تعزيزات
وقال عبد المالك المدني، المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع للجيش الليبي، بقيادة حكومة "الوفاق"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "تعزيزات عسكرية وصلت من قوات المنطقة العسكرية الوسطى إلى طرابلس، ويجري توزيعها على محاور القتال واستلام مواقعها المكلفة بها".
وأكد المدني، أنّ "لحظة إطلاق معركة الحسم ستكون قريباً"، مضيفاً أنّ "الهدوء يعم أغلب المحاور، باستثناء ضربات مدفعية يتركز أغلبها في محور صلاح الدين".
وحول تصريحات المتحدث الرسمي باسم قيادة قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أحمد المسماري، ليلة أمس الاثنين، عن قصف طيران حفتر لمواقع في مصراته وزليتن وسرت، أكد المدني أنها "ضربات جوية لم تحقق هدفها، ولم تسفر عن أي أضرار".
زيارة دي مايو وتركيا
من جانب آخر، قالت وكالة الأنباء الإيطالية "آكي"، إنّ وزير الخارجية لويجي دي مايو سيزور العاصمة الليبية طرابلس، اليوم الثلاثاء، لـ"بحث ملفات الأمن والاقتصاد والتنسيق المشترك في ملفات الهجرة غير الشرعية".
وقال الدبلوماسي الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، إنه "رغم ما يعرف عن روما وباريس من الخلافات بشأن الملف الليبي، إلا أنهما على تقارب حالي إزاء العلاقة الجديدة التي تزداد وثاقة بين أنقرة وطرابلس"، مؤكداً أنّ "ساسة أوروبا باتوا يشعرون بأنّ واشنطن هي من أدخلت تركيا فاعلا مؤثرا في ملفات حساسة بالمتوسط".
وكشف الدبلوماسي الليبي عن أنّ الحكومة في طرابلس "لا تزال متحمّسة بشأن إعلان الحلف الأمني بينها وبين تركيا، في وقت تبدو فيه الأخيرة متحفزة لسرعة إدخال الاتفاق الأمني حيز التنفيذ"، مشيراً إلى أن "الحكومة توازن بين مصالحها مع دول أوروبية مثل إيطاليا، وتحالفها القوي مع تركيا".
وأشار المتحدث ذاته إلى أنّ "الحكومة تقع تحت ضغوط قادة الجيش وتأثير النفير المعلن في عدة مدن ليبية، الذي يطالب بضرورة فتح الطريق لوصول أي دعم إلى القوات جنوبي طرابلس".
وأبرز الدبلوماسي أهم مخاوف الحكومة من إمكانية تحول البلاد لساحة حرب مباشرة بين عدة دول، لا سيما الموقف المصري، إذ ترى حكومة "الوفاق" أنّ "القاهرة أقرب الأطراف الاقليمية التي يمكن أن تتدخل عسكرياً في ليبيا بحجة أمنها القومي".
"جدية" تهديدات السيسي
وفي وقت قالت وسائل إعلام مصرية إنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استدعى وزير دفاعه، قال الدبلوماسي الليبي إنّ "مصر لن تسمح لأي طرف بالسيطرة على ليبيا أو السودان، لأنهما يمثلان العمق الاستراتيجي للأمن القومي المصري"، في إشارة إلى الرغبة التركية في الوجود إلى جانب حكومة "الوفاق" ودعمها لقواتها في حربها ضد قوات حفتر، حيث أكد السيسي، مساء الاثنين، خلال لقاء بالإعلاميين المشاركين في "منتدى شباب العالم" بشرم الشيخ، دعمه لقوات حفتر.
وفيما لا تبدو ملفات الهجرة غير الشرعية أو الاقتصاد مهمة للحكومة في طرابلس أو إيطاليا في الظروف الحالية، حتى تكون محلاً للنقاش خلال زيارة الوزير الايطالي، بحسب الدبلوماسي، يظهر أنّ مستجدات الأوضاع التي أنتجها الاتفاق بين حكومة الوفاق وأنقرة، هو السبب الرئيس للزيارة.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية خليفة الحداد، أن "الملف الليبي دخل في مرحلة اشتباك سياسي عميق على عكس ما كانت ترغب الأمم المتحدة".
