تركيا: سجالات حادّة بين الحكومة والمعارضة على خلفيّة الاحتجاجات

11 أكتوبر 2014
أسفرت الاحتجاجات عن مقتل 35 شخصاً (سيرفت تاسديمير/الأناضول)
+ الخط -
تسبّبت الاحتجاجات التي واكبت هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، على بلدة عين العرب، شمال سورية، في تحويل تركيا إلى ساحة اقتتال، إذ تعرضت مراكز المدن لأعمال تخريب صاحبت بعض التظاهرات، التي بدأت يوم الاثنين الماضي، وقتل خلالها أكثر من 35 شخصاً، فيما أصيب ما لا يقل عن 150 آخرين، فضلاً عن إحراق 3 آلاف متجر، و260 مبنى عاماً، و190 بنكاً، و80 مبنى للأحزاب السياسية، و556 سيارة، و30 مبنى بين جمعية وسكن طلابي خاص، وكان للمدارس والمعاهد نصيب من الأضرار.

وعلى الرغم من تسابق السياسيين في الدعوة إلى التهدئة وضبط النفس، إلا أنه يبدو من خلال تصريحات كل من رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، وزعيم حزب المعارضة الرئيسي "الشعب الجمهوري"، كمال كلجدار أوغلو، بأن الخلاف ضخم بما لا يقبل الرأب.

وانتقد رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، كليجدار أوغلو، لمطالبته باستصدار تفويض للجيش التركي بشأن مدينة عين العرب السورية، متسائلاً: "هل يفعل ذلك من أجل حماية (الرئيس بشار) الأسد؟ هل الموضوع فقط عين العرب وإخوتنا الأكراد فيها؟"، مضيفاً: "لماذا صمت حزب الشعب الجمهوري وحزب آخر في البرلمان (في إشارة إلى حزب الشعوب الديمقراطي المعارض)، حيال مقتل مابين 200 ـ 250 ألف سوري؟ ما الذي تغّير الآن لكي يخرجوا عن صمتهم؟"، بحسب تعبيره.

بدوره، انتقد داوود أوغلو الزعيم المعارض، خلال حديثه للصحافيين بعد زيارته لمسؤولي أمن ولاية بينغول، شرقي البلاد، الذين أصيبوا إثر تعرضهم لمحاولة اغتيال.

وأبدى داوود أوغلو انزعاجه من تصريحات كلجدار أوغلو ودعوته إلى إعادة النظر في المذكرة التي استصدرها البرلمان في وقت سابق، والتي تسمح للقوات المسلحة التركية بالقيام بعمليات عسكرية في كل من سورية والعراق، إذ اقتضى الحفاظ على الأمن القومي ذلك.

وسخر داوود أوغلو من اقتراح الأخير قائلاً: "الاقتراح الذي تقدم به مضحك للغاية، يريد منّا أن نقوم بتصويت جديد في البرلمان من أجل استصدار تفويض جديد للجيش، لكن هذا التفويض ينحصر بالقيام بعمليات عسكرية فقط في عين العرب، حسناً لكن هذا يعني أننا سنذهب إلى البرلمان للتصويت على استخراج تفويض للجيش كلما قام داعش بشن هجوم على الحسكة، أو على حلب، أو أي قرية، أو ناحية أو مدينة سورية"، متهماً كلجدار أوغلو بأن جهوده تتركز في نقطة واحدة وهي حماية نظام الرئيس السوري، بشار الأسد.

وأضاف داوود أوغلو أن "على كلجدار أوغلو أن يعلم بأننا لا نريد رأيه، فعليه أن يصمت وألا يشتكي للمجتمع الدولي حول بلاده، وألا يمنح المحرّضين ما يحتاجونه عبر تصريحاته. لسنا بحاجة لأفكاره أو عقله ولا لأي شيء".


وأشار داوود أوغلو إلى دعوات كلجدار أوغلو لتعويض الخاسرين جراء عمليات العنف التي اندلعت، قائلاً: "ما نفعله هو أبعد حتى من أحلام كلجدار أوغلو"، مؤكداً بأن مثل هذه القوانين موجودة أصلاً.

لم يتأخر كلجدار أوغلو بالرد على داوود أوغلو، إذ لم تمضِ ساعات حتى قام بزيارة لمسؤولي مديرية أمن ولاية بينغول هو الآخر، قائلاً: "هل هذا رئيس وزراء حقاً؟ على داوود أوغلو أن يثبت نفسه قبل هذا"، مضيفاً: "هو مَن سألنا عن رأينا قبل أيام. لماذا تسألنا عن آرائنا وتعود لتقول بأننا لا نحتاج أفكاركم؟!".

وكان كلجدار أوغلو قد دعا، في وقت سابق، إلى قيام الجيش التركي بعملية محدودة ضمن الأراضي السورية، لحماية مدينة عين العرب، ومن ثم الانسحاب، وتعديل المذكرة التي استصدرتها الحكومة لقصر عمليات الجيش التركي على عين العرب، وجعل التعاون العسكري مع "الائتلاف" السوري المعارض في مجال الضربات الجوية فقط.

ويبدو أن الانقسام التركي الداخلي حول إدارة ملف الأزمة السورية والتحالف الدولي واضح تماماً، وعلى الرغم من اللقاءات المتعددة بين قيادات المعارضة سواء الكردية أو التركية ومسؤولي الحكومة، إلا أنها حتى الآن ما زالت تدور في حلقة مفرغة، بينما يتعمّق الاستقطاب في المجتمع التركي.