30 ديسمبر 2021
تسجيلات محمد علي كلاي تروي سيرته (4/4)
بعد عرض سريع لمقاطع من حوارات تليفونية لمحمد علي مع أطفاله وهو يغني لهم ويتخيل معهم مستقبلهم عندما يكبرون، يلتقي فيلم (أنا علي) بزوجة علي السابقة فيرونيكا بورش. تحكي كيف التقت به وهي في الثامنة عشرة من عمرها أثناء إجازة صيفية، لكنها لم تحبه في البداية لأنها كانت قد كونت انطباعاً مسبقاً عنه من حديث زملائها في الجامعة عنه، فكانت تراه كشخص ثرثار معتدّ بنفسه. وعندما التقت به في الكونجو حين كانت تساعد في التسويق لمباراة (علي ـ فورمان)، عرض عليها أحد مرافقيه زيارة معسكر تدريب محمد علي. وخلال احدى الرحلات فوجئت بمحمد علي يجلس إلى جوارها في الأتوبيس ويتحدث معها طيلة الرحلة، لتقول لنفسها إنها تسرعت على ما يبدو في الحكم عليه فقد كان لطيفاً ولم يكن كما وصفه أصدقاءها، لكنها أضافت في حوارها ضاحكة أن علي اعترف لها فيما بعد أنه كان لطيفا معها "بزيادة" لأنه خشي أن يقول شيئا خاطئا ينفرها منه، وبعد أن تم تأجيل المباراة بسبب إصابة فورمان، تعددت لقاءات علي وفيرونيكا وتوثقت علاقتهما، خصوصاً بعد أن صارحها بأنه انفصل عن زوجته الأولى، وبدأ يحدثها "فيما يشبه المحاضرات الممتعة" عن الحب والعاطفة والزواج، وجعلتها تلك "المحاضرات" تقع في حبه، لدرجة لا زالت تذكرها برغم مرور سنوات طويلة على فراقهما، حتى أنها لم تقو على تمالك دموعها وهي تستعيد تلك اللحظات التي جعلتها تتزوجه بعد ثلاث سنوات من بداية تعارفهما وهي في الحادية والعشرين من عمرها، وتعيش معه حياة حافلة تصفها بأنها خالية من الملل وغير قابلة للتوقع أبداً.
يعرض الفيلم مقطعا من مكالمة لفيرونيكا مع محمد علي تعلن فيه رفضها لقيامه بتسجيل مكالماتهما، وحين يحاول إقناعها بأن ذلك سيكون شيئاً تاريخياً، جددت رفضها وقالت إنها تفضل تذكُّر تاريخ علاقتهما بشكل مختلف غير تسجيل المكالمات. وبعد ذلك قالت فيرونيكا لكاميرات الفيلم، شيئاً مثيراً للإهتمام يصف صعوبة الحياة مع محمد علي كزوج، وهو أن مشكلة محمد علي الكبرى أنه جعل نفسه منذ البداية عرضة للمساءلة أمام الناس، حين بدأ يطرح توقعات علنية للمباريات التي سيخوضها، فيقول إنه سينهي هذه المباراة في الجولة كذا، ويحدث ذلك بالفعل، فيكرره في مباراة ثانية، ويحدث ذلك أيضا، لينتهي به الأمر وقد أصبح معتاداً على التحكم في مسار حياته، ومع أنها لم تستفض في شرح هذه النقطة وتأثيرها على الحياة الشخصية، إلا أنك بالتأكيد ستلتقط المعنى الذكي الذي أرادت توصيله دون تجريح، وهو أن قيام محمد علي بالتحكم في مسار حياته جعله ينسى أن ذلك لا يمكن أن يتم بنفس الطريقة في الزواج الذي يشترك معه فيه شخص آخر ليس من حقه أن يفرض عليه مساراً لحياته.
