وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "هناك تضاربا في الآراء بين الدول الكبرى حيال الأزمة الليبية نتيجة اختلاف مصالحها للتسوية بعد تغير موقف الولايات المتحدة حيال الملف الليبي، إذ دعت دول أوروبية في الآونة الأخيرة إلأى حسم خلافها حول ليبيا لا سيما الخلاف الإيطالي الفرنسي القائم منذ سنوات".
وأوضح أنّ "اتفاقات جرت بين الأطراف الفاعلة في ليبيا وهي كل من بريطانيا، وإيطاليا، وفرنسا، لوقف دعمها لأطرف محلية لإنهاء الصراع على الصعيد السياسي والعسكري"، مضيفاً أنّ "لقاءات شهدتها عواصم أوروبية عدة برعاية أميركية أنتجت ما يمكن وصفه بالتسويات بين أقطاب الصراع الدولي في ليبيا، مقابل ضمانات قدمتها الولايات المتحدة لرعاية كل دولة لمصالحها".
وعن توجه الولايات المتحدة لحسم القضية الليبية، قال المسؤول ذاته إنّ "التقارب الروسي الأميركي الأخير في سورية ألقى بظلاله على ليبيا، فكلا الدولتان تطمحان إلى عدم انفراد الأخرى بأي ساحة أو دولة في الشرق الأوسط". وأشار إلى أنّ "الولايات المتحدة شددت على أنّ الاتفاق السياسي أساسي في المصالحة، وطلبت من الدول الثلاث سحب دعمها للأطراف الرئيسية الفاعلة في البلاد، بهدف إضعافها وإجبارها على القبول بالمجلس الرئاسي قائداً للمرحلة المقبلة".
واعتبر أنّ "ما شهدته البلاد في الآونة الأخيرة من تراجع الدعم الدولي لفصائل مصراته في الغرب وسحب فرنسا لقواتها من الشرق يأتي في هذا السياق". وبيّن أنّ "المساعي الدولية أنتجت ثمارها، فاللواء المتقاعد خليفة حفتر وفصائل مصراته المدعومة من التيار الإسلامي أذعنت للأمر الواقع، مخافةً أن تفقد مركزها في المعادلة الليبية"، على حد تعبيره.
وبشأن الهلال النفطي، لفت إلى أنّ "حفتر وحلفاءه لم ينتصروا، لم تكن هناك معركة بالأساس، ولكن دولاً إقليمية كالإمارات ومصر قدمت جواباً على تساؤل أميركي مفاده من الجهة التي يمكنها تأمين الهلال النفطي، فكان الجواب حفتر الذي تتألف قواته من عناصر قبلية تقطن أساساً في منطقة الهلال وهي الأولى بتأمين حقول النفط".
وأضاف أنّ "مسؤولين فرنسيين وبريطانيين أقنعوا أكبر الفصائل القبلية الداعمة لرئيس حرس المنشآت، إبراهيم الجضران، بالانسحاب وتسليم مواقعها لقوات حفتر وهذا ما حصل".
وعن مطالب الدول العظمى لقوات حفتر بالانسحاب، قال المسؤول "كل القضايا الحساسة بين الدول العظمى تعتريها بعض العراقيل لكنها تُزال سريعاً. ففرنسا ومصر دعمتا قوات حفتر، إذ دعمت الأولى مشاركة فصائل أفريقية لقوات حفتر في السدرة ورأس الأنوف، بينما شاركت الثانية من خلال طيرانها. وجاء بيان الدول العظمى كتهديد لسعي الدولتين للتغول في المنطقة، وسريعاً ما تم تلافي الأمر بتسليم الموانئ لمؤسسة النفط".
وأوضح أنّه "لم يكن خافياً أنّ رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج على علم بهذه التفاهمات الدولية، وكانت محل تشاور مع رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح في القاهرة، الشهر الماضي، لكن المشكلة تكمن في قبول الأطراف الإسلامية الممثلة في المجلس الرئاسي". واعتبر أنّ "هناك مرحلة أخرى يتم الإعداد لها، وهي الإعلان عن تشكيل جهاز الحرس الرئاسي الذي سيضم مختلف الفصائل المسلحة بما فيها التابعة للبرلمان والمقربة من حفتر، بينما سيؤجل النظر في قيادة الجيش إلى مرحلة أخرى".
وأعطى دليلاً على توجه الدول العظمى للتعامل مباشرة من دون وسطاء مع المسؤولين الليبيين والإقليميين، مشيراً إلى أن "الممثل الخاص للرئيس الأميركي، جونثان ونير، التقى حفتر في القاهرة مرتين قبل اقتحامه للهلال النفطي ولا ندري ماذا جرى بينهما. كما عيّنت فرنسا دبلوماسيها المقيم في موريتانيا جان فليكس باغانون، والذي تولى مهام عدّة في أفريقيا، ليتولى المفاوضات"، على حد تعبيره.
من جهة أخرى، أشار المسؤول إلى أنّ "الضربات الأميركية على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في سرت أجبرت القاهرة والجزائر على القبول بالمساعي الدولية، خوفاً من تزايد الضغط على مقاتلي التنظيم، الذين من المحتمل أن يتسربوا إلى الدولتين المجاورتين".
وشدد على أنّه "لا يمكننا الحديث عن نهاية الأزمة في البلاد، ولكن يمكن اعتبار الأطراف الليبية وداعميها الإقليميين خضعوا لإدارة واشنطن لإنهاء الأزمة، فحسم الملف الليبي هام بالنسبة للديمقراطيين الذين يخوضون مرحلة حساسة في الانتخابات الرئاسية الأميركية".