تسليم وتسلّم في وزارات لبنان... ومسؤول أممي: مناورة سياسية وراء العنف

23 يناير 2020
يرفض المحتجون الحكومة الجديدة برئاسة دياب (حسين بيضون)
+ الخط -

بالتوازي مع عمليات التسليم والتسلّم في الوزارات، ساد الهدوء في وسط بيروت، اليوم الخميس، بعد ليلة شهدت مواجهات بين قوات الأمن والمئات من المحتجين الرافضين للحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، في احتجاجات قال مسؤول في الأمم المتحدة إنّ مناورة سياسية تبدو وراء العنف فيها.
وقال المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، عبر "تويتر"، إن العنف الذي أبداه بعض المحتجين في العاصمة اللبنانية بيروت كانت وراءه أغراض سياسية في ما يبدو لتقويض الأمن والاستقرار.
وأضاف: "يبدو هذا أشبه بمناورة سياسية لاستفزاز قوات الأمن، وتقويض السلام الأهلي، وإذكاء الفتنة الطائفية"، مشيراً إلى هجمات على قوات الأمن وعمليات نهب لمؤسسات تابعة للدولة وممتلكات خاصة.


ودان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أحداث بيروت، قائلاً عبر "تويتر"، إن "استباحة بيروت، وأسواقها، ومؤسساتها، عمل مرفوض ومدان ومشبوه، كائناً من كان يقوم به أو يغطيه ويحرض عليه. ساحات بيروت مفتوحة لحرية التعبير والرفض والغضب والاعتصام والتظاهر السلمي امام اللبنانيين، ومن غير المقبول أن تتحول إلى ساحات للكرّ والفرّ والانتقام وتكسير الأملاك الخاصة والعامة".


في هذه الأثناء، شدّدت منظمة "العفو الدولية" في تقرير جديد، اليوم الخميس، على ضرورة أن تعطي الحكومة المشكّلة حديثاً، على وجه السرعة، الأولوية لكبح جماح قوات الأمن، والتحقيق في الاستخدام غير القانوني والمفرط للقوة والضرب، والتهديد بالاغتصاب والاعتقالات التعسفية للمتظاهرين، وذلك منعاً لتكرارها.


يأتي هذا في وقت نشرت قوى الأمن الداخلي عبر "تويتر" صوراً لما قالت إنها تعود "لبعض العبوات المصنّعة يدوياً، التي استخدمت من قبل مثيري الشغب لإحداث أكبر ضرر على عناصر قوى الأمن ولاسيما في الفترة الأخيرة".


وجرت عمليات تسليم وتسلّم في غالبية الوزارات، اليوم الخميس، بين وزراء حكومة سعد الحريري التي استقالت في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2019 على وقع ضغط الشارع، وحكومة حسان دياب التي أبصرت النور مساء الثلاثاء، والتي تقابَل حتّى الساعة برفض من المحتجين بسبب المحاصصة التي طغت على تشكيلها، وبعض الأسماء المقرّبة من السياسيّين التي تضمّها، وعدم تلبيتها بالتالي لطموحاتهم بأن تكون حكومة تكنوقراط.


وتسلّم محمد فهمي وزارة الداخلية من ريا الحسن، التي قالت إنها "عملت كي لا تُستغل الانتفاضة من مجموعات لا تريد خيراً للبنان"، مضيفة: "أعتقد أن طريقة تعاملي معها جنّبت لبنان الكثير من الدماء"، مشيرة إلى أن "القوى الأمنية بذلت جهدا من أجل الحفاظ على الأمن والمؤسسات العامة والخاصة، على الرغم من الخسائر التي تكبدتها". وتمنت على الحكومة أن تنصت لصوت الشارع وتتبنى مطالبه.
من جهته، أكد فهمي أن قوى الأمن لن تعتدي على أحد، وستبذل كل جهد ممكن من أجل ضمان حق التعبير وحقوق الإنسان، معتبراً أن "أي لبناني لا ولن يقبل بأن تقف القوى الأمنية مكتوفة الأيدي عند التعدي عليها وعلى القوانين واستباحة الأملاك العامة والخاصة".
إلى ذلك، تسلّمت ماري كلود نجم، وهي واحدة من ستّ وزيرات في الحكومة الجديدة، وزارة العدل من القاضي ألبرت سرحان الذي بكى خلال شكره رئيس الجمهورية ميشال عون على دعمه وثقته.
وقالت نجم في كلمتها إنّ "كلّ قاضٍ مسؤول عن قراره، وأنا طبعاً لن أتدخل في عمله، وإذا تعرض لأي ضغط من أي جهة، سأكون درع الحماية لاستقلاليته، أما الذي سيرضخ لأي ضغط أو إغراء فيجب عليه أن يتحمل مبدأ المسؤولية".
وأضافت: "لن أتدخل ولن أسمح لأحد بأن يتدخل، لا من السياسيين ولا من أصحاب النفوذ، ولكن وفي كل لحظة سأتدخل لمصلحة الناس بالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى كي نمنع المماطلة في المحاكمات أو تنفيذ الأحكام. سأتدخل لتحفيز النيابات العامة لتلاحق ملفات الفساد لأنه تجب محاسبة المرتكب، والحقيقة يجب أن تظهر، فالشائعة تدمر الحقيقة".


وبعد ثلاثة أشهر من الفراغ، أعلنت الرئاسة اللبنانية، مساء الثلاثاء، عن تشكيلة الحكومة الجديدة برئاسة حسان دياب، بالتزامن مع مظاهرات رافضة للتشكيلة أمام مجلس النواب في بيروت، وعدد من المدن الأخرى.
وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية الجديد أن الحكومة "تعبّر عن تطلعات المعتصمين". وقال دياب لصحافيين بعد توقيعه مرسوم تشكيل الحكومة مع رئيس الجمهورية ميشال عون "أحيي الانتفاضة الثورة التي دفعت نحو هذا المسار فانتصر لبنان".
ويرفض المحتجون حكومة دياب التي سبق أن أطلقوا عليها اسم "حكومة المستشارين" كونها تضمّ مستشارين لوزراء سابقين، ومقرّبين من مسؤولين سياسيّين، وكونها شُكّلت وفق مبدأ المحاصصة وتُعتبر حكومة اللون الواحد.