ويعتبر المراقبون، أن تعامل المخلوع، مع الحملة العسكرية الجوية، التي تقودها السعودية بمشاركة تسع دول أخرى، في "عاصفة الحزم" أنموذجا، لأساليبه في هذه الإطار، ويستمر على الأرض في عملية السيطرة على المحافظات والانتقام من الشعب، الذي خرج ضده في ثورة شعبية عام 2011، لكنه لا يهاجم بشكل علني الدول التي تقود الحملة العسكرية ضده هو وجماعة الحوثي، بل يستمر في المراوغة والتعامل على أنه ليس المعني بالضربات الجوية.
واعتبر هؤلاء أن ظهوره الأخير في الكلمة التي وجهها إلى قادة القمة العربية التي عقدت في شرم الشيخ المصرية، اعتبرها محللون "مراوغة من ضمن مراوغاته في خداع الآخرين، والتعامل من منطلق ضعف لا قوة، من خلال تقديم التنازلات".
وأعلن المخلوع، في كلمة متلفزة، وجهها إلى القمة العربية السبت الماضي، أنه "سيدعم أي مرشح للرئاسة من أي مكون يصل إلى السلطة عبر الانتخابات"، متعهداً بعدم الترشح هو أو أي من أقاربه للسلطة، لكنه واصل هجومه على الرئيس الشرعي للبلاد وقال إن "فترته الرئاسية قد انتهت بموجب المبادرة الخليجية".
ويعلق المحلل السياسي السعودي، ورئيس تحرير جريدة "عرب نيوز" السابق، خالد المعينا، في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن خطاب صالح للقمة العربية كان مفككاً، موضحاً أنه يعتقد أنه قادر على التسلل إلى الفجوة الفاصلة بين الرياض وأبو ظبي، وأضاف "كان مثيراً للشفقة".
اقرأ أيضاً: ورقة صالح الفاشلة: استعطاف الخليج
وحول الدعم الخليجي الذي قدمته دول الخليج لصالح، قال المعينا، إن دول الخليج قدّمت أكثر من 21 مليار دولار لصالح، لتمتين حكمه وبناء اليمن، مشيراً إلى أن العلاقة مع صالح لقنت دول الخليج درساً، مفاده بأنه "عندما تدفع عليها أن تدفع لبناء بلد لا أن تعطي الأموال لأشخاص؛ ففي أي لحظة يمكن أن ينقلبوا عليها".
وبعد أن عملت المملكة على إخراج المخلوع من الرئاسة بشكل وصفه محللون بـ"المشرف"، وقاموا بعلاجه لأشهر في السعودية وأميركا، بعد إصابته في تفجير جامع "النهدين" عام 2011، أوضحوا بأنه "لم يحفظ الجميل ويقوم بقيادة حملة إعلامية شرسة على المملكة في وسائل إعلامه، في حين يتعامل في العلن عكس ذلك تماماً".
وبينما يستمر المخلوع في إصراره على أن لا علاقة له بجماعة الحوثيين، التي خاض ضدها ست حروب، إبان حكمه، وبتمددها وانقلابها على شرعية الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ويحاول إقناع الجميع بأن علاقته بالجماعة ليست في أفضل مراحلها وبأن خلافاً حاداً يشوبها، يؤكد محللون أن "علاقة المخلوع بالجماعة في أفضل مراحلها"، مشيرين إلى أن "استمرار الطرفين في الزحف نحو الجنوب بكل عتادهم وقوتهم هو الدليل القطعي لدحض التسريبات التي يحاول الرجل إيصالها، عبر وسائل إعلامه ومغالطة الجميع بأن هناك شرخاً أفسدها".
وأرسل المخلوع إشارات في تسريبات صحافية، الأسبوع الماضي، إلى أن علاقته بالجماعة "متوترة" وأن وفداً من حزبه زار محافظة صعدة، معقل الحوثيين لحث زعيم الجماعة على إيقاف مسلحيه وعدم الاستمرار في اجتياح الجنوب، إلا أن مصادر صحافية أكدت أن الوفد الذي زار زعيم الحوثيين، كان هدفه التباحث حول كيفية رد الطرفين على الضربات الجوية التي تقودها السعودية ضدهم.
اقرأ أيضاً: قوات صالح تعيد تنظيم الدفاعات الأرضية بصنعاء
ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني، مروان الغفوري:"إن صالح لا يزال يعيش في العام 1978- تاريخ توليه السلطة في اليمن- منفصلاً كلياً عن الواقع"، موضحاً في حديث إلى "العربي الجديد" أن: "الرجل في حرب صيف 1994، تلقى تحذيراً من دخول عدن لكنه دخلها وغير الوقائع والمواقف"، وأضاف: "يعتقد صالح أن بمقدوره الآن اقتحام عدن وتغيير الخرائط".
ويؤكد أن "صالح يعلم جيداً أن جيشه يتلاشى، وأن شبكته الاجتماعية تتفكك"، لكن الغفوري يقول: "الرجل يعيش طويلاً في طور رفض الاعتراف بحلول الفجيعة"، ويضيف "سيكون خبراً سيئاً على اليمنيين لو فر على طريقة قداف الدم".
وفي حين يشن المناوئون للمخلوع صالح هجوماً عليه ويتهمونه بوقوفه خلف كل أزمات اليمن، يقول الصحافي اليمني المقرب من نظام صالح، نبيل الصوفي إن "الرجل يتعامل بواقعية شديدة، أكثر من كل الأطراف على الساحة، سواء التي هللت للضربات باعتبارها النصر المبين، أو التي هللت لها باعتبارها مقبرة للسعودية".
ووصف الصوفي صالح، بأنه "رئيس سابق يدرك مخاطر هذا النوع من الحروب، الذي سواء حققت السعودية ما تقول إنها أهدافها أو اكتشفت ما وصفها "حماقتها" بعد فوات الأوان".
والرئيس اليمني المخلوع، الذي كشف تقرير لجنة العقوبات، التابعة للأمم المتحدة، أن إجمالي ثروته يناهز 60 مليار دولار، وهو ما يفوق خمسة أضعاف الموازنة العامة للبلاد سنوياً، يستمر، بحسب محللين، "في تسخير أمواله في الانتقام من كل خصومه السياسيين، عبر ضربهم ببعض وإضعاف قوتهم من خلال تحالفاته الجديدة القديمة، التي يصرف عليها مليارات الدولارات".
ويرى الكثير من المحللين أن علاقة المخلوع بالحوثيين "ستتضح ملامحها للجميع خلال الأيام المقبلة"، في إشارة إلى مخطط يعمل عليه المخلوع مع الجماعة للرد على "عاصفة الحزم".
وفي حين يستمر في نشر تسريبات تقول بأنه "يجهز نفسه للسفر إلى إريتريا أو سلطنة عمان"، يؤكد المحللون أن المخلوع "يحاول خلط الأوراق وشد انتباه الجميع إليه"، فيما يستمر الجيش الموالي له مع جماعة الحوثي في ارتكاب المجازر، جنوب البلاد، في معركة محاولة السيطرة عليها.