تساؤلات الشارع في ذكرى "20 فبراير" المغربي

19 فبراير 2016
من الاحتجاجات الاجتماعية المغربية (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
في خضمّ الذكرى الخامسة لظهور حركة "20 فبراير" في المغرب، إبان الحراك العربي في 2011، التي طالبت حينئذ بمحاربة الفساد في البلاد، يتساءل متابعون حول مدى إمكانية عودة احتجاجات الحركة إلى الشارع، بعد مرور خمس سنوات على نشوئها.

يجد سؤال "عودة حركة 20 فبراير" إلى الشارع مسوّغه في تنامي الاحتجاجات والمطالب الشعبية في الفترة الأخيرة، كاحتجاجات الأساتذة، والأطباء، والنقابيين، والعاطلين عن العمل، لكن الفرق أنها مطالب فئوية متعلقة بقطاعات معيّنة، بينما كانت مطالب الحركة ذات صبغة سياسية أعمق، من قبيل محاربة الفساد، وإرساء ملكية برلمانية.

وكانت حركة "20 فبراير" قد ظهرت في المغرب في وقت متزامن مع الثورات الشعبية، التي عرفتها بعض بلدان المنطقة العربية خلال عام 2011، من خلال احتجاجات في العديد من مدن المملكة، لكن سرعان ما خفت توهجها إلى حدّ أنها اندثرت تقريباً بعد خروج جماعة "العدل والإحسان" من الشارع.

في هذا السياق، يردّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، محمد نشطاوي، على سؤال عودة "20 فبراير" للشارع المغربي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "الربيع العربي خلّف ضحايا في هرم السلطة في كل من مصر وتونس وليبيا، لكن الوضع الأمني كان هادئاً بالمغرب".

يؤكد نشطاوي أن "العاهل المغربي (محمد السادس) استبق الأمور من خلال حزمة من الإصلاحات السياسية والدستورية، منها تعديل الدستور في عام 2011، وفتح المجال أمام حكومة أفرزتها صناديق الاقتراع، حتى وإن كانت في الأمس القريب مصدر توجس وقلق من قبل النظام الحاكم".

اقرأ أيضاً المغرب: إجهاض مخطط إرهابي وحجز كميات كبيرة من الأسلحة

ويرى نشطاوي أنه "بعد مرور خمس سنوات خفت صوت الحركة إلى حدّ كبير، لأسباب كثيرة، أهمها استحضار ما وقع ويقع في عدد من البلدان العربية التي تحوّلت فيه ثوراتها الهادئة إلى فوضى، جعلت البعض يتأسف على بعض الأنظمة السابقة رغم استبدادها".

يكمل نشطاوي قائلاً إن "البعض يرى أن دستور 2011 كان خطوة إلى الأمام، تحتاج فقط إلى تفعيل بعض مضامينها، من قبيل استصدار كل القوانين التنظيمية، وكذلك ضرورة ممارسة رئيس الحكومة لكل الصلاحيات المخوّلة له. في حين يرى البعض أن الأسباب التي أخرجت حركة 20 فبراير لازالت قائمة، من قبيل الفساد والرشوة واقتصاد الريع".

من جهته، يحاول الباحث السياسي، عبد الرحيم العلام، الإجابة على سؤال مدى إمكانية عودة حركة 20 فبراير إلى الشارع، فيقول في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "المؤشرات كلها متوافرة لعودة حراك اجتماعي على شاكلة دينامية 20 فبراير، التي انطلقت قبل 5 سنوات".

يضيف العلام بأن "الورش السياسية تُصادف عقبات كثيرة، والمواطنين لم يتصالحوا بعد مع الأحزاب السياسية، وهذا ما سجلته نسبة المقاطعة المرتفعة التي عرفتها الانتخابات الجماعية الأخيرة -المحليات- (سبتمبر/أيلول الماضي)، تحديداً في المدن"، مردفا أن "الورش الاقتصادية تراوح مكانها باعتراف رئيس الحكومة (عبد الإله بنكيران) نفسه".

يشرح العلام قائلاً إن "البطالة في تزايد، والاقتصاد في تدهور، والأسعار ترتفع، والأجور مجمّدة، والتحقت فئات جديدة بالحركات الاحتجاجية لم تكن موجودة في حراك 20 فبراير، كالأطباء، كما كبّدت احتجاجات الأساتذة المتدربين، الحكومة خسائر في شعبيتها".

يستطرد العلام أنه "لا يتوقع أن تقود 20 فبراير الحراك، إذ قد تنبثق أشكال احتجاجية أخرى، لأن الحركة ضعفت وفقدت أهم نشطائها الذين إما سافروا خارج المغرب، أو التحقوا بأحزاب سياسية، أو فقدوا الأمل، ولم يتبق منهم إلا قلة تقبض على مبادئها، وتستمر في التعاطي مع الشأن العام".

يذهب العلام إلى الاعتبار بأن "الذي سيقود الحراك القادم في المغرب، هم الذين تضرروا من السياسات الحكومية، والعديد من العاطلين عن العمل، وطلبة الجامعات، والتلاميذ، والعمال الذين في أغلبهم لم يسبق لهم أن خاضوا تجارب سياسية أو اجتماعية".

اقرأ أيضاً: محمد السادس في زيارة "ثقافية" لفرنسا..والأمن على الطاولة