تسجيلات "القسام": محاولة تحريك ملفات مغلقة

28 اغسطس 2016
تدخل الفيديوهات بإطار الحرب النفسية للمقاومة(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
نشرت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، في الأسابيع الأخيرة، سلسلة من اللقطات المصورة والفيديوهات الخاصة بعمليات عسكرية نفذتها خلال العدوان الإسرائيلي صيف العام 2014 على قطاع غزة، على غير عادتها في الإفراج عن مثل هذا المحتوى. وإن كان المحتوى الذي نشرته الكتائب فيه بعض التفاصيل، إلا أنّ ما هو مخفي أكثر بكثير مما عرض، إذ لـ"القسام" تجارب في إخفاء معلومات وصور لسنوات طويلة، لكنّ الهدف من وراء النشر المكثف، يبدو وفق مراقبين، تحريك الملفات العالقة منذ عامين.

ونشرت دائرة الإعلام العسكري (المكتب الإعلامي سابقاً) التابعة لـ"القسام"، مشاهد من عملية قتل ثمانية جنود إسرائيليين شرق حيّ التفاح، شرق مدينة غزة، وفيها بعض التفاصيل عن عملية أسر الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال العدوان. وقبل ذلك، نشرت الكتائب صوراً وفيديوهات من إحدى المعارك التي نفذتها شرق مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، وقبلها سربت بعضاً من القصص التي عايشها مقاوموها خلال العدوان، الذي أطلقت عليه اسم معركة "العصف المأكول".

ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، ناجي شراب، أنّ الفيديوهات التي نشرتها كتائب "القسام" مرتبطة بأهداف سياسية، ومن أجل فتح ملفات عالقة للتفاوض غير المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي كملف الأسرى. ويضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ حركة "حماس" معنية بالضغط على الحكومة الإسرائيلية وتشكيل وسيلة ضغط عليها من أجل تحريك ملف الأسرى، واستبدالهم بأسرى فلسطينيين عبر تحريض عوائل الجنود من خلال الفيديوهات المختلفة التي تحمل رسائل غير مباشرة. ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية أن تكون لهذه الفيديوهات رسائل سياسية أخرى مرتبطة بالانتخابات البلدية المحلية المزمع إجراؤها في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ورسائل من قِبل حركة "حماس" للتأكيد على خيارها المتمثّل في المقاومة عبر هذه الفيديوهات المتعددة.

ويشير شراب إلى أن هذه الفيديوهات التي تضمّنت مشاهد حقيقية من عمليات في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، تحمل في طياتها رسالة عسكرية من قِبل "القسام" وحركة "حماس" عن قدرتها على تحقيق نجاح في الميدان، بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير في غزة قبل عدة أيام. ويرجّح إمكانية اندلاع حرب جديدة في غزة على الرغم من عدم رغبة حركة "حماس" وذراعها العسكرية في ظل المعطيات الإقليمية الحالية، إلا أنّ الظروف الميدانية وإطلاق أي صاروخ ذي قدرة محدودة في الفترة الحالية قد يشعل الحرب بين الحركة وإسرائيل.


ويشير شراب إلى أن قرار الحرب ليس مرتبطاً بوجود وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان المعروف بمواقفه المتشددة ضد حركة "حماس"، كون إعلان الحرب مرتبطا بقادة الجيش ووجود قرار سياسي داخل الحكومة الإسرائيلية، إلا أنه لفت إلى أنّ عدم تحقيق نجاح سياسي يجعل الظروف مهيأة لحرب جديدة على غزة.

ويتفق الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، مع شراب على أنّ الفيديوهات التي تنشرها "القسام" تتعلق بدرجة كبيرة بتحريك ملف الجنود الأسرى المفقودين منذ الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف 2014، والعمل على إيصال رسائل للاحتلال من أجل التفاوض لإجراء صفقة تبادل جديدة. ويقول أبو زايدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المقاومة الفلسطينية تدرك أنها أمام معركة طويلة وهي تسعى عبر هذه الفيديوهات التي تقوم بنشرها إلى تحريك الملف الذي قد يمتد لسنوات طويلة، وهي تحاول الوصول إلى صفقة تبادل للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مقابل الجنود.

ويلفت أبو زايدة إلى أن الفيديوهات تأتي في إطار الحرب النفسية التي تخوضها المقاومة الفلسطينية والتي تهدف من خلالها إلى رفع معنويات الشارع الفلسطيني وإيصال رسائل للمجتمع الإسرائيلي بأن ثمن أي حرب جديدة سيكون المزيد من الأسرى والقتلى. ويؤكد أن الفيديوهات التي تطلقها المقاومة الفلسطينية لا سيما كتائب "القسام" تحظى باهتمام وجدية في التعامل من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومحاولة تحليلها أمنياً وإعلامياً لفهم الأهداف التي تحملها هذه الرسائل والتي تسعى المقاومة لإيصالها. ويوضح أبو زايدة أنّ ذلك يؤكد وجود خطة مبرمجة لدى المقاومة الفلسطينية للتعامل مع الاحتلال عبر الاستفادة من صفقة تبادل الأسرى الماضية وغيرها من الصفقات التي تمت خلال السنوات الماضية.