وبرغم أن زواج فيرونيكا من علي انتهى بالإنفصال، إلا أنها تحدثت عنه بمحبة بالغة، وبكت حين تذكرت تفاصيل حالته الصحية بعد أن أصيب بمرض الباركنسون، وشرحت سر دوام تعلقها بمحمد علي بأنها عاشت معه حياة حافلة تشبه الحكايات الخيالية، وهو ما يجعلها دائما محبة له، حتى لو لم تكن في حالة حب معه، مفسرة عدم إكمالها حياتها الزوجية معه، لأنه كما يعلم الجميع بل وكما يعلم العالم ـ تقول ضاحكة بمرارة ـ :"لم يكن مخلصاً كزوج، لكنه كان دائماً إنساناً استثنائياً بقلب جميل وبمشاعر فياضة، يبكي كثيراً كلما مس مشاعره شيئ، يبكي أكثر مني أنا شخصياً، وهو ما لا يعلمه الكثيرون عنه، هناك نجوم كثيرون في الفن وغيره يمتلك الناس عنهم صور مثالية غير حقيقية، لكن الصورة المثالية التي امتلكها الناس عن محمد علي كانت حقيقية، لقد وقف إلى جوار ما آمن به، وكان مخلصاً مائة بالمائة في أحلامه وما آمن به، ولذلك صدقه الناس وآمنوا به".
من القصص المدهشة التي يرويها فيلم (أنا علي) قصة العلاقة بين محمد علي وواحد من أشهر معجبيه، البريطاني راسل راوتليدج الذي التقى بمحمد علي وجهاً لوجه ـ بعد محبة طويلة على البعد ـ في مدينة نيوكاسل البريطانية حين ذهب محمد علي إليها عام 1974 ليقوم مع عروسه فيرونيكا بورش بزيارة المركز الإسلامي الموجود بها، حيث سجلت الكاميرات قيام راسل بإلقاء كلمة حماسية طويلة رحب فيها بمحمد علي في نيوكاسل وتمنى له الإستمتاع بوقته هو وزوجته، وبعدها دأب راسل لمدة سنوات على مراسلة محمد علي، ليفاجأ راسل بعد سبع سنوات كاملة من المراسلة وهو يجلس لمشاهدة التلفزيون في منزله، بوالدته تقول له صارخة أن محمد علي ينتظره على الهاتف لكي يتحدث معه، ولم يصدقها في البداية، لكنها ألحت عليه أن يذهب ليجيب على المكالمة التي جاءت من أمريكا، ليفاجأ بأن محمد علي يتصل به فعلا ليشكره على رسائله المحبة، ويدعوه إذا زار أمريكا لأن يقيم في بيته خلال فترة الزيارة، فيقول له راسل مذهولاً: "لا تقل ذلك أرجوك إذا كنت لا تعنيه"، ليرد عليه علي: "صدقني يا راسل لم أكن لأقول ذلك لو لم أعنيه"، وقد جاءت الفرصة لراسل بعد فترة، وبالتحديد في عام 1984 ليزور لوس أنجلوس ويحقق محمد علي وعده له ويستضيفه في بيته ويلتقي بأسرته وبناته، ويعيش معه أياماً ظل يتعامل معها حتى الآن بوصفها أسعد لحظات حياته.
يعرض فيلم (أنا علي) بعد ذلك لقصة خصم محمد علي اللدود جو فرايزر الذي تمكن من توجيه أشهر وأقسى هزيمة لمحمد علي بعد مباراة تاريخية في العاصمة الفلبينية مانيلا. التقى الفيلم بمارفيس نجل فرايزر الذي حكى كيف كانت الأجواء شديدة العدائية بين أبيه وبين محمد علي قبل المباراة بسبب طريقة محمد علي في استفزاز فرايزر ووصفه في مقابلاته بأنه "غوريلا قبيحة"، وأن ذلك الوصف وغيره من العبارات الساخرة كان يؤثر جداً في معنويات فرايزر، الذي كان يصرخ غاضباً: "طيب إذا كنت تراني غوريلا سأكون غوريلا معك وسأريك كيف تتصرف الغوريلا". ويضيف مارفيس أن أباه كان في الحقيقة على عكس ما تظهره ملامحه العنيفة في الصور، فقد كان هادئاً ولطيفاً ورقيقاً ويسعى الكل لصداقته، ويعترف مارفيس بأنه كان يغضب وهو طفل لما يقوله محمد علي عن أبيه، فتهدئه أمه وتقول له ألا يقلق على والده لأن الرب سيقف معه. ثم يحكي مارفيس كيف التقى قبل المباراة صدفة بمحمد علي، الذي احتفى بمارفيس بشدة عندما عرف أنه ابن جو فرايزر، فاستمع إليه مارفيس بهدوء، لكنه كان يقول لنفسه في داخله بغلّ "سترى ما سيفعله أبي بك في المباراة". ويقول مارفيس إن أكثر ما أغضب والده من محمد علي، هو أنه شعر بأن علي لم يقدر وقوف فرايزر إلى جواره، حين فقد رخصته للملاكمة ونسي دعمه العلني له في وقت عصيب كذلك، وأن ذلك الغضب حوّل والده إلى كرة نار ترغب في الإنتقام من محمد علي بكل ما أوتي من قوة، وهو ما قام به بالفعل حين انتصر على محمد علي وفاز بلقب بطل العالم.
