تسوّل باسم الإسلام في شوارع لندن

23 مارس 2014
إحدى المتسولات في "إدجوار رود" (العربي الجديد)
+ الخط -

تنتشر ظاهرة التسول في المملكة المتحدة بشكل ملحوظ في السنوات العشر الاخيرة، وخصوصاً بعد الازمة الاقتصادية، وانضمام اوروبا الشرقية الى الاتحاد الاوروبي سنة 2004. وتضم بريطانيا أكبر تجمع للمهاجرين الرومانيين في أوروبا، حيث تتحدث الاحصائيات الاخيرة عن وجود ما يقارب 183.297 رومانياً ورومانية، غالبيتهم من أصول غجرية.

ويمتهن العديد من هؤلاء التسول وسيلة للعيش. من هنا تجدهم منتشرين في شوارع العاصمة البريطانية لندن، مثل "ادجوار رود" و"اكسفورد" وغيرهما، وخصوصاً في الأماكن التي يتردد إليها المسلمون والسياح العرب. قد تلمحهم مرتدين ملابس ذات طابع اسلامي، ويتحدثون بعض الكلمات العربية، مثل "السلام عليكم أختي أو أخي"، ويكررون كلمة الله لاستمالة مشاعر السياح العرب.

عند التجوال في شارع "إدجوار رود"، أو شارع العرب كما يسمى في لندن، تلمح سيدة عجوزاً تجلس في إحدى الزوايا. بعد حديث قصير معها يتضح أنها من أصول رومانية. تقول إنها بلا مأوى ولا طعام، مضيفة أنها أم لخمسة أطفال صغار. تتحدث بصوت خافت وهي تحمل ورقة بيدها لطلب المساعدة في شراء دواء. إلا أن الرواد الدائمين للشارع يؤكدون أنها تستعمل تلك الورقة منذ فترة طويلة كوسيلة لاستعطاف المارة.

هذه المرأة ليست سوى واحدة من العشرات من سيدات أخريات، يمتهنّ التسول باسم الاسلام، منتحلات شخصيات مسلمات تقطعت بهن السبل، فمنهن من يكنّ مصحوبات بأطفال لا يتجاوز أعمارهم السابعة، وغالبا ما يكون هؤلاء الاطفال مدربين على كيفية كسب تعاطف المارة، أو محاولة إجبارهم على شراء وردة، مستعملين عبارة "الله أكبر أرجوك".



مثل هذه الحالة سبق أن تطرق إليها تحقيق صحافي على قناة "بي بي سي"، وفيه كان الصحافي جون سوييني يتحدث عن تجربته إثر تعقبه لسيدات رومانيات يمارسن التسول باستغلال أطفال. وقال إن معظمهن يعملن وفق نظام عصابات منظمة تستغل اطفالاً ونساء يتم تهريبهم من رومانيا الى بريطانيا، ويصبحون عبيدا لها. واشار إلى ان معظم هؤلاء يدعون الاسلام بارتدائهم الزي التقليدي الاسلامي.

حالة أخرى في شارع "إدجوار رود" لرجل اسكتلندي يقول إن اسمه "ألان"، مضيفا أن عمره 61 ويقيم في العاصمة لندن منذ العام 1991. يتحدث القليل من اللغة العربية بلكنة إنغليزية، مثل بعض الكلمات وبعض القصائد الخليجية، يستعملها لمخاطبة السياح والمقيمين من العرب طالبا المساعدة، رغم أنه يقرّ بتلقي مساعدات مالية من الدولة.



ويبدو أن الأزمة السورية وجدت من يتاجر فيها أيضاً وسط شوارع لندن، حيث يتكاثر من يحاولون استغلال الوضع السوري في التسول امام الجوامع والاماكن العامة، مدعين أنهم بذلك يجمعون تبرعات لمساعدة الشعب السوري.
يعتبر التسول ظاهرة قديمة، وغير مرغوب بها في المجتمعات، وعادة ما تمارسها الشرائح والفئات الاجتماعية المعدومة اقتصاديا، أو ذوو الاحتياجات الخاصة. لكن ذلك لا ينطبق على مدينة الضباب، حيث يلجأ المتسول إلى هذه المهنة كونها من اسهل الطرق للكسب السريع.
ووفق صحيفة "دايلي ميل" البريطانية، نجح متسول بريطاني في جمع اكثر من خمسين الف جنيه استرليني، خلال عام كامل، وقد يجني طفل روماني من التسول في لندن في يوم واحد ما يجنيه بالغ في سنة كاملة في بلاده.
وما يزيد من انتشار ظاهرة التسول في المملكة، عدم ادراجها ضمن الجرائم التي يعاقب عليها القانون البريطاني، ما يجعل التحرك الامني مقيد تجاه المتسولين. وتكتفي الشرطة بتحريكهم من الاماكن الموجودين فيها، وطلب مغادرتهم المكان.