تسوية السيسي وشفيق: ضمانات للفريق ولحزبه ولعائلته

09 يناير 2018
مطلوب من حزب شفيق العمل لماكينة السيسي(باتريك باز/فرانس برس)
+ الخط -
رفع رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق الراية البيضاء عندما أعلن قبل يومين تراجعه نهائياً عن الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية ومنافسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، قبل ساعات من إعلان جدول إجراءات الترشح والانتخاب، وبعد يومين فقط من عودته لمنزله من فندق "جيه دبليو ماريوت" في القاهرة الجديدة، الذي أقام فيه منذ عودته إلى مصر تحت أنظار أجهزة الأمن، مرحلاً من الإمارات. وسبقت إعلان شفيق جلسة امتدت لنحو 6 ساعات مع عدد من قيادات حزبه لمناقشة آخر مستجدات المفاوضات بين شفيق والجهات الرسمية كالجيش والمخابرات العامة، والتحركات والوساطات التي قام بها إعلاميون وسياسيون داخل مصر وخارجها لتخفيف الضغط الرسمي على شفيق في مقابل انتزاع اعتراف صريح منه بعدم الترشح للرئاسة، بعد نحو شهر من حملة شنتها الشرطة على منازل بعض مؤيديه والقبض على 3 منهم دون إبداء أسباب.

وقال مصدر في حزب شفيق اطلع على مجريات الاجتماع المطول بينه وبين قيادات الحزب ومنهم نائبه اللواء رؤوف السيد ورئيس الكتلة البرلمانية للحزب محمد بدراوي والمتحدث باسم الحزب خالد العوامي، إن شفيق  أبلغهم بأنه توصل إلى تسوية عبر وسطاء مع المخابرات والجيش، على إغلاق أو إسقاط جميع ملفات الاتهامات المفتوحة ضده سواء أمام القضاء العسكري أو النيابة العامة أو قضاة التحقيق، وعدم التعرض له ولأسرته بعد وفاته، وحماية ممتلكاتهم من أي مطالبات أو تحفظات قضائية مستقبلاً، واكتسابه قدراً من الاحترام والحماية الإعلامية والسياسية، خاصة بعد الحملة الإعلامية العنيفة ضده.


كما أبلغ شفيق قيادات حزبه بأنه استطاع "انتزاع" موافقة مبدئية من السلطة الحاكمة على حماية الحزب من الخطط الأمنية التي تستهدف تفجيره من الداخل، وحماية مؤيديه، وعدم التضييق على حزبه في الدعاية والانتشار في الشارع، وإتاحة مساحة "مناسبة" له للمنافسة في انتخابات مجلس النواب، وعدم تكرار ما حدث في الانتخابات التشريعية الماضية، ما أدى إلى حصول الحزب على 4 مقاعد برلمانية فقط. وذكر شفيق أن الضمانات الخاصة بالحزب معلقة على إجراء جديد طالبته به السلطة، وهو أن يعلن الحزب رسمياً تأييد السيسي في انتخابات الرئاسة، وأن ينخرط كوادر الحزب، وكذلك ممولوه الكبار، وداعموه في محافظات الصعيد تحديداً، في حملة "عشان تبنيها" المستمرة لدعم ترشح السيسي وجمع التوكيلات الشعبية له فور فتح باب الترشح للرئاسة.

وبحسب المصدر الحزبي، فإن "شفيق توصل إلى هذه التسوية بوساطة متعددة المستويات، ابتداءً من بعض الإعلاميين المحسوبين على السلطة، منهم من يتولون مناصب رسمية حكومية ومناصب تحريرية مهمة في صحف موالية للنظام، وكذلك وزراء سابقين مقربين من شفيق والمشير حسين طنطاوي، الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، فضلاً عن شخصيات سياسية إماراتية". وأشار المصدر الحزبي إلى أن الوساطات بدأت تأخذ منحى إيجابياً منذ أصدر شفيق بياناً مقتضباً في 18 ديسمبر/ كانون الأول الماضي قال فيه إنه "حريص على وحدة الصف وأنه يسعى بكل جدية لدعم واستقرار الأوضاع في مصر"، ما فسره المراقبون بأنه خطوة تراجع جديدة عن إعلان رغبته بخوض الانتخابات.

وعن مدى تأثير قيادات الحزب على قرارات شفيق، قال المصدر الحزبي إنه على الرغم من أن بعض النواب أبلغوا شفيق صراحة رفضهم ترشحه باعتباره خطوة تؤثر سلباً على حظوظ الحزب في المنافسة الانتخابية مستقبلاً، وأن عليه الفصل بين طموحاته الشخصية والوضع الإعلامي والأمني الصعب الذي يعيشه الحزب في الفترة الأخيرة، إلا أن "شفيق لم يأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد كثيراً، فالعامل الأساسي للتسوية كان رغبته في إغلاق الملفات القضائية والقانونية التي تهدده وتهدد أسرته من بعده، أكثر من أي اعتبار آخر".

وكان نظام السيسي قد استخدم سلاح القضايا لمنع شفيق من العودة ــ أو على الأقل تخويفه ــ  طوال 3 سنوات، على خلفية اتهامه في عدد من القضايا أمام المحاكم ثم تبرئته منها، ثم تم وضع اسمه على قائمة ترقب الوصول للتحقيق بأمر النيابة العسكرية في قضيتي تحقيقه كسباً غير مشروع وإهدار المال العام في وزارة الطيران التي تولاها بين عامي 2011 و2012، إذ أحال جهاز الكسب غير المشروع إلى النيابة العسكرية في عام 2013 بلاغات ضد شفيق، تنفيذاً لقانون صدر في عهد المجلس العسكري يجعل القضاء العسكري مختصاً بقضايا الفساد المالي للضباط السابقين بالقوات المسلحة، وهي القضية التي لم يتصرف فيها القضاء العسكري حتى الآن ويحيطها بتعتيم شديد.

المساهمون