لم يعترف محمد علي بالهزيمة بأريحية، بل حرص على تذكير الجميع بالحالة التي خرج بها جو فرايزر من المباراة، والتأكيد بطريقته الساخرة على أن جو فرايزر قضى شهراً بأكمله في العناية المركزة بالمستشفى دون زوار ولا مكالمات لكي يعالج من الجروح الحادة التي تسبب علي له بها، وأنه لم يفز عليه إلا بقرار الحكام، وليس بالضربة القاضية التي توقع علي أن يوقع بها خصومه، مؤكداً أن ما حدث لن يمنعه من هزيمة فرايزر في المباراة التالية. وبرغم كل هذه المشاعر العدائية والمبالغة في التحدي والمخالفة للروح الرياضية المفترضة من حامل لقب بطل العالم ثلاثة مرات، تكشف هَنا ابنة محمد علي أن أباها لم يكن إطلاقا يعني كل ما كان يوجهه من إهانات وسخريات بحق فرايزر، وأنه كان يتحدث على سجيته. أما فرايزر فقد أخذ الأمور بجدية أكثر من اللازم، وتستشهد بموقف لا زالت تذكره من صغرها، حين ذهب والدها في المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة إلى فرايزر، وطلب منه أن يقوما بحركات استعراضية أمام الكاميرات فأشاح فرايزر بوجهه عنه بغضب، قائلة إنها لن تنسى أبدا مشاعر الغل التي ارتسمت على وجه فرايزر مع أنها لم تفهمها وقتها.
تكشف هنا أن والدها بكى بشدة حين تم ابلاغه فيما بعد بأن أبناء فرايزر كانوا يعودون من المدرسة باكين، لأن زملاءهم كانوا يصفون والدهم بالغوريلا القبيحة، وهو ما يؤكده مارفيس ابن جو فرايزر حين يحكي أن محمد علي حين التقى به، اعتذر له عن كل ما قاله بحق والده، وطلب منه إبلاغ والده اعتذاره عن كل ما قاله في حقه، لكن فرايزر لم يقبل الإعتذار لأنه أصر على أن يسمعه من محمد علي بنفسه، وهو ما حدث بالفعل، قبل رحيل والده، حين قام علي بزيارة جو فرايزر. ورأى مارفيس بنفسه كيف كان لقاءهما حميماً وعاطفياً وكاشفاً عن إنسانية غامرة يتمتع بها الإثنان، وعن تقدير كل منهما الشديد للآخر ومشواره.
يعرض الفيلم بعد ذلك مقطعاً من مكالمة دارت بين محمد علي وصديق يقول له أنه قرأ في الصحف أن علي بدأ يعقد معسكر تدريب تمهيدا للعودة إلى الملاكمة، ويسأله علي: "لقد صعقهم الخبر لكن كيف شعرت به"، فيجيب صديقه: "لقد صعقني أنا أيضا وتمنيت ألا يكون حقيقيا"، فيرد عليه علي مستغرباً: "لماذا ألا تحب أن أحصل على لقب بطل العالم للمرة الرابعة"، فيرد صديقه بخوف المحب: "لا، أعتقد أنك حققت كل شيئ ولا أظن أن أحدا على الأقل خلال حياتنا يمكن أن يحصل على لقب بطل العالم ثلاث مرات"، فيضحك محمد علي ويقول له: "لا تقلق أنا فقط أتكلم، مجرد كلام".
