلمان بشأن رشاوى من قبل شركة أوروبية كبيرة.
وحسب مراقبين في أثينا، فإن حملة الدهم التي تمت أمس لمنزل محافظ المركزي، هي جزء من حملة التحقيقات المستمرة في اليونان منذ سنوات بشأن الفساد والرشى التي تعمل حكومة تسيبراس اليسارية على تنفيذها، لكن سياسيين يعتقدون أن هنالك استهدافا من الحكومة اليسارية لمحافظ البنك المركزي الذي ينتمي لتيار اليمين المحافظ والذي عين قبل وصول تسيبراس للحكم. والاعتقاد السائد، وحسب رأي خبراء في الشأن اليوناني، أن الخلاف السياسي القائم بين محافظ المركزي اليوناني الذي يرفض استخدام السياسات النقدية والمالية للبنك كأداة للحكومة اليسارية في مفاوضاتها المالية مع المفوضية الأوروبية، هو السبب الرئيسي وراء هذه الملاحقات، هذا من جهة. ومن جهة أخرى ينظر، مراقبون للمبلغ موضوع الاتهام بأنه مبلغ بسيط لا يستحق التضحية بسمعة المركزي اليوناني في هذه الظروف الاقتصادية الحرجة التي تمر بها البلاد.
وكانت السلطات القضائية قد اتهمت أمس السيدة لينا، بأنها نفذت صفقات غير قانونية مع مركز هيلينك للوقاية الطبية ومكافحة الأمراض الذي يطلق عليه اختصاراً، اسم" كيلبينو" تقدر بحوالى مليون يورو، ولكن لم تقدم تهماً لزوجها. وهنالك تحقيقات جارية منذ أكثر من عام مع أعضاء مجلس إدارة المركز الطبي بشأن عقودات منحها المركز لشركات يونانية بين أعوام 2011 و2013. وهذه ليست المرة الأولى التي توجه مثل هذه التهم لزوجة محافظ المركزي اليوناني فقد سبق أن وجهت اليها ذات التهمة في العام الماضي، ونفتها أمام السلطات اليونانية. وتعتقد السيدة لينا، أن المقصود بأعمال الدهم هذه زوجها وليس هي.

ويذكر أن محافظ المركزي اليوناني قد عين في العام 2014، أي قبيل وصول حزب سيريزا اليساري الى الحكم بقليل، وأن هنالك من يعتقد أن الحكومة ترغب في منح هذا المنصب لأحد أعضاء حزب سيريزا، حتى تتمكن من استغلال البنك في مفاوضات إعادة جدولة الديون اليونانية. ويتهم أعضاء كبار في حزب سيريزا، المحافظ يانيس ستورناراس، بأنه أستغل منصبه في اعتماد سياسات قلصت من شعبية الحزب في الشارع اليوناني وأن السياسات النقدية التي تبناها لم تخدم مصلحة الاقتصاد اليوناني الذي يحتاج الى توفير فرص عمل. وكان رئيس البرلمان اليوناني المنتمي لحزب سيريزا قد اتهم في العام الماضي ستورناراس في قضية رشى قدمتها شركة سيمنز الالمانية لبعض الشخصيات في اليونان، وطلب منه الإدلاء بإفادات أمام البرلمان، ولكن الإفادات التي قدمها انتهت إلى تبرئته.
ومن بين الخلافات القائمة بين حكومة تسيبراس اليسارية والمركزي اليوناني، تقدير نفقات المهاجرين، حيث ترى الحكومة المبالغ التي حددتها لمعالجة أزمة اللجوء والبالغة حوالى 670 مليون دولار كافية، فيما يقول محافظ البنك المركزي اليوناني يانيس ستورناراس، إن تكلفة إدارة أزمة المهاجرين في اليونان ستتجاوز التقديرات الحكومية البالغة 600 مليون يورو"670 مليون دولار"، خاصة وأن عدداً أكبر من اللاجئين سيضطر للبقاء في اليونان.
وقال ستورناراس لصحيفة إيل سول 24 أور الإيطالية في مايو/آيار الماضي، إن" هذا التقدير اعتمد على افتراض أن اليونان دولة عبور فقط، ولكن إذا كان علينا الآن استضافة عدد كبير من اللاجئين فلا بد من تعديل هذا التقدير".
وتنتقل اليونان منذ سنوات من أزمة الى أزمة، حيث لم تنته أزمة اللاجئين والاستفتاء على بقاء بريطانيا في دول الاتحاد الأوروبي، حتى فتحت مجدداً في أوروبا أزمة ديون اليونان. وتحاصر اليونان البطالة وانخفاض الدخل الذي تحصله الحكومة من الضرائب والنفقات الخاصة بالمعاشات في وقت يسود فيه التباطؤ الاقتصادي وتبعد مخاوف المستثمرين من أزمات اليورو أصحاب الثروات، من اليونان، وعودتهم في القريب العاجل لضخ أموال في الاقتصاد اليوناني. وسط هذه الظروف تواصل المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الضغط على الحكومة اليونانية لتنفيذ شروط برنامج الإنقاذ من الإفلاس.

المساهمون