تصاعد تداعيات المقاطعة في المغرب... احتجاج عمالي وارتباك حكومي

06 يونيو 2018
المحتجّون يطالبون بإيقاف المقاطعة حفاظاً على وظائفهم (فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت قضية مقاطعة الحليب بشكل كبير في المغرب، بعد أن شهدت الرباط، مساء أمس الثلاثاء، وقفة احتجاجية لمئات العمال في شركة "سانترال دانون" أمام مقر البرلمان، انضم إليها وزير الشؤون العامة والحكامة لحسن الداودي، ما دعا رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى اعتبار مشاركة الوزير "عملاً غير لائق".

وجاءت الوقفة الاحتجاجية تزامناً مع اجتماع لجنة برلمانية من أجل بحث الوضع بعد المقاطعة ومصير قطاع الحليب، إذ عبر وزير الفلاحة عزيز أخنوش عن تخوّفه من توسع المقاطعة إلى قطاعات أخرى.

ودعا المحتجون الحكومة إلى وضع حد لحملة المقاطعة، بعد أن أضحت وظائفهم مهددة في الشركة التي يعمل بها نحو 6 آلاف شخص. ووفق شركة "سانترال دانون"، المملوكة للشركة الفرنسية "دانون"، فإن رقم مبيعاتها تراجع بنسبة 50% منذ انطلاق حملة المقاطعة في إبريل/ نيسان الماضي، ما كبّدها خسائر بنحو 15 مليون دولار، مقابل أرباح بحوالي 5.6 ملايين دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وتتوقع تراجع رقم تعاملاتها الإجمالية في النصف الأول من 2018 بنسبة 20%. وقررت الشركة في الأسبوع الماضي تقليص كمية الحليب التي تتسلمها من مربّي الأبقار عبر التعاونيات، وذلك بنسبة 30%، علماً أن 120 ألف مزارع يرتبطون بتلك الشركة التي يزودونها بالحليب.

وبررت الشركة تقليص كمية الحليب ببلوغ قدرتها التحويلية مستوياتها القصوى وتراجع الطلب، على الرغم من الحملة التواصلية التي أطلقتها من أجل المصالحة مع المستهلك، إذ اعتبرت أنها ضحية أخبار زائفة، وأنها لم ترفع الأسعار منذ سنوات.

ورفع المحتجون شعارات عدة يدعو بعضها إلى وقف حملة المقاطعة، والأخرى إلى تدخل الحكومة من أجل إنقاذ فرص العمل. وقال أحد عمال الشركة، إبراهيم أيت لحسن، لـ"العربي الجديد"، إن الوضع الحالي أضحى يضغط على العمال، خاصة بعد تسريح نحو ألف شخص من العمال المؤقّتين.

وفي خطوة غير مسبوقة، انضم وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، إلى المحتجين، حيث انخرط في ترديد الشعارات الداعية إلى وقف المقاطعة، مشيراً إلى أنها تتسبب في أضرار متمثلة في فقدان فرص العمل وحرمان المزارعين من إيرادات.

وأثارت هذه الخطوة استنكار رئيس الوزراء، وفق مسؤول برئاسة الحكومة في تصريحات لوكالة الأناضول، موضحاً أن "العثماني اتصل هاتفياً بالداودي، ونبهه إلى أن هذا العمل غير لائق".

وأضاف المسؤول أن "العثماني فوجئ بالتحاق الداودي بمجموعة من المحتجين أمام مقر البرلمان من دون علمه، وهو ما جعله يبلغه عدم رضاه عن هذه الخطوة".

ويوم الخميس الماضي دعت الحكومة المغربية إلى وقف مقاطعة الحليب، لتفادي استمرار تضرر المزارعين والاقتصاد. وقالت في بيان لها إن استمرار المقاطعة "قد تكون له تأثيرات سلبية على الاستثمار الوطني والأجنبي، وبالتالي على الاقتصاد الوطني".

وكانت شرائح عريضة من المغاربة قد دعت عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة منتجات "سنترال" للحليب ومشتقاته، وهي شركة مغربية فرنسية تتجاوز حصتها في السوق المحلية 60%.

ودشن المقاطعون وسماً تحت عنوان "خليه يروب". كذلك دعوا إلى مقاطعة مياه "سيدي علي" المملوكة لسيدة الأعمال المغربية مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، التي تسيطر أيضاً على حصة قدرها 60% في السوق المغربي، وشركة "أفريقيا" لتوزيع الغاز والبترول التابعة لمجموعة "أكوا" المملوكة للملياردير المغربي عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري.

وبينما كان المحتجون يدعون إلى وقف المقاطعة، مثل وزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز أخنوش، أمام لجنة القطاعات الإنتاجية، إلى الساعات الأولى من صباح الأربعاء، في مجلس النواب، من أجل تقديم توضيحات حول وضع قطاع إنتاج الحليب، إذ عبر عن تخوفه من توسع الحملة إلى قطاعات إنتاجية أخرى.

وأشار الوزير إلى انعكاسات الحملة على الاستثمارات في قطاع الحليب، لافتاً إلى أن نحو 200 ألف من مربّي الأبقار يرتبطون بسلسلة إنتاج الحليب، إذ يوفر القطاع نحو 450 ألف فرصة عمل.

ولفت إلى أن لدى المربين نحو 1.2 مليون رأس من الأبقار الحلوب، وأن الاستهلاك الفردي يصل في المغرب إلى 74 لتراً للفرد الواحد، إذ يغطي الإنتاج 96% من الطلب المحلي. وينتقد نشطاء وسياسيون، حتى من أحزاب الائتلاف الحكومي، تعاطي الحكومة مع هذه المقاطعة، متهمين إياها بـ"الانحياز" إلى الشركات ضد المواطنين و"تهديد" المقاطعين.

المساهمون