تشكيك إسرائيلي في قدرة ترامب على تحقيق السلام

23 مايو 2017
غاب حل الدولتين عن تعبيرات ترامب ونتنياهو (Getty)
+ الخط -

أبرز محللون وسياسيون سابقون في إسرائيل، أن السلام لن يأتي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأنه على أهمية زيارته والمبادرة التي قد يطلقها، إلا أنه لا يمكن فرض حل واتفاق دولي من الخارج، ما لم يأت التغيير من داخل إسرائيل، بحسب ما ذهب إليه محللون من اليسار، فيما اعتبر محللون من اليمين، أنه لن يمر وقت طويل قبل أن يدرك ترامب سبب فشل سابقيه في محاولات التوصل إلى تسوية سياسية.

إلى ذلك، لفت بعض الكتاب إلى ما غاب عن خطابات ترامب، أمس الإثنين، وتصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وهو عبارة حل الدولتين.

فمن يمين الخارطة السياسية الإسرائيلية، أكد البروفيسور ووزير الأمن الإسرائيلي الأسبق، موشيه أرنس، أحد آخر عقائديي "الليكود"، (والذي اعتبُر في ثمانينيات القرن الماضي، أحد أهم راعيّ نتنياهو والمؤيدين له في الحلبة السياسية الإسرائيلية)؛ أنه لا حل في الأفق، على الرغم من أن ترامب يصل إلى إسرائيل حاملاً أفضل النوايا لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفق ما يصفه ترامب بأنه الصفقة الوحيدة الممكنة، والتي تقتضي بعض التنازل من كل طرف.


ولا يخفي أرنس، عملياً (الوفي لمبادئ حركة حيروت التاريخية)، سبب الفشل المسبق، إذ يكتب، وفق رواية اليمين الإسرائيلي التاريخي، بأن السلام مع الأردن ومصر نجح، لأن الصراع مع هاتين الدولتين كان صراعاً على حدود وليس صراع وجود، لأن معاهدتي السلام مع هاتين الدولتين كانتا مقرونتين بترتيبات أمنية تضمن أمن إسرائيل. في المقابل، فإن الحالة الفلسطينية تختلف كلياً.

وأضاف أرنس، في مقالة نشرها في صحيفة "هآرتس"، في هذا السياق، أن الصراع مع الفلسطينيين مختلف كلياً، فهو أكبر من مجرد صراع على أراض. صحيح أن من بين مطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الكثيرة إعادة كافة الأراضي شرقي خط وقف إطلاق النار عام 49 للسلطة، كما أن فلسطينيين كثيرين يعتقدون أن على إسرائيل كلها أن تخضع للسيادة الفلسطينية، ناهيك عن أن المطالبة بحق العودة وإعادة جميع اللاجئين، يعني خراب إسرائيل.

ولفت إلى أن الرئيس عباس لا يملك لا الصلاحية ولا القدرة على تطبيق اتفاق إذا تم التوصل إليه، أو منع عمليات ضد إسرائيل... لهذه الأسباب كلها، رأى أرنس، في سياق من يقدم مبررات الاحتلال لعدم التوجه إلى تسوية الدولتين، لا يوجد حل في الأفق.

وفي المقابل، فإن النائب اليساري السابق نيتسان هوروفيتس، كتب بدوره في "هآرتس"، أن ترامب لن يُحضِر السلام، على الرغم من الآمال التي تبدو الآن مفهومة ضمناً. مع ذلك، يبرر هوروفيتس حقيقة أن "من يتوقع من ترامب أن يفرض اتفاق سلام على إسرائيل والفلسطينيين فهو واهم، فهذا بالضبط ما حدث مع الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما. فكل من ظن أن بمقدور الضغوط الدولية الخارجية، ومن ضمنها الضغوط الأميركية أو الأوروبية، أن تُحدث تغييراً فهو مخطئ، فطالما لا يأتي هذا التغيير من داخل إسرائيل نفسها، فإنه لا أمل بأن تتحقق على أرض الواقع".

وأوضح أن "كافة التغييرات والاتفاقيات التي حصلت تمت فقط بسبب قرار داخلي إسرائيلي، وبفعل قناعة رؤساء الحكومات في إسرائيل بأن هذه الاتفاقيات تخدم المصالح الإسرائيلية، هكذا كان في كامب ديفيد وفي الاتفاق مع الأردن".

ويخلُص هوروفيتس إلى القول إن "نتنياهو غير معنيّ بالتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، واليوم يمكن القول إن خطابه في بار إيلان كان مجرد "كلام فارغ" من دون أي مضمون، ومجرد ذرّ للرماد في العيون، ناهيك عن أن شركاءه في الائتلاف الحكومي غير معنيين بالتوصل إلى حل سياسي.

وفي "يديعوت أحرونوت"، لفت الكاتب شلومو بيوتروكوفسكي، إلى أن ما ميّز خطابات ترامب وما قابلها من تصريحات إسرائيلية، أمس، هو غياب تعبير الحديث عن حل دولتين لشعبين، مقابل إبراز القاسم المشترك بين إسرائيل والدول العربية في مواجهة إيران.

كما لفت إلى أن ترامب لا يعتزم، بالاعتماد على تصريحات سابقة له، أن يمارس أي ضغوط على إسرائيل في هذا الاتجاه، وهذا يبرز أيضاً حقيقة أن ترامب تعمّد عدم الحديث عن أي تنازلات "مؤلمة" سيكون على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تقديمها للوصول إلى تسوية متفق عليها.

من جهته، اعتبر الكاتب يوعاز هنديل، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن ما يجب أن يقلق إسرائيل، هو اتضاح واتساع الفجوة بين إسرائيل وترامب، في مجال المصالح الحيوية لكل طرف. ففيما تتمحور مصلحة إسرائيل في إبراز الخطر الإيراني ومواجهته، سيسعى ترامب إلى التوصل إلى الصفقة المأمولة مع الفلسطينيين.

لكن يحذر هنديل من أن عدم قول الحقيقة من شأنه أن ينمّي آمال وتوقعات لا يمكن تحقيقها. وهو يقترح قول الحقيقة، بأنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بل يجب إيجاد طرق أخرى ومسارات أخرى، وبالتالي فعندما لا نقول الحقيقة، ونتحدث عن فرص تاريخية فإن ذلك يخلق أملاً. وذهب هنديل إلى القول إنه كان على نتنياهو أن يرد على مقولة ترامب "عندي شعور بأننا سنصل إلى إبرام اتفاق".



المساهمون