بعدها مباشرة ينقلنا الفيلم إلى مؤتمر صحفي قام به محمد علي قبل مباراته التي نافس فيها على لقب بطل العالم للمرة الرابعة في ديسمبر عام 1981 وهو في الثامنة والثلاثين من عمره، وكانت قد بدأت عليه أعراض مرضه قبل تشخيصها بدقة، ليختار الفيلم من الكلمة التي ألقاها محمد علي مقطعاً يعبر عن جوهر شخصيته يقول فيه بطريقته الساخرة الآسرة: "البعض يسألني لماذا تنافس على بطولة العالم للمرة الرابعة؟، وردي هو: لماذا؟، لأن هناك بطولة للعالم، لماذا نذهب إلى القمر، لأنه هناك، وبعد أن ذهبنا إليه، ها نحن نحاول الوصول إلى المريخ، لأنه هناك، ولأن هناك إمكانية للوصول إليه، لماذا أعود، لأن هناك إمكانية للعودة، إنهم يقولون لا لقد أغلقنا الباب، لقد انتهيت، لكنهم ينسون أنه لا يمكن أن يقول أحد لمحمد علي، لأعظم بطل في كل الأزمنة، يقولون أنني عجوز، هل أبدو لكم عجوزاً، أنا لا زلت جميلاً كما كنت"، متحسساً شعره ووجهه بطريقة ساخرة متباهية، فضحك الجميع وأخذوا يصفقون له بحرارة.
لم يفز محمد علي في المباراة التي خسرها بالنقاط لصالح بطل العالم الجديد تريفور بيربيك، لكنه وبرغم الخسارة كما تقول ابنته هنا لم يفارقه أبداً حلم استعادة لقبه، حتى أنه عندما بلغ الخامسة والستين من عمره، وكان جسده كله يهتز بفعل تداعيات مرض الباركنسون اللعين، كان يقول لها ساخراً: "أنا أهتز الآن فلماذا لا أهز العالم وأستعيد لقبي من جديد". وترى هنا أن أباها ظل على الدوام لا يعتبر نفسه ترك الملاكمة، بل يعتبر أن الملاكمة هي التي تركته، ويختار الفيلم مقطعاً من مكالمة تليفونية له يبدو على صوته فيها الارتعاش والتهدج، ومع ذلك نسمعه يقول ضاحكاً لمن يحدثه إنه يعلم أن البصمة التي تركها في الملاكمة لن يستطيع أحد تحقيقها أبدا، مشبهاً نفسه بطائرة الكونكورد الخارقة التي لم يعد أحد يفضل ركوبها بقدر ما يفضل طائرات الجيت، لكن الجميع يعلم أن الكونكورد لن تتكرر ثانية، ولذلك فهو يعتبر نفسه "كونكورد" الملاكمة، أما الباقون فهم مجرد طائرات جيت لا يمكن مقارنتها به أبداً.
لكن هذا الاعتداد الشديد بنفسه لم يمنع محمد علي من الإعتراف بحقيقة ظهور خلفاء أقوياء له، وهو ما يظهر من خلال استعراض الفيلم لقصته مع خليفته في حلبات الملاكمة مايك تايسون، الذي كان محمد علي مثله الأعلى منذ بدأ الملاكمة صغيراً، وسمع اسم علي يتردد حوله في حلبات الملاكمة، لدرجة أنه مرة تنصت على مكالمة دارت بين مدربه وبين صديقه محمد علي، وظل تايسون لسنين منتشياً بأنه سمع صوت محمد علي في التليفون، ليعرض الفيلم مقطعاً لطيفاً من برنامج ظهر فيه محمد علي مع مايك تايسون، وسأله المذيع من سينتصر فيكما لو تواجهتما سوياً، فيشير علي إلى مايك ضاحكاً، ليهلل الجمهور معترضاً: "علي علي"، فيقول علي بلطف: "أنا كنت سريعا لكن لو فرضنا أنه نجح في توجيه ضربة لي سأسقط على الأرض فوراً"، ليعلق مايك تايسون قائلاً للمذيع: "شوف أنا مغرور وأعرف أني عظيم لكن لا بد من أن أكون صريحا معك، كل رأس في العالم لا بد أن ينحني لهذا الرجل لأنه الأعظم في كل العصور"، ليصفق الجمهور بحرارة شديدة، في حين ترتسم ابتسامة شاحبة على وجه محمد علي الذي يعرف أن ما يقوله تايسون ينبع من محبته له، وليس من واقع الحال المرير.