وقال الحداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الانقسام بات أكثر وضوحاً في الملف الليبي عكس ما كانت تسعى الأمم المتحدة إليه من عقد قمة دولية في برلين"، معتبراً أنّ "سخونة المواجهة التركية المصرية بشأن ليبيا لا تزال على صعيد التصريحات فقط".
وأردف قائلاً: "حتى الآن تظل تصريحات المسماري بشأن وصول أسلحة تركية إلى حكومة الوفاق مجرد مزاعم للإثارة والتصعيد، وهو استدعى تدخلاً أوروبياً عاجلاً من خلال زيارة الوزير الإيطالي".
والتأمت، الجمعة الماضي، قمة ثلاثية جمعت قادة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، على هامش القمة الأوروبية في بروكسل، انتهت باتفاق القادة الثلاثة على "ضرورة إنجاح قمة برلين" المرتقبة والتي لم يتم تحديد موعدها بعد، وتأييدهم الكامل لعمل الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، من أجل الوصول إلى حل للأزمة الليبية عبر المسار السياسي.
جهود أوروبية
وفي غضون ذلك، يرى الناشط السياسي الليبي عقيلة الأطرش، أن "محاولة الحد من التوتر المتوسطي بشأن ليبيا لا يقف عند الجهود الأوروبية، بل أيضاً تسعى موسكو في هذا الاتجاه".
وألمح الأطرش إلى أنّ بيان الكرملين، أمس الاثنين، بشأن اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حول "منع التصعيد في ليبيا"، يشير إلى وجود جهود تنخرط فيها موسكو من أجل الحد من تفاقم الأوضاع الليبية، وانجراف البلاد إلى ساحة حرب مباشرة بين أطراف إقليمية.
وعن حقيقية تهديدات السيسي، يرى الأطرش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّها "لن تتجاوز حد التهديد، فالقاهرة لن تنجر إلى مواجهة عسكرية مع أنقرة في ليبيا".
وقال "هناك صمت خليجي واضح في مواقف داعمي حفتر في كل من الرياض وأبوظبي، وكلاهما المحرك الأساسي للقاهرة، التي لن تندفع لمواجهة عسكرية من دون دعمها في ليبيا"، مضيفاً "وكذلك ليس من مصلحة أمن مصر القومي دخول حفتر وقواته في حرب خاسرة ضد قوات الحكومة".
ويرى الناشط السياسي أنّ "التوتر الذي تعيشه، ليبيا خلال هذه الأيام، حسمه سيكون وفق مستجدين: الأول نجاح القوات الموالية للحكومة في إطلاق معركة الحسم، ومباغتة قوات حفتر في مواقعها وإبعادها عن العاصمة بإجبارها على التقهقر إلى مواقع بعيدة، ما يعني فقدان حفتر لأوراق سياسية مهمة ستوثر على مخرجات أي جهد دولي، سواء في برلين أو غيرها".
وأوضح أن المستجد الثاني يتمثل في "نجاح أوروبي في وقف التصعيد الذي بدأ بآثار اتفاق أنقرة وطرابلس بشأن ترسيم الحدود البحرية، وانتهى حالياً بدخول الجانب الثاني المتعلق بالأمن حيز التنفيذ"، موضحاً أنّ "كلا الجانبين في مذكرتي التفاهم تطاول آثاره أوروبا من دون شك، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة قمة برلين".
ورجح المتحدث ذاته أنّ "تبقى حدود التوتر الحالي في مستوى التصريحات وعدم إنجرار الساحة لتدخل مباشر"، لكنه أكد على نجاح أنقرة في "إجبار الأطراف الدولية والإقليمية على القبول بها طرفا أساسيا لحل الأزمة الليبية".