تصعيد الحكومة المصرية ضد "حماس" و"الإخوان"... لقطع طريق التهدئة؟

06 مارس 2016
السلطات المصرية تقطع الطريق أمام التهدئة (فرانس برس)
+ الخط -
يشكّل الاتهام الرسمي الذي وجّهته الحكومة المصرية، اليوم الأحد، لكل من حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وجماعة الإخوان المسلمين، بالتورط في اغتيال النائب العام السابق، المستشار هشام بركات، فصلاً جديداً من الحرب التي يشنها النظام المصري منذ ما بعد يوليو/ تموز 2013 ضدّ الحركة الفلسطينية والجماعة المصرية، وهو ما يأتي، ربما، لقطع الطريق أمام أجواء تهدئة كانت تلوح في الأفق بين القاهرة و"حماس"، من جهة، بموازاة تسرب كلام عن احتمال فتح خطوط مع الجماعة التي تتعرض لحملة إلغاء في مصر من جهة ثانية.

وسارعت "حماس" إلى نفي الرواية التي قدمها وزير الداخلية المصري، اللواء مجدي عبد الغفار، في مؤتمر صحافي عقده في القاهرة أمس، والتي قال فيها إن "قوات الأمن تمكنت من القبض على العناصر المتورطة في عملية اغتيال المستشار هشام بركات، وقد تم رصد مجموعة من العناصر، كانت على تواصل مع حركة حماس، والدكتور يحيى السيد موسى المتحدث باسم وزير الصحة الأسبق، والتي تورطت في اغتيال بركات".

ووفق رواية عبد الغفار، والتي جاءت على طريقة الأنظمة العربية المعروفة عبر بثّ ما تسميه السلطات "اعترافات مصورة للمتورطين" تكون مصداقيتها محل شكوك قانونية عموماً، فإنّ "العناصر الإرهابية أعدّت قنبلة وزنها نحو 80 كيلوغراماً. وعقب عملية التفجير، تم إرسال صور العملية للعناصر الذين تولّت تدريبهم حركة حماس". 

اقرأ أيضاً: الحكومة المصرية تتهم "حماس" و"الإخوان" باغتيال بركات... و"الحركة" تنفي

من جهتها، نفت "حماس" الاتهامات المصرية على لسان عضو مكتبها السياسي، زياد الظاظا، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتهامات المصرية لحركته بالمشاركة في اغتيال بركات "باطلة، ولا أساس لها من الصحة". وتابع الظاظا أنّ حركة "حماس" تؤكد دائماً وأبداً أنّ لا علاقة لها بأي أحداث داخلية في دول عربية، وأن مواجهتها الوحيدة هي مع الاحتلال الإسرائيلي داخل الأرض الفلسطينية المحتلة.

ووصفت مصادر سياسية مصرية تصريحات وزير الداخلية بأنها حلقةٌ جديدة في صراع الأجهزة الأمنية المصرية. وأوضحت المصادر أن عقد الداخلية ووزيرها المؤتمر في هذا التوقيت تحديداً يأتي لقطع الطريق على عملية تطوير العلاقات بشكل إيجابي أخيراً بين حركة حماس والنظام المصري، وهي الاتصالات التي يشرف عليها جهازا المخابرات العامة، والحربية، بعدما تواترت أنباء عن اتصالات جديدة بين الجانبين، وكذلك ما صاحب التطور الأخير من تصريحات إيجابية لقيادات الحركة السياسية بشأن حرصهم على الأمن المصري، وبذل أقصى مجهود لتأمين الحدود المشتركة بين قطاع غزة وسيناء.

وكان مصدر قيادي في "حماس" قد قال لـ"العربي الجديد"، إنّ الاتصالات بين "الحركة" والمسؤولين في مصر لم تنقطع طوال الفترة الماضية، غير أنّه أشار إلى أنّ مستوى الاتصالات ذاتها كان يختلف من فترة إلى أخرى. ولفت المصدر، رداً على سؤال حول وجود لقاء مرتقب بين الحركة والجانب المصري، إلى أنّ "الأمر غير مستبعد، خصوصاً أنّ الاتصالات بين الجانبَين لم تنقطع، كما يتصوّر بعضهم".

اقرأ أيضاً: مصر: تأجيل قضية "التخابر" ومرسي يتمسك برئاسة الجمهورية

وفي السياق، رأت مصادر مصرية أن مؤتمر عبد الغفار جاء "لقطع الطريق على دعوات المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين التي ألمحت إليها شخصيات سياسية محسوبة على معسكر النظام، والذين كان آخرهم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية الدكتور سعد الدين إبراهيم، والذي أكد أنه لا بديل لمصر للخروج من عثرتها عن مصالحة وطنية جامعة تشمل الإخوان المسلمين". وأضافت المصادر أن وزير الداخلية كان مباشراً في هذه الجزئية وكان واضحاً بما فيه الكفاية حين قال إنه "لا مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين"، وكأنه يرد على الدعوات بشكل صريح.

وكانت مصادر سياسية قد ألمحت إلى تطور إيجابي طرأ على ما يشبه الدفع السعودي باتجاه تهدئة العلاقة بين مصر و"حماس"، وتتحدث في هذا السياق عن زيارة كان مقرراً أن تحصل قريباً لوفد رفيع المستوى من الحركة في غزة إلى المملكة عن طريق مصر، وهو ربما ما دفع بالسلطات المصرية إلى عرقلة هذا المسار عبر فتح صفحة جديدة من التصعيد الذي تغذّيه يومياً عبر تصريحات رسمية وتسريبات إعلامية مشتركة مع الصحافة الإسرائيلية، تتهم فيها حركة المقاومة الإسلامية بمساعدة التنظيمات المسلحة التي تحارب القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء. كل ذلك على الرغم من حرص "حماس" على عرض مساعدتها على السلطات المصرية أمنياً في حربها ضد تنظيم "ولاية سيناء" الذي يعادي "حماس" علناً أيضاً.

وكانت مصادر أخرى في "حماس" قد عزت فتح مسارات أوسع من جانب القاهرة مع الحركة التي تدير قطاع غزة، إلى التقارب التركي ـ الإسرائيلي الأخير، والذي أسفر عن قرب توقيع اتفاق بين أنقرة وتل أبيب بشأن ملف الميناء البحري لكسر الحصار عن غزة.

وكان عضو المكتب السياسي لـ"حماس"، خليل الحية، قد قال في تصريحات خلال مشاركته في ندوة، السبت الماضي، بقطاع غزة، إنّ "تركيا قطعت في المفاوضات مع الاحتلال شوطاً، ولا يزال أمر الميناء في غزة قيد البحث". كما سبق لنائب رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، موسى أبو مرزوق، أن رأى، في وقت سابق، أن "الحفاظ على الأمن القومي المصري هو سياسة ثابتة للحركة، وكذلك الأمن القومي العربي، لأن أمن العرب أمنٌ لفلسطين، وفلسطين أكبر المتضررين من فقدان الأمن القومي العربي".

هذه التصريحات فسّرها مراقبون على أنها تحمل بشائر تقارب بين الحركة والجانب المصري بعد جفاء في العلاقات عقب توتر الأوضاع على الشريط الحدودي بين قطاع غزة وسيناء، خصوصاً أنه سبقتها تصريحاتٌ مماثلة لمسؤول العلاقات الخارجية في الحركة الفلسطينية، أسامة حمدان، أشار خلالها إلى وجود اتصالات بين الجانبين.

اقرأ أيضاً: رئيس البرلمان المصري يفرض وصايته ويطالب النواب بسحب مقترحاتهم
المساهمون