تصريحات المعلم ومحاولة اغتيال السيسي: التنسيق المصري السعودي مؤجَّل

22 نوفمبر 2016
أعلنت مصر تفاصيل محاولة الاغتيال دون تنسيق مع السعودية(Getty)
+ الخط -
تزامن كشف النيابة العامة المصرية لما وصفته بـ"محاولة اغتيال للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مكة في أغسطس/ آب 2014"، على الرغم من نفي السعودية لما تردد عن هذا الأمر آنذاك، مع ظهور مؤشرات جديدة لتقارب مصري - سوري رسمي غير بعيد عن تأييد السيسي المضطرد للسياسات الروسية إزاء الحرب السورية.
ونقلت وكالة الأنباء السورية "سانا" التابعة للنظام السوري عن وزير خارجية النظام وليد المعلم قوله إن "هناك تقدماً في الخطاب المصري نحو سورية، وإن سورية تتعاطف مع مصر ضد ما تواجهه من عمليات إرهابية"، معتبراً أنه يتبقى فقط "قفزة صغيرة وتعود الأمور إلى طبيعتها بين القاهرة ودمشق".
وجاء هذا الحديث في إطار مقارنة المعلم للموقف المصري تجاه نظام بشار الأسد بين اليوم وبين فترة حكم جماعة "الإخوان المسلمين" بين عامي 2012 و2013، إذ جاهرت القاهرة في تلك الفترة بمناصرة قوى الثورة السورية، ورفعت أعلام الثورة إلى جانب العلم المصري في مناسبات رسمية حضرها الرئيس المعزول محمد مرسي.
إلا أن العامين الماضيين شهدا العديد من اللقاءات السرية بين ممثلين للنظام السوري وقيادات أمنية مصرية، كُلّلت بزيارة رسمية معلنة لرئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك إلى القاهرة، التقى خلالها قيادات استخباراتية وأمنية مصرية منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو ما اعتُبر في حينه تحدياً سافراً من القاهرة للرياض، في ذروة الأزمة بين الطرفين على خلفية تصويت مصر لصالح مشروع القرار الروسي بشأن الحرب في حلب، والتي تطورت إلى وقف توريد احتياجات مصر البترولية من السعودية لشهرين متتاليين.
ورأت مصادر دبلوماسية مصرية في ديوان وزارة الخارجية، أنه لا يمكن فصل هذا السياق المأزوم، الذي تُعتبر القضية السورية أحد محاوره الرئيسية إلى جانب قضية جزيرتي تيران وصنافير، عن موعد وطريقة إعلان النيابة المصرية عن تفاصيل قالت إنها مؤكدة حول محاولتين لاغتيال السيسي، إحداهما في مكة المكرمة خلال أدائه العمرة في زيارته الأولى للمملكة بعد توليه الرئاسة، بل واستهداف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن نايف أيضاً.
وأوضحت المصادر أن "الطريقة التي أعلنت بها القضية تُصور الأمن السعودي وكأنه فاشل أو غير كفء لدرجة تسلل أفراد إرهابيين إلى برج الساعة المطل مباشرة على الحرم المكي، وهو أمر كفيل بإحراج النظام السعودي أمام العالم، وفي الوقت ذاته يظهر الأجهزة الأمنية المصرية في صورة مستيقظة تدافع عن أمن مصر والسعودية أيضاً".


وأشارت المصادر إلى أن "النيابة المصرية أعلنت تفاصيل هذه القضية من دون تنسيق مع الجانب السعودي، وهو أمر يُظهر حدة الأزمة في علاقة الدولتين، خصوصاً أن التحقيقات المعلنة لم تشر إلى تفاصيل القبض على ضباط الشرطة المتهمين بالتخطيط للاغتيال، وما إذا كانت العملية قد شُرع في تنفيذها فعلاً، أم توقفت عند حد التخطيط".
واعتبرت المصادر أن تصريحات المعلم والإعلان عن هذه القضية، "أمران لا يصبان في مصلحة تسوية الأزمة بين القاهرة والرياض، خصوصاً أن الأحداث المصاحبة لحديث المعلم تعكس تفاهمات مصرية سورية على مستوى عالٍ من الحساسية الاستخباراتية، كما تتزامن مع الدعوة التي أطلقها السيسي لتشكيل تحالف دولي ضد الإرهاب، وتجديد حديثه عن ضرورة الحفاظ على الكيانات الرسمية القائمة للدول".
وفي سياق القضية التي أعلنتها النيابة المصرية، قال مصدر قضائي في محكمة استئناف القاهرة، إن السيناريو الذي تتبناه التحقيقات عن واقعة محاولة اغتيال السيسي وبن نايف، "يدل على أن الواقعة لم تحدث فعلاً، ولم يشرع في تنفيذها، بل وقفت عند حد التخطيط أو النية، وهو ما يشي بضعف التحريات الأمنية وقلة المعلومات المتوافرة لدى النيابة عن الواقعة".
وأضاف المصدر أن "نيابة أمن الدولة استندت في روايتها بالكامل لتحريات قدّمها جهاز الأمن الوطني، ونسبت الاتهام الرئيسي في التخطيط للعملية إلى شخص متوفٍ هو الضابط الملتحي المعروف بانتمائه السلفي محمد السيد البكاتوشي، الذي توفي قبل شهرين كاملين من تولي السيسي الرئاسة"، واصفاً اتهام شخص متوفٍ بالجريمة بأنه "لعبة أمنية قديمة ومعتادة"، مشيراً إلى ضرورة وجود "أهداف سياسية مرتبطة بالعلاقات المصرية السعودية، حتى يتم الإعلان عن الواقعة بهذه الصورة".
وأضاف المصدر: "لم تكن السعودية يوماً من الدول الضعيفة أو الرخوة أمنياً، حتى يكشف جهاز أمني مصري عن جريمة كانت ستُرتكب على أراضيها. وتعاملت النيابة مع الواقعة وكأنها كانت ستحدث في دولة لا تملك مقومات التأمين، كما أن صياغة بيان النيابة تنفي أي تنسيق بين البلدين، على الرغم من أن التنسيق في هذه الحالات مطلوب، على الأقل لمعرفة تفاصيل إضافية عن الواقعة من الجانب السعودي".

المساهمون