ثماني جثث جديدة تم إخراجها من منجم الفحم التركي، ليرتفع عدد ضحايا الكارثة إلى 282 قتيلا، وفي أثناء ذلك تواصل عقارب الساعة حركتها للأمام وتتجاوز الأربعين ساعة مضت على وقوع الحادث، لتزيد مدة احتباس العمال العالقين في منجم سوما، ومع نفاد الوقت يزيد تأثير الغازات السامة الناتجة من الحريق ويقلّ الهواء الصحي وتتضاءل فرص نجاة أكثر من مائة عامل أصبح الأمل في خروجهم أحياء انتظار لمعجزة، فخلال الـ 12 ساعة الأخيرة لم يخرج أحدٌ حياً.
وأعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي طانر يلدز - في تصريحات صحافية صباح اليوم - وصول عدد ضحايا كارثة منجم سوما بولاية مانيسا غربي تركيا، إلى 282 قتيلاً، بعد انتشال ثماني جثث جديدة، في أسوأ حادثة تشهدها البلاد حسبما صرح الوزير.
وصرح الوزير - الموجود في مكان الحادث - بأن 217 من جثث الضحايا سُلمت إلى ذويها، وأنّ من المخطط تسليم جميع الجثامين إلى الأهالي خلال اليوم، وأشار إلى أن أحداً من العمال في المنجم لم يخرج حياً خلال الساعات الـ 12 الأخيرة، لافتاً إلى عدم تمكّن فرق الإنقاذ من الوصول إلى قسمين داخل المنجم، يعتقد بوجود عمال عالقين فيهما.
وأكد يلدز عزمه على إعلام الرأي العام بجميع التفاصيل المتعلقة بحادثة المنجم.
وكانت الحكومة التركية قد أعلنت في وقت سابق أن 787 شخصاً كانوا في المنجم عندما وقع الانفجار داخله الثلاثاء الماضي، مشيرة إلى أنه جرى إنقاذ 393 شخصاً من بينهم عدد من الجرحى.
كذلك صرّح وزير الصحة التركي، محمد مؤذن أوغلو، بأن 27 من مصابي كارثة المنجم يتلقّون العلاج في المستشفيات حالياً، وأنه من المتوقع خروج عدد منهم من المستشفيات اليوم.
وكانت عمليات الإنقاذ قد توقفت في وقت متأخر من ليلة أمس، لضرورة تفريغ المنجم من الغازات، ثم استؤنفت مرة أخرى في وقت مبكر من صباح اليوم، ولا يزال أهالي العاملين في المنجم متجمعين في موقع الحادث بانتظار أخبار عن ذويهم.
وأعلنت النيابة العامة في منطقة سوما أن 11 نائباً سيتولّون التحقيق حول الحريق، للوقوف على ملابساته، والتأكد من ادعاءات "تشغيل عمال غير مسجلين رسمياً" في المنجم.
وفي غضون ذلك، دعت أربع نقابات عمالية في تركيا إلى إضراب عام ليوم واحد اليوم الخميس احتجاجاً على الكارثة، بسبب الافتقار إلى معايير السلامة في المرافق التي كانت تديرها الدولة قبل تأجيرها لشركات خاصة.
وقال بيان للنقابات "تُرك مئات من إخواننا العاملين في سوما للموت منذ البداية من خلال إجبارهم على العمل في عمليات إنتاج تتّسم بالوحشية، من أجل تحقيق أقصى قدر من الأرباح".
وتواجه الحكومة التركية سيلاً من الانتقادات بشأن احتمال وجود إهمال، وخرجت مظاهرات في عدة مدن تركية، ووقعت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة التركية التي واجهتهم بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع، كان أشد هذه التظاهرات في أنقرة واسطنبول، في حين دعا قادة النقابات وزير العمل والطاقة إلى الاستقالة.
وذكرت وسائل الإعلام التركية أن البرلمان رفض قبل ثلاثة أسابيع تشكيل لجنة للاطلاع على سلامة المناجم في تركيا ضمن اقتراحات تقدّمت بها أحزاب المعارضة الثلاثة، رفضها حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ووعد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإطلاق تحقيق في أسباب الحادث، لكنه رفض تحميل الحكومة المسؤولية قائلاً إن "مثل هذه الحوادث تحصل"، وأضاف أردوغان بعد تفقده مكان الكارثة "لقد شهدنا أحد أكبر حوادث العمل في تاريخنا الحديث"، فيما كان أقرباء ضحايا يطالبونه بالاستقالة.
وفيما أوضح وزير العمل والأمن الاجتماعي التركي فاروق تشليك، أن المنجم تمت معاينته آخر مرة في 17 مارس/ آذار الماضي وكانت المعايير المطلوبة متوافرة فيه، قال أوكتاي بيرين أحد عمال المنجم "ليس هناك أي سلامة داخل المنجم. والنقابات ليست سوى دمى، والإدارة لا تفكر إلا في المال".
تجدر الإشارة إلى أن انفجاراً وقع عصر أول أمس الثلاثاء؛ في محوّل كهربائي بمنجم للفحم في منطقة "سوما" التابعة لولاية "مانيسا"، والتي تقع على بعد 480 كلم جنوب غرب اسطنبول وتضم عدداً من المناجم، ما أدى إلى اندلاع حريق وانقطاع التيار الكهربائي، واحتجز الحريق بدوره عمال المنجم على عمق حوالي 400 متر وعلى بعد ما بين 2.5 إلى 3 كلم من مدخل المنجم، بعدما تعطلت المصاعد التي يستخدمونها في الصعود إلى أعلى، ولا يزال الحريق مستمراً حتى اللحظة.
وأعلنت رئاسة الوزراء التركية الحداد الوطني ثلاثة أيام - ابتداءً من 13 مايو/أيار - على أرواح الضحايا الذين سقطوا في الحادث، وخلال تلك المدة تنكّس الأعلام في أنحاء الجمهورية التركية، وفي مباني ممثلياتها في الخارج.