مع اقتراب الفيلم من نهايته، تتحدث ليلى ابنة محمد علي عن أبيها بحب شديد لأنه كان يحرص دائماً على تعويض بُعده بحكم عمله ورحلاته عنها وعن إخوتها، وكان يشعر دائما بمسئوليته التي تحتم عليه أن يقوم بجمع أبناءه التسعة من زيجاته المختلفة معا، ونسمع مقطعاً تليفونياً يتحدث فيه معها وهي صغيرة، ويقول لها إنها ربما لن تفهم الآن حرصه على ذلك، لكنها ستدركه في المستقبل حين تكبر وتجد علاقاتها بإخوتها قوية ورائعة، وتضيف ليلى أنه كان يدهشها دائما قدرة أبيها على التأثير على الناس، حتى أنها وجدت والدتها التي انفصلت عنه وتزوجت غيره، ولم تشاهده لمدة ثلاث سنوات كاملة، وهي تبكي بشدة حين رأته فجأة، ولما سألت ليلى والدتها لماذا بكت، قالت لها: "لأنني عندما نظرت إلى عينيه رأيت الله".
نفس هذا التأثير الطاغي على كل من اقترب من علي، نراه خلال حديث أخيه رحمان عنه في الفيلم، يعرض الفيلم مقطعاً من لقاء قديم بين علي وأخيه رحمان، نرى فيه علي وهو يسخر من أخيه قائلا للكاميرات: "هذا أخي رحمان استيقظ الآن لتوه، هو يحب أن يأكل وينام"، لكنه حين يرى وقع الكلمات على وجه أخيه يقوم بإصلاح كلامه فوراً، ويقول: "رحمان يتعب كثيرا، لأنني أجهده في العمل ولذلك هو يحب أن يأكل وينام"، ليكشف ذلك عن حساسية علي وقدرته على التقاط مشاعر من حوله، وحين تطلب مخرجة الفيلم من رحمان أن يقول كلمة ختامية عن أخيه، لا يتمكن من مغالبة بكاءه الشديد وهو يتذكر طفولته مع أخيه قائلا إنه يؤمن أن الله خص أخاه بقدرة مدهشة على التنبؤ بمستقبله، وأنه كان ينظر إلى السماء وهما صغيرين، ويقول له إن الله يخبره أنه سيصبح بطلا عظيماً ومشهوراً لكي يساعد الناس، وأنه عندما تحقق له ذلك، لم يدخر وسعا في مساعدة الناس بكل ما استطاع، وأنه لذلك سيتذكره على الدوام وسيحبه على الدوام لأنه كان أجمل إنسان عرفه على الإطلاق.
مثلما بُني الفيلم على تسجيلات مكالمات محمد علي التليفونية، ينتهي بها، وتحديداً بمقطع من مكالمة لمحمد علي مع ابنته يحدثها فيها عن هدفه من فكرة تسجيل المكالمات قائلاً: "كنت أتمنى أن أكون محظوظاً مثلك ويكون لدي مقاطع مسجلة من طفولتي، لأن هذا كان سيساعدني على تذكر حياتي وشكر الله لأنه جعل حياتي عظيمة، وغداً ستدركين عندما تكبرين وتسمعين صوتك وأنت في هذه السن، ستدركين كم كان جميلاً أن تحتفظي بتسجيلات لصوتك في صغرك، وستدركين لماذا كنت أفكر دائما في التاريخ، وإذا لم يفهم بعض الناس لماذا كنت أقوم بتسجيل المكالمات، سيدركون فيما بعد جمال التاريخ الذي لا ندركه ونحن نعيش الحاضر".
ما أجمل محمد علي كلاي.