تتوالى الردود الرافضة والمنددة بزيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الجزائر اليوم الأحد، على خلفية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، وحرب اليمن، والسجل الحقوقي سيئ السمعة الذي يلاحق الرياض.
ومن المتوقع أن يصل بن سلمان إلى الجزائر في وقت متأخر من مساء الأحد، على أن يلتقي في وقت لاحق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وذلك بعدما أعلنت الرئاسة الجزائرية، مساء السبت، أنه سيقوم بزيارة رسمية تدوم يومين.
وعبرت شخصيات وأحزاب وهيئات مدنية عن رفضها هذه الزيارة، معتبرة أنها تهدف إلى تلميع صورة ولي العهد السعودي، الذي يرزح تحت ضغط دولي عقب مقتل خاشقجي، وبرز أكثر في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس الأرجنتينية، إذ تراوحت المواقف منه بين التجاهل التام لحضوره وتهميشه، أو مخاطبته بـ"لغة حازمة"، في سياق المطالبة الدولية بـ"كشف كل الحقائق" بشأن اغتيال خاشقجي، ووقف حرب اليمن المدمرة.
وقد التحق عدد من الكتاب والمثقفين الجزائريين البارزين بالمناهضين لزيارة بن سلمان، إذ أصدروا بيان إدانة لولي العهد السعودي، وحملوا الحكومة الجزائرية مسؤولية تشجيع ما وصفوه بـ"السياسات الرجعية للرياض".
وأكد المثقفون الجزائريون في بيانهم "بصفتنا مواطني ومثقفي بلد كان دوماً في مقدمة النضال ضد الظلم والظلامية، نرفع صوتنا عالياً وبكل قوة لنقول لا لهذه الزيارة غير المواتية وغير المبررة، سواء من الجانب السياسي أو حتى من الجانب الأخلاقي".
وجاء في البيان أن "الجزائر تستعدّ لاستقبال ولي العهد السعودي في إطار زيارة رسمية، في وقت كل العالم على يقين بأنه الآمر بجريمة فظيعة في حق الصحافي جمال خاشقجي، جريمة لن نجد لها مثيلاً في تاريخ البشرية المتحضرة".
ووصف البيان قتل الصحافي جمال خاشقجي بـ"العمل البربري"، وأكد أنه "بقتل خاشقجي بطريقة بربرية وقاسية فوق الخيال على يد أتباع ولي العهد، يظهر وجهه الحقيقي الكاتم لأي إحساس إنساني، الذي يزيد به إرسال فرق الموت إلى اليمن من أجل قنبلة السكان العُزّل، وهو مثال آخر يؤشر على السيرة القاسية غير الإنسانية. سيرة لا يمكن لغير الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحيته عليها كأمير مصلح".
ووقّع البيان عدد من أبرز الكتاب والمثقفين في الجزائر، بينهم الروائي رشيد بوجدرة، والكاتب كمال داود، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبد الرزاق قسوم، والكاتب الصحافي واحميدة عياشي، والباحث في علم الاجتماع ناصر جابي، والناشطة الحقوقية جابرية نايلي، والمفكر حميد زناز، والمؤرخ أحمد رواجعية، والباحث عمار قصاب، والكاتب الصحافي مصطفى بلفوضيل، والناقد مخلوف عامر، والكاتبان محمد ساري ومحمد زتيلي، والمنتج التلفزيوني عبد القادر جريو، والمخرج السينمائي الزاوي محمد.
واعتبر المثقفون الجزائريون أن استقبال الجزائر لمحمد بن سلمان يعني أنها "تشجّع سياسته".
وكانت أحزاب يسارية وإسلامية ومحافظة عدة قد أعلنت عن رفضها زيارة ولي العهد السعودي في وقت سابق.
وفي السياق، أكّد حزب العمال اليساري رفضه زيارة بن سلمان، إذ وصفتها أمينته العامة لويزة حنون بـ"النكتة السيئة والاستفزاز الكبير والانحراف والمغامرة".
وأعلنت حنون أنها تدعم مواقف عبّر عنها صحافيون وناشطون حقوقيون تتضمّن رفض هذه الزيارة، وقالت، في مؤتمر صحافي، إن "النظام السعودي وحشي وبربري ولا يختلف عن نظام الدكتاتور الألماني هتلر، يقوم بجلد الشعب اليمني ويحمي الصهاينة ويساعد في إبادة الشعب الفلسطيني".
ولفتت أمين الحزب إلى أن النظام السعودي "يقوم برفع إنتاج النفط إرضاء للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبما يضر مصلحة الجزائر وتوازناتها المالية".
كذلك وصفت حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، الزيارة بأنها "تأتي في توقيت غير مناسب، ولا تشرّف الجزائر، وهي زيارة مفاجئة ومستهجنة وصادمة للرأي العام، وبالتالي فهو غير مرحّب به عندنا".
ورأى القيادي في الحركة، نصر الدين حمدادوش، أن الزيارة "تخدم صاحبها فقط على حساب الجزائر، وهي تبييض لوجه بن سلمان وتلميع صورته، فهو يبحث عن شرعية عربية ودولية، ومن دول أساسية حتى يكون مقبولاً غربيّاً، مع استعمال الجزائر كوسيطٍ وكبوابة".